هل يقدر (لبنان) على إقصاء (حزب الله)؟!

GkZ m cXIAAZF2C

❞ إن إضعاف حزب الله إلى الأبد ستظل عملية محفوفة بالمخاطر وقد تستغرق سنوات، ولكن لمرة واحدة، يمكن تحقيق هذا الهدف، وإذا استجمع قادة لبنان الإرادة السياسية، فبإمكانهم وضع الحزب في مكانه، والسؤال الوحيد هو ما إذا كانوا يمتلكون القدرة على ذلك❝.

“هل نهاية حزب الله .. تقود إلى لبنان أفضل”؟ مقال نشر مؤخرا في مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية، كتبته “حنين غدار” وهي زميلة في برنامج فريدمان في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومؤلفة كتاب “حزب الله: رسم خرائط الضاحية والطائفة الشيعية في لبنان”.

يتناول المقال بشكل أساسي الفرصة السياسية المتاحة أمام القوى اللبنانية، وبدعم إقليمي ودولي، للحد من نفوذ “حزب الله”، وطي صفحته كقوة مسيطرة آمرة وناهية في الشأن اللبناني، وذلك بعد الضربات القوية التي تعرض لها الحزب، سواء في بنيته العسكرية وتسليحه، أم في بنيته السياسية بقتل كبار قياداته وعلى رأسهم زعيم الحزب حسن نصرالله.

يرى المقال أن مستقبل حزب الله يعتمد بشكل كبير على سرعة حركة الدولة اللبنانية لإعادة تنظيم الجنوب وقطع مصادر تمويل الحزب، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في 1447ه (مايو 2026)، وفي حال نجح المسؤولون في تنفيذ خططهم، قد يشهد الحزب هزيمة انتخابية قاسية تدفعه نحو مزيد من الضعف، وإن لم تنجح هذه المحاولات فقد يستعيد الحزب بعض قوته مجددا.

GkZ wL4XcAAIG2P

نص المقال:

❞بالنسبة لـ “حزب الله”، فإن هذه أوقات عصيبة للغاية، فبعد عقود من كونه المنظمة السياسية والعسكرية المهيمنة في لبنان، يبدو أن الحزب الآن في حالة من الذهول أو الترنح، فخلال الحرب التي استمرت عاماً كاملاً مع إسرائيل، خسر الحزب الكثير من بنيته التحتية العسكرية، وتم القضاء على الصفوف الأولى من قيادته، وفي 1446ه (نوفمبر 2024م)، وقّع الحزب، الذي أنهكته الحرب والضربات، اتفاقًا لوقف إطلاق النار مع إسرائيل وسحب قواته من جنوب لبنان، وهو المعقل التقليدي لحزب الله، وبعد فترة وجيزة، سقط نظام بشار الأسد في سوريا، مما أدى إلى قطع خطوط الإمداد بين الحزب وراعيه الرسمي إيران، والآن، يواجه حزب الله أيضًا خطر فقدان دعم الشيعة اللبنانيين الذين يشكلون قاعدته المحلية.

وكما هو الحال عادة، فإن خسارة حزب الله تُعتبر مكسبًا للبنان، وفي الواقع، فإن تدهور الحزب يمنح المسؤولين اللبنانيين فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر لإعادة تأكيد وجودهم واستعادة دولتهم الفاشلة، ويبدو أن بعض القادة اللبنانيين على الأقل مستعدون لاستغلال هذه الفرصة، فالرئيس المنتخب حديثاً جوزيف عون، القائد السابق للقوات المسلحة اللبنانية، قال إن القوات الحكومية ستعود إلى البلدات الجنوبية، كما وعد بأن يقوم حزب الله بنزع سلاحه نهائيًا، ليتحول إلى حزب سياسي عادي بدلاً من كونه دولة ظل ذات جيش كامل، كما وعد رئيس الوزراء اللبناني المنتخب حديثًا، نواف سلام، بنزع سلاح حزب الله وإعادة بسط سلطة الدولة اللبنانية، وقد يبشر عون وسلام معًا بعهد جديد لبلدهما وأهله الذين عانوا طويلًا.

