وفقًا لتلفزيون «آي 24 نيوز»، فبعد مرور فترة يسيرة على هجمات ال7 من أكتوبر الماضي، قام أربعة من الأكاديميين بتقديم وثيقة عنوانها ((من نظام قاتل إلى مجتمع معتدل: التحول وإعادة بناء غزة بعد حماس)) إلى مجلس الأمن القومي والكابينت.
في هذا التقرير نسلط الضوء على المباديء الرئيسية التي اقترح المؤلفون أن تشكل العمود الفقري لاستراتيجية الاحتلال في غزة من أجل تحييد خطرها كبؤرة مقاومة على نحو قابل للاستمرار.
معضلة الاحتلال
بدأ المؤلفون بعرض معضلة الاحتلال من خلال جملتين مفتاحيتين:
“أثبت السابع من أكتوبر أن إسرائيل لا يمكنها العيش بجانب نظام حماس”.
“في الوقت نفسه، يجب الاعتراف بأن غزة ستبقى فلسطينية وعربية وإسلامية”.
إذًا، فالاحتلال لم يعد يرى أن حالة التعايش مع التهديد المنضبط – إن جاز التعبير – الذي كان ممثلاً في حكم حركة حماس لقطاع الغزة قابلة للاستمرارية.
ولكن المعرفات الأساسية للغزاويين – كونهم مسلمون، فلسطينيون، وعرب – والتي توفر مادة الاستمداد الأساسية لإشعال روح الجهاد ضد المحتل، تشكل عقبات لا يمكن التخلص منها لا بمحض الإفراط في القتل والسحق، ولا عن طريق تمييع القضية عبر استهلاكها – وممثليها – في دوامة المؤتمرات – والمؤامرات! – الدولية.
وأخص مكونات الهوية الغزاوية – الإسلام – هو أخطرها على دولة الاحتلال؛ إذ يقرر الإسلام أسبقية العداوة بين المسلم واليهودي على أي اعتداء، فإذا انضمت لتلك العداوة العقدية المنشأ احتلال الأرض وسفك الدماء وغصب المقدسات، فقد حق الدفع.
ولذا يرى المؤلفون أن تحقيق أهداف الاحتلال منوط ب “إمكانية خلق الظروف التي تسمح بإعادة بناء وتحويل أمة كانت تُقاد بأيديولوجية/بإيديولوجية قاتلة”.
وذلك [عن طريق إيجاد] مؤسسات مستقرة، وثقافة فلسطينية، عربية وإسلامية، لا تُعلِّم الجهاد، وتقبل بوجود دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي”.
بمعنى آخر، توصية صريحة بتحريف الإسلام عبر إنشاء مؤسسات وكيانات وظيفية.
خلص المؤلفون إلى حزمة من المباديء الرئيسية من خلال تحليل أريعة من تجارب “إعادة التحول”، وهي التجارب التي شهدتها ألمانيا، واليابان، والعراق، وأفغانستان؛ وكذلك من خلال تحليل التغيرات في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين متذ عام (1967م).
وهذه المباديء هي:
1- “الهزيمة الكاملة شرط أساسي لنجاح التحول وإعادة البناء”
“بمعنى إنهاء القتال، تفكيك القدرات العسكرية وإزالة النظام القاتل”، وإلا فإن “إعادة البناء تحت النار محكوم عليها بالفشل”.
“في حالة حماس، الهزيمة الكاملة تعني تفكيك جيش الإرهاب التابع لحماس، وكذلك قدراته الإدارية، إلى مستوى لا يشكل فيه تهديدًا”.
“من المهم أيضًا أن يحصل مفهوم واسع في المجتمع الفلسطيني أن حماس قد هزمت”.
”يمكن البدء بتقديم “إسعافات أولية” في المناطق التي تم تطهيرها من حماس”، حتى مع استمرار نشاط الحركة في مناطق أخرى.
2- “نافذة الفرصة للتحول وإعادة البناء قصيرة، ويجب التحرك بسرعة”
و”البدء الفوري في التخطيط وإنشاء آلية فعالة ومتفق عليها لإدارة إعادة البناء، وكذلك تعزيز النظام المدني الوظيفي … ومعالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان الفلسطينيون في مناطق السيطرة الإسرائيلية على نحو يراعي عاداتهم … [وهذا يؤدي] إلى بناء الثقة أو الحد من مشاعر العداء على أقل تقدير”.
3- أساس تحقيق “التحول الناجح: تقديم أفق إيجابي للأمة المهزومة، مشروطًا بالتزامها بشروط قابلة للقياس“
“يجب أن يكون الأفق طويل الأمد لعملية التحول وإعادة البناء هو إنشاء كيان فلسطيني مستقل استقلالاً مشروطًا بشروط صارمة؛ أبرزها التعليم من أجل السلام، والابتعاد عن العنف والإرهاب، والكفاءة الأمنية والإدارية”.
و “لتحقيق هذه الشروط يُمكن البدء بمرحلة أولية من الإدارة والإشراف الخارجي … من خلال قوة دولية، تتضمن مشاركة عربية، تشارك فيها إسرائيل مباشرة أو بشكل غير مباشر”.
وشدد المؤلفون أنه لا مناص للاحتلال “من إبقاء خيار الحكم العسكري الإسرائيلي واضحًا في الخلفية”، وذلك لأنه إذا أوضحت إسرائيل مسبقًا أنها ستخرج من غزة على أي حال” سينعدم الدافع “لإيجاد بديل لحماس”.
4- “يجب أن يكون التقدم معتمدًا على تحقيق الأهداف وليس على جدول زمني صارم”
“بمجرد أن يفهم السكان أن هناك التزامًا بالخروج بحلول تاريخ معين بدون النظر إلى التقدم في عملية التحول، فإن النتيجة المتوقعة هي انهيار مشابه لما شهده الأمريكيون في أفغانستان”.
5- ”بناء الروح بجانب المادة”
“ضخ الموارد المادية في القطاع أمر ضروري، لكنه غير كفيل بوأد النوازع الجهادية”، وإنما يتم ذلك “من خلال معالجة نظم التعليم والدين والإعلام … لكن بطريقة لا تعارض السمات الثقافية الأساسية في القطاع، وإنما تتصل بها”.
6- “يعتمد التغيير على الاستمرارية”
“جميع المحاولات لإعادة البناء والتحول، وبالأخص الناجحة منها، استثمرت جهودًا كبيرة في إنشاء رواية مستمرة للأمة المهزومة … تسمح لها بالاعتماد على عناصر معينة من هويتها مع تحويل الهوية نحو اتجاه بناء وغير عنيف”.
“هكذا في الحكم (بحفظ بعض العناصر من الحكم القديم)، وفي التعليم والثقافة (ببناء رواية هوية مستمرة)، وكذلك في الجانب السياسي (بإنشاء أفق إيجابي للأمة المهزومة وإعادة دمجها في النظام الإقليمي والعالمي)”.
7- يتطلب التحول الناجح اتخاذ قرارات براغماتية، بما في ذلك تجاه أفراد النظام القديم
“يجب إزالة الطبقة القيادية والإدارية العليا في حماس ومن لديهم دم على أيديهم من السلطة، وإظهار المرونة في دمج الطبقة الوسطى وما دونها، “التكنوقراط”، إلى جانب عشرات الآلاف من الموظفين من السلطة الفلسطينية الذين عملوا في القطاع حتى اندلاع الحرب”.
“من يكون على استعداد لقبول التزامات الحكومة الجديدة لن يتضرر بل سيكافأ؛ ومن يواصل طريق الإرهاب سيعاقب بشدة”.
8- “الاستعداد العقلي والعملي” لإمكانية الفشل.
فعملية التحول وإعادة البناء معقدة، ولهذا ينبغي تجهيز خطط بديلة.
اترك تعليقاً