ستُثير هذه العودة تساؤلاتٍ حول آفاق رجوع مسلمي الروهينجا من بنغلاديش.
عاد نحو خمسة آلاف نازح داخلي إلى بلدة مونغداو الحدودية غربي ميانمار، وذلك عقب استكمال الجماعة المتمردة التي سيطرت عليها من الجيش تأمينها، وفق ما أفاد به بعض العائدين لراديو آسيا الحرة يوم الأربعاء.
وتُعدّ عودة المدنيين إلى ديارهم مؤشرًا واضحًا على الاستقرار الذي فرضه جيش أراكان المتمرد (AA) في المنطقة الحدودية مع بنغلاديش، والتي استولى عليها الشهر الماضي.
كما تُثير هذه العودة تساؤلات حول إمكانيات رجوع قرابة مليونٍ من مسلمي الروهينجا الذين فرّوا عبر النهر الحدودي إلى بنغلاديش هربًا من الاضطهاد.
وقال أحد سكان مونغداو العائدين: “لقد منحنا جيش أراكان الإذن بالعودة إلى البلدة بعد أن أزال الألغام.” وأضاف: “بحسب ما نعلم، فقد عاد نحو ألفي شخص من عرقية الراخين وثلاثة آلاف مسلم.”
وقد حاول راديو آسيا الحرة الاتصال بالمتحدث باسم جيش أراكان، كاينغ ثو كا، للاستفسار عن الوضع في مونغداو، لكنه لم يرد.

سكان مونغداو النازحون يستقلون قاربًا في طريق عودتهم إلى ديارهم في يناير 2025.
يسيطر جيش أراكان (AA) حاليًا على نحو 80% من ولاية راخين، وقد استولى على بلدة مونغداو في السادس من ديسمبر، وبدأ بالسماح للسكان بالعودة مطلع هذا الشهر بعد إحكام قبضته على المنطقة والحدود المجاورة.
وأفاد السكان بأن القتال خلّف دمارًا واسعًا في المنازل، مما جعل العائدين بحاجة ماسة إلى الغذاء والملابس والمساعدة في إعادة الإعمار.
ويستمد جيش أراكان دعمه من الأغلبية البوذية في ولاية راخين، لكنه يواجه اتهامات بانتهاك حقوق مسلمي الروهينجا، لا سيما خلال معاركه مع الجيش العام الماضي، حين اتهم القوات العسكرية بتجنيد “ميليشيات” من الروهينجا لمحاربته.
وقد نفى جيش أراكان ارتكاب أي انتهاكات لحقوق الإنسان.
تساؤلات حول الإعادة إلى الوطن
خلال الأشهر الطويلة من القتال العام الماضي، فرّ عشرات الآلاف من مونغداو، إما عبر الحدود إلى بنغلاديش أو إلى مناطق أكثر أمانًا داخل ميانمار.
أما الخمسة آلاف الذين عادوا في الأيام الأخيرة، فقد جاؤوا من مناطق أخرى داخل ميانمار، وليس من بنغلاديش.
وعلى الرغم من المباحثات التي جرت بين بنغلاديش والمجلس العسكري، الذي استولى على الحكم قبل خمس سنوات، بشأن إعادة لاجئي الروهينجا، إلا أن التقدم في هذا الملف كان ضئيلًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مخاوف أبناء المجتمع الروهينجي، الذين أكدوا أن عودتهم لن تكون آمنة في ظل الحكم العسكري الذي استهدفهم خلال حملة القمع العنيفة عام 1438هـ (2017م)، والتي أسفرت عن نزوح نحو 740 ألفًا منهم إلى بنغلاديش.
ورغم أن استيلاء جيش أراكان على شمال غرب ولاية راخين أنعش الآمال بإمكانية عودة الروهينجا إلى ديارهم، إلا أن اللاجئين في بنغلاديش أعربوا هذا الشهر لراديو آسيا الحرة عن استمرار ترددهم، لاسيما في ظل الغموض حول موقف جيش أراكان من مسألة إعادتهم.
يبقى السؤال الجوهري: مع من ينبغي لبنغلاديش التفاوض لترتيب خطة إعادة اللاجئين؟ أعلنت بنغلاديش الشهر الماضي أنها تحثّ المجلس العسكري في ميانمار على “إيجاد مخرج” لحل النزاع الحدودي، مؤكدةً أنها “لن تتعامل” مع جيش أراكان.
غير أن خبراء أمنيين بنغاليين، إلى جانب دبلوماسيين سابقين وأكاديميين، أوصوا بعد ذلك بأسبوع بأن تتواصل الحكومة البنغالية مباشرةً مع جيش أراكان. ومع ذلك، لا تزال طبيعة العلاقة بين الجانبين يكتنفها الغموض.
وفي تطور لافت، تقدمت المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي بطلب لإصدار مذكرة اعتقال بحق قائد المجلس العسكري، الجنرال مين أونغ هلاينغ، لدوره في أحداث العنف التي وقعت عام 1438هـ (2017م). كما تعهّد الفريق المستقل للتحقيق التابع للأمم المتحدة بمواصلة التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها جيش أراكان.
المصدر: إذاعة آسيا الحرة.
اترك تعليقاً