لكن على الرغم من تراجع حزب الله، إلا أنه لم يسقط بعد، إذ يسيطر التنظيم وحلفاؤه حاليًا على 53 مقعدًا في البرلمان اللبناني المكوّن من 128 عضوًا، وهو ما يكفي للتأثير على القرارات المهمة، وإذا تمكنوا من التحالف مع كتل نيابية أخرى، فسيكون لديهم أغلبية المقاعد، ولدى الحزب القدرة على مهاجمة أو تهديد النواب الذين لا يمتثلون لرغباته، وكذلك الجهات الفاعلة المحلية الأخرى التي تقف في طريقهم، ولا ينبغي لأحد أن يفاجأ إذا لجأ “حزب الله” إلى مثل هذا الترهيب، وإذا كان لديه أي أمل في إعادة بناء قوته، سيحتاج الحزب إلى السيطرة على الدولة.

يمكن لـ “عون” و “سلام” وحلفائهما منع “حزب الله” من استعادة زمام الأمور، لكنهم سيحتاجون إلى التحرك بسرعة، بينما لا يزال الحزب في حالة من الذهول، وسيتعين عليهم التأكد من أن المؤسسات اللبنانية المستقلة، وليس “حزب الله”، هي المسؤولة عن إعادة بناء جنوب البلاد، وسيحتاجون إلى حكومة ومصرف مركزي وقضاء لا يخضعون لأي تأثير من الحزب، وسيحتاجون إلى أن يوضح البرلمان أخيرًا أن “حزب الله” ليس له دور في الدفاع عن البلاد، وإذا نجحوا، فقد يتلقى “حزب الله” هزيمة انتخابية ساحقة في الانتخابات البرلمانية في 1447ه (مايو 2026م)، مما سيؤدي إلى تراجعه، ولكن إذا فشلوا في ذلك، سيبدأ الحزب في إعادة تجديد نفسه مرة أخرى.

رهان سيئ

بدأت حرب “حزب الله” الأخيرة مع إسرائيل بعد وقت قصير من 22 ربيع الأول 1444ه (7 أكتوبر 2023م)، عندما شنت حماس هجومها، ولدعم حليفها في غزة، بدأت المنظمة اللبنانية في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بمجرد أن تحرك الجيش الإسرائيلي إلى داخل القطاع، بالنسبة إلى “حزب الله” (ورؤسائه الإيرانيين)، كانت هذه فرصة نادرة لـ “حزب الله” للتقدم جنوبًا أكثر مما كان عليه الحال منذ سنوات، وكذلك لدفع إسرائيل إلى وقف ضرب حماس.

لم ير قادة “حزب الله” جانبًا سلبيًا كبيرًا لهذه الهجمات، فقد افترضوا أن الجيش الإسرائيلي، المنشغل بغزة، سيرغب في تجنب التصعيد في الشمال، خاصة بالنظر إلى إمدادات الحزب الهائلة من الصواريخ المتطورة، ولكن ثبت عدم صحة هذا الافتراض، ففي 19 سبتمبر، فَعلَت إسرائيل متفجرات كانت قد زرعتها داخل آلاف أجهزة الاتصال المحمولة (البيجر) التي يستخدمها عناصر “حزب الله”، وأدى الهجوم إلى مقتل 70 وإصابة ما لا يقل عن 3000 من كبار مقاتلي وقادة الحزب، بعد ذلك، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في تحديد موقع القيادة العليا للحزب واغتيالها، فقد قتلت “إبراهيم قبيسي”، قائد قوة الصواريخ في الحزب، واغتالت جميع مؤسسي حزب الله الثلاثة الباقين على قيد الحياة: “فؤاد شكر” و “علي كركي” و “إبراهيم عقيل”، وفي 27 سبتمبر، قتلت “حسن نصر الله” زعيم حزب الله.

كانت وفاة “حسن نصر الله” ضربة قاصمة لـ “حزب الله”، فعلى مدار 40 عامًا، حوّل “نصر الله” المنظمة إلى قوة لا يستهان بها، فقد قاد الحزب لإخراج إسرائيل من جنوب لبنان في العام 1420ه (2000م)، وحقق انتصارًا في عام 1427ه (2006م)، وحوّله إلى لاعب إقليمي بارز، ولا يمكن لأحد آخر أن يضاهي مكانته، أما القلة من القيادات والمؤهلة لخلافته “نصر الله”، فقد قتلوا على يد إسرائيل أيضًا، وفي الأخير لم يبق إلا نائب الأمين العام “نعيم قاسم”، الذي تم تعيينه قائدًا جديدًا للحزب، لكن “قاسم” ليس صاحب الكاريزما أو الشعبية أو الدهاء كسلفه، وليس لديه خطة واضحة لإعادة بناء التنظيم، ونتيجة لذلك، تراجعت معنويات أفراد الحزب. كما بدأت تظهر انقسامات داخل مجلس شورى حزب الله، المسؤول عن اتخاذ القرارات العسكرية والأمنية والسياسية بالتنسيق مع طهران.

حزب الله عبء على طهران.

لا تقتصر خسائر “حزب الله” على قيادته، فعندما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان، فقدت المنظمة مئات الجنود وآلاف الأسلحة، ووفقًا للجيش الإسرائيلي، فقد الحزب 80% من صواريخه الدقيقة والبعيدة المدى، حيث انخفض عدد صواريخه من 5000 صاروخ إلى أقل من 1000 صاروخ، وانخفض مخزون الحزب من 44,000 صاروخ قصير المدى إلى ما يقرب من 10,000 صاروخ، ولا يزال “حزب الله” يحتفظ بالكثير من ترسانته من الأسلحة الخفيفة، وأكثر من 10 آلاف مقاتل نظامي، وعدد أكبر بكثير من جنود الاحتياط، ولكن بدون إدارة رشيدة وقادة مدربين، سيجد التنظيم صعوبة في تحقيق الكثير على الساحة الدولية.

وبطبيعة الحال، سيحاول “حزب الله” مرة أخرى أن يصبح قوة إقليمية، لكن القيام بذلك سيكون صعبًا، وليس فقط لأنه سيبدأ من وضع ضعيف، بل أيضًا لأن سقوط نظام “الأسد” يعني فقدان حليف أساسي، ففي عهده، استطاع “حزب الله” جني مليارات الدولارات من تجارة مخدر الكبتاجون، أما الآن، فمن المرجح أن يتم تقليص إنتاج المخدرات وتهريبها، والأهم من ذلك أن انهيار نظام “الأسد” جعل من الصعب على إيران إرسال الموارد إلى الحزب، فبدون الوصول إلى سوريا، سيحتاج “حزب الله” إلى تهريب الشحنات عبر الموانئ والمطارات اللبنانية، لكن هذه الآن تخضع لمراقبة صارمة من قبل القوات المسلحة اللبنانية والولايات المتحدة، وقد منع نظام التفتيش هذا بالفعل العديد من الوفود الإيرانية من دخول البلاد، ومن المرجح أن يوقف المزيد منها في السنوات المقبلة.

وقد تكون إيران أيضًا أقل ميلاً لمساعدة صديقها المتعثر، إذ أن النكسات العسكرية المحرجة جعلت التنظيم أضعف وأقل فائدة، كما تشعر الجمهورية الإسلامية بالقلق إزاء مدى اختراق عملاء الاستخبارات الإسرائيلية لحزب الله. وإذا كان هناك أي شيء، فإن “حزب الله” قد يكون الآن عبئاً على طهران.

الجبهة الداخلية

تضاءلت قوة “حزب الله” الإقليمية إلى حد كبير، ومع ذلك لا يزال التنظيم يحتفظ بنفوذه داخل لبنان، ومن المحتمل أن يبذل قصارى جهده في الأشهر المقبلة لتوسيع سيطرته محليًا، وسوف يعمل الحزب، جزئياً، من خلال ممثليه المنتخبين، ويدفع البرلمان اللبناني إلى إجراء تعيينات عسكرية وأمنية ومالية وقضائية يرتضيها، وسيرغب حزب الله، على وجه الخصوص، في اختيار قائد الجيش المقبل، الذي سيشرف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بحيث لا يجبر الحزب على تسليم سلاحه (كما ينص الاتفاق)، كما سيحرص على أن الرئيس المقبل لمديرية الأمن العام اللبناني ينسق مع مدير الأمن العام اللبناني “وفيق صفا” الذي يشغل منصب مدير الأمن العام في “حزب الله”. وسيرغب في أن يسيطر الحاكم المقبل للبنك المركزي ووزير المالية على خزائن الدولة نيابة عن الحزب، وسيسعى بشكل عام إلى السيطرة على قرارات الدولة الاقتصادية، وسيرغب “حزب الله”، على وجه الخصوص، في الحفاظ على اقتصاد الظل في لبنان، الذي يساعده على جمع التبرعات.

لكن “حزب الله” سيلجأ أيضًا إلى إجراءات غير قانونية، إذ لا يزال يملك العديد من الأسلحة التي يمكن استخدامها لتهديد المسؤولين الذين لا يرضخون لمطالبه، واستخدام هذه الأسلحة يتماشى مع سوابق الحزب، على سبيل المثال، عندما سحبت سوريا قواتها من لبنان في عام 1426ه (2005م)، قام حزب الله بسلسلة من عمليات الاغتيال لضمان أن رحيل “الأسد” لن يضعف موقفه، فاغتال رئيس الوزراء السابق “رفيق الحريري” واغتال شخصيات سياسية أخرى، بما في ذلك وزير الاقتصاد السابق “محمد شطح”، والصحفي “سمير قصير،” ووزير الصناعة “بيار أمين الجميل”، كما أشعل العديد من الاشتباكات في الشوارع، وتحول “حزب الله” من جيش إلى ميليشيا.

ومع ذلك، قد لا يكون من اليسير على “حزب الله” الآن أن يقوم بالترهيب والتهديد كما كان يفعل في السابق، فقد حققت القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية اللبنانية تقدمًا على الحزب، متحدية هيمنته، كما أن الجيش اللبناني أصبح أقل عرضة للانقلاب مما كان عليه من قبل، خاصةً في ظل مراقبة الولايات المتحدة له، وفي الوقت نفسه، سيكون لدى “حزب الله” أسباب داخلية تدفعه إلى الاعتدال، فخلال الحرب الأخيرة، لجأ الشيعة اللبنانيون خلال الحرب الأخيرة إلى بيوت مسيحيي لبنان والمسلمين السنة، وإذا كافأ “حزب الله” هاتين الطائفتين بتهديدهما أو مهاجمتهما، فقد يؤدي ذلك إلى رد انتقامي معادٍ للشيعة، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى خسارة حزب الله للدعم الشيعي، وهو ركن أساسي من أركان قوته.

في الواقع، ربما يكون الدعم الشيعي لـ “حزب الله” قد بدأ يتآكل بالفعل، فالعقد الاجتماعي بين الحزب والطائفة، حيث يوفر الأول للأخيرة الأمن والتمكين السياسي والخدمات، بينما يوفر الثاني للأول المجندين والأصوات، كان على أرضية غير مستقرة لأكثر من عقد من الزمن، وقد ظهرت التصدعات لأول مرة في عام 1432ه (2011م)، عندما بدأ “حزب الله” في الإنفاق بكثافة لمساعدة “الأسد” من أجل الانتصار في الحرب الأهلية السورية بدلاً من مساعدة ناخبيه، وازداد التوتر في عام 1420ه (2019م)، عندما دفع الغضب من الانهيار الاقتصادي في البلاد (الناجم عن الفساد) بعض الشيعة اللبنانيين إلى النزول إلى الشوارع مع الطوائف اللبنانية الأخرى والهتاف من أجل التغيير، وقد بلغ الأمر إلى مدى أكبر من التصاعد في الأزمة اليوم، وذلك بعد أن قامت إسرائيل بتدمير البلدات والقرى الشيعية وقتل الآلاف من الناس.

وفي أعقاب هذا الدمار، قد يقرر بعض الشيعة التمسك أكثر بـ “حزب الله”، على أمل أن يتمكن الحزب من توفير الأمان الذي يحتاجونه بشدة، لكن آخرين سيفهمون أن التنظيم هو في الواقع مصدر الخطر، فخلافًا لما كان عليه الحال في الثمانينيات والتسعينيات، عندما كان يقاتل الاحتلال الإسرائيلي، فإن “حزب الله” أصبح الآن الطرف المعتدي، فقد هاجم إسرائيل، وأدخل لبنان في حرب لم يسعَ إليها أحد غيره، ثم خسر، وأصبح ضعيفا، وستتضح هذه الحقيقة أكثر فأكثر للشيعة بينما يحاولون إعادة البناء ويجدون أن “حزب الله” غير قادر على تقديم التعويضات، وبالفعل، لم يحصل العديد من أنصار الحزب حتى الآن على أي من أموال إعادة الإعمار التي وعدهم بها الحزب.

GkaBN9eXMAA84XD

الرئيس اللبناني ( جوزيف عون ) ورئيس الوزراء ( نواف سلام ) ورئيس البرلمان ( نبيه بيري).

إنهاء المهمة

في مساره الحالي، يتجه “حزب الله” إلى تصفية حساباته الانتخابية، ولكن لضمان تراجعه، سيتعين على “عون” و “سلام” قطع الأموال عنه خلال العام المقبل ومكافحة مكائده السياسية.

وهذا يعني، أولاً وقبل كل شيء، حرمان الحزب من دور في إعادة بناء جنوب لبنان، ففي عام 1427ه (2006م)، كما هو الحال اليوم، خاض “حزب الله” حربًا مع إسرائيل، والتي تركت الجنوب اللبناني في حالة خراب وأثار تساؤلات خطيرة حول الحزب، لكن إيران أغرقته بعد ذلك بالمال وساعدته على تولي مسؤولية إعادة الإعمار وبالتالي إصلاح سمعته، واليوم، تفتقر إيران إلى الأموال اللازمة لمساعدة “حزب الله” بالطريقة نفسها، مما يمنح الدولة اللبنانية فرصة للإشراف على العملية برمتها، ويجب أن تغتنمها، يجب أن يذهب كل قرش من المساعدات من الحكومة مباشرة إلى المستفيدين، وليس من خلال مجلس الجنوب أو أي هيئات أخرى يهيمن عليها “حزب الله” ومن خلال القيام بذلك، يمكن لـ “عون” و “سلام” أن يثبتا للشيعة أنهم ليسوا بحاجة إلى “حزب الله” لحمايتهم، ويمكنه أن يثبت أن الشيعة هم أيضاً مواطنون لبنانيون، وأن مؤسسات الدولة اللبنانية قادرة على حمايتهم.

وسيحتاج “عون” و “سلام” أيضًا إلى إحباط جهود “حزب الله” في اختيار قائد الجيش المقبل وحاكم المصرف المركزي ومدير الأمن العام وشغل مختلف المناصب القضائية العليا، وبالمثل، يجب على الحكومة المقبلة أن تحرص على أن يكون بيانها الوزاري، حيث تحدد سياسة الدولة واستراتيجيتها، متماشياً مع تعهدات “عون” ويجب على الحكومة أن تستبعد مسؤولي “حزب الله” والمنتسبين إليه من المناصب المهمة، وأن تدفع القضاء إلى محاسبة الحزب إذا استخدم سلاحه ضد الشعب اللبناني، وإذا امتنع مجلس النواب عن القيام بذلك، فلدى “عون” و “سلام” السلطة الدستورية والالتزام الأخلاقي، لتشكيل حكومة من دون موافقة المجلس.

يجب على الجهات الدولية الفاعلة مساعدة الرئيس ورئيس الوزراء، فالضغط الخارجي يمكن أن يضمن ألا يعلن البيان الوزاري -كما يفعل عادةً- أن أمن لبنان يعتمد في جزء منه على “المقاومة”، وهي إشارة إلى “حزب الله” وينبغي على الجهات الدولية الفاعلة، وخاصة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، الإصرار على مراقبة عملية إعادة الإعمار، وعلى هاتين الدولتين أن تضغطا على شركائهما المحليين لملء الشواغر الحكومية بأشخاص ملتزمين بمواجهة “حزب الله” وإذا توانى لبنان، يمكن لواشنطن أن تهدد بفرض عقوبات على المسؤولين المتعنتين وحجب المساعدات، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى حثّ لبنان على الامتثال، إذ لا يمكن للبنان أن يتحمّل قطع المساعدات.

إن إضعاف “حزب الله” إلى الأبد ستظل عملية محفوفة بالمخاطر وقد تستغرق سنوات، ولكن لمرة واحدة، يمكن تحقيق هذا الهدف، فقد عاد “حزب الله” من سيرته الأولى كـ “ميليشيا” وليس كـ “جيش”، وهو مقطوع عن الدعم الدولي، ويكافح من أجل الحفاظ على الدعم المحلي، فالقوات المسلحة اللبنانية قادرة على ضمان النظام بطرق لا يستطيع “حزب الله” الآن القيام بها، وإذا استجمع القادة اللبنانيون الإرادة السياسية، فبإمكانهم وضع الحزب في مكانه، والسؤال الوحيد هو ما إذا كانوا يمتلكون القدرة على ذلك❝.

نقلا عن الباحث حسن قطامش.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا