في ضوء تقرير جديد، يتحدث اللاجئون في بنغلاديش عن قصص مروعة عن الاغتصاب وإطلاق النار على أيدي المتمردين وقوات المجلس العسكري.
رَوَتْ امرأة من الروهينجا لموقع “بنار نيوز” أنّها تعرّضت لاغتصاب على يد مسلّحين من جيش أراكان في ولاية راخين بميانمار، بعد أن قَتَلوا ثلاثةً من أقاربها، مما اضطرّها إلى الفرار نحو مخيّمٍ للاجئين في بنغلاديش.
وأوضحت المرأة، التي فضّلت عدم الكشف عن هويّتها لدواعٍ أمنيّة ولم تظهر في هذا التقرير، أنّها اعتادت سماع دويّ القنابل وأصوات إطلاق النار، لكنّها لم تتوقّع يومًا أن تكون ضحيّةً مباشرةً لهذا العنف.
قالت: “في صباح أحد أيّام أغسطس، استيقظتُ على طرقٍ عنيفٍ على الباب. وما إن فتحته حتى اقتحمت مجموعة من جيش أراكان المنزل، فركلوني أرضًا واعتدوا عليّ جسديًّا وتحرّشوا بي أمام أفراد عائلتي، قبل أن يذبحوا والد زوجي وشقيقيه ويسحبوا جثثهم خارج المنزل.”
وأضافت أنّ زوجها تمكّن من الفرار من قبضة المهاجمين.
وتابعت قائلة: “رغم أنّ قريتنا كثيرًا ما تقع بين نيران الاشتباكات بين جيش أراكان والجيش الميانماري، لم يخطر ببالي يومًا أن يطرق هذا الصراع باب منزلي.”
كانت هذه المرأة من بين ما لا يقلّ عن 60,000 من الروهينجا الذين عبروا الحدود إلى جنوب شرق بنغلاديش منذ 1445هـ (أواخر عام 2023م)، طلبًا للّجوء هربًا من المعارك الدائرة بين متمرّدي جيش أراكان (AA) والقوّات العسكريّة المرتبطة بالمجلس العسكري البورمي.
وقد كُشف عن حوادث العنف الجنسي والانتهاكات الأخرى ضد الروهينجا في تقريرٍ نُشر هذا الأسبوع من قِبل “فرقة العمل المعنيّة بميانمار”، وهي تحالف يضمّ 38 منظّمةً إسلاميّةً من الولايات المتحدة وكندا بقيادة “العدالة للجميع”.
وأشار التقرير إلى أنّ القوّات العسكريّة والمتمرّدين من جيش أراكان استهدفوا الروهينجا، حيث أقدم المتمرّدون في بعض الحالات على قتل الروهينجا بينما تركوا غيرهم من سكّان القرى غير الروهينجا دون أن يمسّوهم بأذى. كما استخدم جيش أراكان الروهينجا دروعًا بشريّة في معاركه مع الجيش.
وجاء في التقرير، مستندًا إلى مقابلات أُجريت في مخيّمات بنغلاديش: “يستهدف جيش أراكان الفتيات بشكلٍ خاصٍّ للاعتداء الجنسي. بعض النساء كنّ على درايةٍ بضحايا الاغتصاب، فيما سمع معظمهنّ عن وقوع مثل هذه الحوادث.”
تحدّثت امرأة الروهينجا إلى مراسل “بنار نيوز” في مخيّم جاديمورا بمنطقة تيكناف، إحدى نواحي كوكس بازار، عن المأساة التي دفعتها إلى اللجوء في بنغلاديش.
قالت: “فقدتُ الوعي أثناء الاعتداء، وعندما استعدتُه رأيتُ قريتي وقد أُزيلت عن وجه الأرض، والنيران تلتهم ما تبقّى منها.” وأضافت: “انطلق من تبقّى من أهل القرية على قيد الحياة، مثخنين بالجراح، في رحلةٍ محفوفةٍ بالمجهول نحو حدود بنغلاديش، وقد اصطحبوني معهم.”
سِرْتُ مع القافلة ثلاثة أيّامٍ عبر التلال الوعرة والسهول الموحِلة والغابات الكثيفة، وأثناء الطريق رأيتُ مئات الجثث مبعثرةً بين الأشجار أو طافيةً على سطح المياه.”
وعلى الرغم من المأساة، استطاعت المرأة لمّ شملها مع زوجها في المخيّم الواقع على الجانب البنغلاديشي من الحدود.
جيش أراكان
وفي شهادةٍ أخرى، روت امرأةٌ من الروهينجا، فضّلت عدم الكشف عن هويّتها، أنّها وعائلتها أُجبروا على مغادرة منازلهم في ميانمار، ولجأوا إلى مبنى إحدى المدارس. قالت: “في يومٍ من أيّام أغسطس، اقتحم جيش أراكان ساحة المدرسة، وفصل الفتيات الصغيرات عن عائلاتهنّ واقتادهنّ إلى وجهةٍ مجهولة، تاركًا أسرهنّ يتخبّطن في الظلام بحثًا عن مصيرهنّ.”
وأضافت: “فرّت عائلتي من المدرسة خوفًا من أن أتعرّض لمصيرٍ أسوأ، بناءً على خشية زوجي”، مشيرةً إلى أنّهم وصلوا إلى المخيّم رقم 26 في كوكس بازار قبل ثلاثة أشهر.
تحدّث مراسل “بنار نيوز” مع عددٍ من النساء اللاتي وصلن حديثًا ضمن موجة النزوح الأخيرة، نتيجة الاشتباكات بين جيش أراكان والقوّات التابعة للمجلس العسكري. ويتولّى الجيش البورمي السلطة في ميانمار منذ الانقلاب الذي أطاح بحكومة أونغ سان سو تشي في 1442هـ (فبراير 2021م).
يُعَدّ جيش أراكان (AA)، وهو جماعة متمرّدة تخوض صراعًا مسلّحًا مع الجيش، مدعومًا من الغالبيّة البوذيّة في ولاية راخين، وقد وُجّهت إليه اتّهاماتٌ بارتكاب انتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان ضدّ شعب الروهينجا.
استعادت أُفْلَتُون خاتون، وهي امرأةٌ من الروهينجا في الستّين من عمرها لجأت مؤخرًا إلى مخيّم بالوبارا في أوخيا، ذكريات فقدانها لمواشيها، قائلةً:
“تعرّض قطيعي، المكوّن من ثلاثة عشر جاموسًا، لهجومٍ بطائرةٍ مُسيّرة في سبتمبر، فقُتل بأكمله.” وأضافت: “راح العديد من القرويّين ضحايا لهذا الهجوم. لقد استخدموا الطائرات المُسيّرة لاستهداف القرى المسلمة.”
ومن جانبه، روى محمد يونس، البالغ من العمر 40 عامًا، والذي كان يقيم في مونغدو بولاية راخين قبل أن يعبر الحدود إلى بنغلاديش في 1446هـ (نوفمبر 2024م)، قائلًا:
“وصل أفراد جيش أراكان في مطلع ذلك الشهر، وهدّدوا سكّان القرية وأمروهم بعدم العودة أبدًا.”
وتابع: “بعد أيّامٍ قليلة، عادوا مرّةً أخرى، فأشعلوا النيران في القرية وأطلقوا الرصاص على كلّ من تجرّأ على البقاء.”
وأردف قائلًا: “في تلك اللحظة، شعرتُ بحاجةٍ ماسّةٍ لمغادرة منزلي برفقة زوجتي وأطفالي. لجأنا إلى الغابة، حيث بقينا ثلاثة أيّام قبل أن نتمكّن من عبور الحدود والاحتماء هنا.”
غياب الغذاء
أشار تقرير منظّمة “العدالة للجميع” إلى أنّ معاناة الروهينجا لم تنتهِ بمجرّد عبورهم إلى بنغلاديش، إذ وجد العديد من الوافدين الجدد أنفسهم دون مأوى أو غذاء.
ويُقيم ما يقارب المليون من الروهينجا في مخيّمات اللّاجئين في كوكس بازار والمناطق المحيطة بها، من بينهم 740,000 شخصٍ فرّوا من حملةٍ عسكريّة شنّها الجيش في ولاية راخين منذ 1439هـ (أغسطس 2017م).
قال محمد ميزانور رحمان، مفوّض مكتب شؤون اللاجئين والإغاثة وإعادة التوطين، إنّ الحكومة البنغلاديشيّة تعمل على حصر أعداد اللاجئين الجدد في المخيّمات، وقد طلبت تقديم المساعدة لهم.
وأضاف في حديثه لـ”بنار نيوز”: “قدّمنا بيانات حصر الأعداد لبرنامج الأغذية العالمي، الذي بدأ بتوفير الدعم الغذائي للروهينجا الوافدين حديثًا.”
إذاعة آسيا الحرة.
اترك تعليقاً