هل يكون مستقبل نتانياهو السياسي أبرز ضحايا “طوفان الأقصى”؟

photo 2023 10 22 21 10 30

لطالما تبجح نيتانياهو بلقبي “أستاذ الأمن” و”أستاذ الاقتصاد”.

فقد كان لديه اعتقاداً – يشاركه فيه قطاع عريض من الإسرائيليين – بأنه وحده من يستطيع ضمان بقاء “إسرائيل” قوية عسكرياً، وهندسة تقارب غير مسبوق تاريخياً مع العرب.

كما شهدت فترة حكمه انتعاشاً اقتصادياً بشكل عام، وازدهاراً في قطاع الصناعة التكنولوجية المتطورة بشكل خاص، مما ساعد في ترسيخ صورته كرجل الاقتصاد القوي في الأذهان.

ولكن بعد هجوم “طوفان الأقصى” المباغت، باتت من الحقائق المسلم بها في الشارع الإسرائيلي أن كلاً من “أستاذ الأمن” و”أستاذ الاقتصاد” كانا من ضحايا السابع من أكتوبر، وأن “إسرائيل” ستعاني من تداعيات هذا الهجوم المفاجيء لأعوام قادمة.

وكانت أول دلائل تضرر سمعة نيتانياهو جراء الأحداث، هي نتيجة استطلاع للرأي تم إجراؤه عقب عملية “طوفان الأقصى” بأيام قليلة، حيث رأى 21% فقط من المشاركين أن نتنياهو يجب أن يستمر كرئيس للوزراء بعد الحرب.

“طوفان الأقصى” حطم ثالوث التفوق الإسرائيلي (القوة العسكرية والتفوق التكنولوجي والنمو الاقتصادي)

في عهد نيتانياهو، أدى الازدهار في قطاع صناعة التكنولوجيا المتطورة إلى دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام. كما فتح الباب الأبواب أمام علاقات أقوى مع الصين والهند.

بالإضافة إلى تمكين “إسرائيل” من مضاعفة قدراتها العسكرية والاستخباراتية، بشكل يفوق مستوى الإمكانيات التي توفرها لها عادة سكانها أو مواردها الأخرى.

ولكن عملية (طوفان الأقصى) أعادت تأطير ثقة “إسرائيل” بقدراتها التكنولوجية في الوعي الجمعي، والتي تحولت من كونها أحد شواهد الفخر القومي إلى نموذج للغطرسة القاتلة.

كيف تسبب عدم التوازن في ميزان القوى في رجحان كفة المقاومة

كانت حدود غزة عشية السابع من أكتوبر – في ظاهر الأمر – مثالاً حياً للصورة القياسية لتسخير التكنولوجيا لأغراض عسكرية.

كان عدد الجنود في المنطقة الحدودية يسيراً. وكان البديل هو مجموعة من الأدوات المتطورة التي وُضعت لمراقبة أنشطة حماس داخل القطاع ومنع التوغلات.
كما تم بناء جدار خرساني مسلح تحت الأرض مزود بأجهزة استشعار للكشف عن الأنفاق، وإقامة سياج فولاذي بارتفاع 20 قدمًا، ووضع شبكة من مصفوفات الرادار وأجهزة الاستشعار، وأسلحة يتم التحكم فيها عن بعد.
ولكن كتائب القسام أسقطت النظام برمته بطائرات بدون طيار. ثم جاءت الجرارات لإحداث فجوات في السياج.

لقد تم التخطيط للعملية برمتها دون أن يكون لدى خبراء الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أدنى فكرة عما كان يجري التخطيط له.

هذا الإخفاق ستكون من نتائجه تشكك رجال الأعمال وأصحاب الأموال في قدرات “إسرائيل” التكنولوجية.

ويأتي هذا في وقت تعاني فيه التكنولوجيا المتقدمة من ركود يعيق قدرة الشركات الإسرائيلية الناشئة على جمع رأس المال، نظراً لشدة المنافسة على التمويل المتاح عالمياً.

ومن جهة أخرى، فإن استدعاء أكثر من 360 ألف جندي احتياطي للجيش لفترة زمنية قد تطول، من شأنه أن يعطل صناعة أغلب قوتها العاملة من الشباب والذكور.

وما لم تنتهي الحرب بسرعة غير متوقعة، وما لم تتجنب “إسرائيل” الدخول في مواجهات على جبهات متعددة، فإن بقية الاقتصاد سيواجه صعوبات جمة.
وعلاوة على العبء الذي يتحمله هذا العدد الكبير من العاملين في الاحتياط، قد تمر “إسرائيل” بفترة من الهجمات الصاروخية المتكررة.

وهناك خطر حقيقي من أن تؤدي الاضطرابات المتزايدة في الضفة الغربية إلى تعطيل النشاط الاقتصادي.

وستصبح الحكومة حينئذ – إلى جانب معاناتها الحالية من العجز المالي – مثقلة بتكاليف دفاع باهظة سيتعين تغطيتها عن طريق زيادة الضرائب أو المزيد من الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة. من الصعب التكهن بما سيحدث لاحقاً.

لقد بدأ الإسرائيليون للتو في التعامل مع الصدمة، وقد تستمر المعاناة لبعض الوقت إذا استمر القتال.

وإذا تحقق “انتصار” في النهاية، بمعنى القضاء على حماس كما يعلن الاحتلال الإسرائيلي، فسوف يكون باهظ الثمن إلى الحد الذي لا يمكن أن يشكل معه تعويضاً عن الجراح.


هذا المقال مترجم بتصرف من مقال ديفيد روزنبرج في الفورين بوليسي “خسائر نيتانياهو تتعدى مصداقيته حول الأمن”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا