تحصل القوات المسلحة النيجيرية على مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية

نيجيريا

في أواخر شهر ديسمبر، شنَّت طائرة عسكرية نيجيرية غارة جوية استهدفت قريتين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة مدنيين وإصابة عدد كبير آخر.

تُعَدُّ هذه الضربة الجوية في شمال غرب نيجيريا الأحدث في سلسلة طويلة من الهجمات الخاطئة المميتة التي نفذتها الحكومة النيجيرية، وهي إحدى أوثق حلفاء الولايات المتحدة في أفريقيا، والمستفيد الأكبر من مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية، بما في ذلك الطائرات الحربية والقنابل.

وقد وجَّه نواب أميركيون انتقادات للحكومتين الأميركية والنيجيرية بسبب تكرار سقوط الضحايا من غير المقاتلين، مطالبين بمزيد من المساءلة، وتشديد الحماية للمدنيين، وفرض قيود على مبيعات الأسلحة الأميركية. وكانت النائبة سارا جاكوبس، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، من أبرز الأصوات الداعية إلى ذلك، حيث دأبت على مطالبة إدارة بايدن بإلغاء صفقة مروحيات هجومية مع نيجيريا تقارب قيمتها المليار دولار.

للقوات المسلحة النيجيرية سجلٌّ طويل في استهداف المدنيين خلال معاركها ضد المسلحين و”قطاع الطرق”، وقد دأبت على نفي مسؤوليتها عن الغارات الجوية التي أودت بحياة الأبرياء. وكثيرًا ما وُجِّهت إليها اتهامات بمحاولة التستر على مقتل المدنيين، بما في ذلك إدارتها لما وصفه تحقيق أجرته صحيفة “بريميوم تايمز” النيجيرية عام 1444ه (2023م) بـ”مخطط دعائي منهجي يهدف إلى طمس الفظائع التي يرتكبها جنودها وإخفائها عن الأنظار”.

لطالما أثارت الولايات المتحدة قضية سقوط الضحايا المدنيين مع الحكومة النيجيرية. ففي العام الماضي، وعلى إثر الهجوم الذي وقع في 1445هـ (ديسمبر 2023م) بولاية كادونا وأودى بحياة أكثر من 120 مدنيًا، ناقش وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، هذه المسألة مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو، وفق ما أفادت التقارير.

وعندما طُلب من وزارة الخارجية الأميركية توضيح الإجراءات التي ستتخذها في حال استمرار الجيش النيجيري في قتل المدنيين، عقب زيارة بلينكن، اكتفت مساعدة وزير الخارجية لشؤون أفريقيا، مولي في، بالقول: “لن أخوض في الافتراضات”.

وخلال الفترة بين عامي 1441-1443هـ (2000 و2022م)، قدّمت الولايات المتحدة أو يسّرت أو وافقت على مساعدات أمنية بقيمة تزيد على ملياري دولار لنيجيريا، شملت مبيعات أسلحة ومعدات، وفقًا لتقرير صادر عن مركز دراسات حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية بجامعة براون، ومراقب المساعدات الأمنية التابع لمركز السياسات الدولية، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن. وشملت هذه المساعدات تسليم 12 طائرة حربية من طراز “سوبر توكانو”، ضمن صفقة بلغت قيمتها 593 مليون دولار، أقرتها وزارة الخارجية الأميركية عام 1438ه (2017م)، وتضمنت أيضًا صواريخ وقنابل.

وخلال تلك السنوات، تسببت مئات الغارات الجوية النيجيرية في مقتل آلاف المدنيين. ففي عام 1438ه (2017م)، استهدفت غارة جوية مخيمًا للنازحين في مدينة ران، مما أدى إلى مقتل أكثر من 160 مدنيًا، كان كثير منهم من الأطفال. وكشف تحقيق لاحق أجراه موقع “ذي إنترسبت” أن الهجوم ورد ذكره في وثيقة عسكرية أميركية سرية سابقة باعتباره جزءًا من “عمليات أميركية-نيجيرية مشتركة”.

منذ ذلك الحين، لم تتوقف الهجمات الجوية على المدنيين. ففي 1443ه (سبتمبر 2021م)، أقرت القوات الجوية النيجيرية باستهدافها إحدى القرى، مما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين وإصابة عشرين آخرين. وفي أبريل من العام نفسه، شنت مروحية عسكرية نيجيرية، وفق التقارير، هجمات عشوائية على منازل ومزارع ومدرسة. كما أدى قصف جوي نيجيري استهدف قرية في النيجر المجاورة في 1443ه (فبراير 2022م) إلى مقتل ما لا يقل عن 12 مدنيًا، تلاه هجوم آخر في أغسطس من العام ذاته أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية مدنيين.

وفي 1444ه (ديسمبر 2022م)، أكد شهود ومسؤولون محليون أن غارة جوية أودت بحياة ما لا يقل عن 64 شخصًا، بينهم مدنيون. وفي 1444ه (يناير 2023م)، تسببت ضربة جوية أخرى في مقتل 39 مدنيًا وإصابة ما لا يقل عن ستة آخرين. أما في 1445ه (ديسمبر 2023م)، فقد قُتل أكثر من 120 قرويًا أثناء “احتفالهم بذكرى المولد النبوي”، في هجوم على ولاية كادونا، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.

وكشف تحليل أجرته وكالة “رويترز” عام 1444ه (2023م)، استنادًا إلى بيانات مشروع موقع بيانات النزاع المسلح والأحداث، وهو منظمة أميركية ترصد العنف المسلح، أن أكثر من 2600 شخص لقوا حتفهم خلال 248 غارة جوية نُفذت خارج مناطق القتال الأكثر نشاطًا في نيجيريا خلال السنوات الخمس السابقة. وقد صُنِّف معظم الضحايا ضمن فئة “الميليشيات المجتمعية”، وهي تسمية عامة تشمل قوات الدفاع المحلية، والعصابات الإجرامية، و”قطاع الطرق”.

وفي أبريل الماضي، أسفرت غارة جوية نيجيرية على قرية في شمال غرب البلاد عن مقتل 33 مدنيًا، في حين أدى هجوم آخر في سبتمبر بولاية كادونا إلى مقتل 24 شخصًا.

امتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن الإجابة على الأسئلة المتعلقة بمدى متابعتها للأسلحة الأميركية المنقولة إلى نيجيريا. كما أنها، على مدى تسعة أشهر، لم تقدم ردًّا جوهريًا بشأن الإجراءات التي اتُّخذت أو ستُتخذ، بعدما بات استمرار نيجيريا في قتل المدنيين واقعًا ملموسًا وليس مجرد “افتراض”.

ودعت النائبة سارا جاكوبس، ممثلة ولاية كاليفورنيا، إلى مزيد من المساءلة من قبل أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة في غرب أفريقيا، قائلة: “أحثّ الحكومة النيجيرية على اتخاذ خطوات عملية للحد من الأضرار وتعزيز الشفافية، بدءًا من استكمال التحقيق في هذا الحادث ونشر نتائجه علنًا، إلى الإفصاح عن تقرير التحقيق المتعلق بالغارة الجوية على كادونا في 1445ه (ديسمبر 2023م)، وصولًا إلى تبنّي وتنفيذ خطة عمل للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين والاستجابة لها”.

الإنترسبت.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا