“أختي تحت الأنقاض رح يصرلها 24 ساعة وفوقها 5 طوابق وماني قادر أعمللها شي، إلنا من الصبح نكسر وما قدرنا نعمل شي، ولادها وزوجها قدرنا نطلعهم ودفناهم ولحد هي اللحظة ماني قادر طلعها وهي حامل بتوأم كيف بدي نام وفي3 أرواح تحت هي الحجار، لا سامح الله كل من خذلك وخذل كل هي الناس اللي معك”. (1)
بهذه العبارات وصف قاسم وضع المنكوبين في سوريا ممن لا يزالون تحت ركام الأنقاض بعد الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وامتدت أثاره المدمرة إلى سوريا فأحدث خسائرة مادية وبشرية كبيرة.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الإحصائيات ضبط عدد القتلى الثابت إلى الآن في تركيا، تعجز كل الآليات عن إحصاء عدد القتلى في الشمال السوري، حيث ينقطع المسلمون هناك عن المساعدات الدولية ويحاصرون بقوانين دولية ساقطة.
“والحال في الشمال السوري أكبر من أن يُوصف، ما زال هناك ضحايا تحت المباني المهدمة والمتطوعون يناشدون الحصول على مجارف ومكائن قطع حديد، هناك أصوات ما زالت تُسمع حتى الآن من تحت الأنقاض”.(2)
ويؤكد شهود عيان أن المشافي فقدت قدرتها على استيعاب الجثث، فأصبحت توضع أمام هذه المشافي وتكدس.
والمقابر تزدحم بالوفيات … والجميع يبكي ذوية ولا يزال تحت الصدمة!
وانتشرت الكثير من التغريدات والمنشورات التي تنقل حال الوضع الكارثي في الشمال السوري، ويستحيل جمعها كلها لكننا هنا ننقل عينة فقط لنقل واقع المستضعفين في هذه المنطقة.
دفن 50 فردا في مقبرة جماعية في منطقة ترحين؛ قضوا في منطقة حارم بريف إدلب من جراء الزلزال
ومع استمرار الهزات الارتدادية إلى اللحظة .. تسقط مباني جديدة ويسقط ضحايا جدد .. في حين لا يزال العالقون ينتظرون النجدة!
وإن كانت جميع المناطق التي أصابها الزلزال بحاجة ماسة لإغاثة عاجلة إلا أن الكارثة في الشمال السوري تعد الأخطر والأكثر إلحاحا، نظرا لظروف الحرب والحصار ونفاذ المستلزمات الطبية وشح وتهالك المعدات والآليات، حيث لا تزال أحياء وبنايات كاملة لم ترفع أنقاضها وينتشل ساكنيها؛ فالواجب على كل مسلم تقديم ما يستطيع لإغاثة المنكوبين وتخفيف المصاب وإيواء المشردين وهذا واجب في دين الله وليس منّة ولا تفضلا.
ما الحلول الممكنة؟
- لا بد من إنقاذ آلاف المحاصرين والعالقين تحت أنقاض مئات المنازل والبنايات في الشمال السوري، وتقديم الدعم المباشر لمنظمة الدفاع المدني التي استنفذت جهودها في رفع الأنقاض وكل الناشطين الميدانيين الذين يرسلون نداءات استغاثة من داخل الشمال السوري، وهذا أمر لا يتطلب انتظارا أو تسويفا، بل عاجلا عاجلا.
- لا بد من المطالبة بفتح المعابر بشكل عاجل بين الشمال السوري وبين تركيا لتسهيل وصول المساعدات والدعم العاجل والسريع. وإن كانت مثل هذه القرارات تتعلق بالقبول الدولي إلا أن إنكار إغلاقها أضعف الإيمان.
- لا بد من تقديم المستلزمات العاجلة وهي المعدات الثقيلة لرفع الأنقاض، والمساعدات الطبية والمشافي الميدانية لمعالجة الجرحى والمصابين، بالإضافة للمساعدات الغذائية العاجلة لمساعدة المتضررين الذين غدوا بالعراء بلا مأوى. تقديم ما يحتاجه المنكوب أولوية قصوى ويمكن ربط الجسور مع المناطق المتضررة بشكل مباشر وقد سهلت مواقع التواصل هذا الأمر.
- الدعم لا يكون فقط ماديا، بل يكون أيضا إعلاميا ودعويا، والدعاء في هذا المقام من دلالة الصدق نحسبه. فلا تنسوا إخوانكم من الدعاء ولا يليق الفرح والمعصية أمام آيات الله، بل المطلوب من الجميع بلا استثناء، التضرع لله تعالى والاستغفار والصدقة وكل ما يقربنا من الله ويرفع عنا هذا الكرب.
وقد أطلقت بعض المؤسسات الإغاثية حملات لنجدة المنكوبين في سوريا يرجى دعمها، كما يجب الحذر من كل حملات مريبة أو بخلفيات غير موثوقة فحتى في النوازل هناك من لا يحمل ضميرا ولا خشية! فاحرصوا على تأمين صدقاتكم ونفقاتكم في الأيدي الأمينة والمحتاجين لها.
قال رسول الله ﷺ: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. متفق عليه.
وقال ﷺ: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” متفق عليه،
وقال ﷺ: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” رواه مسلم.
لا تكلّوا من كثرة الكلام عن مصاب الأمّة، لا تملّوا من تذكير الناس بآيات الله، لا تتردوا لحظة في تنبيه الغافلين، لا تستكثروا منشوراتكم ودعمكم للمصابين من أهل التوحيد في شتى بقاع الأرض، سابقوا إلى ثغور الأجر واثبتوا عليها حتى يمنّ الله علينا بالفرج، لا تنسوا إخوانكم من الدعاء ونشر أخبارهم ومآسيهم، لا تبخلوا عليهم بترككم أي وسيلة دعم لهم، سواء كان دعما ماديا أو معنويا، اصبروا وصابروا ورابطوا، فالبلاء شديد، والمصاب جلل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إن في ذلك لعبرة فاتقوا الله!
ذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك: أنه دخل على عائشة، هو ورجل آخر، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة، فقالت: إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمر، وضربوا بالمعازف، غار الله عز وجل في سمائه، فقال للأرض تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم، قال: يا أم المؤمنين، أعذابا لهم؟ قالت: بلى، موعظة ورحمة للمؤمنين، ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين، فقال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول الله ﷺ أنا أشد فرحا به مني بهذا الحديث.
عندما اهتزت الأرض تحت أقدام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في المدينة النبوية لم يقل عُمر إنّها “ظاهرة طبيعية” وإنّما قال:
” أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عند شيء أحدثتموه والذي نفسي بيده إن عادت لا أساكنكم فيها أبدا! “
وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله أيضًا:
“ومن تأثير المعاصي في الأرض: ما يحل بها من الخسف والزلازل ويمحق بركتها، وقد مر رسول الله ﷺ على ديار ثمود، فمنعهم من دخول ديارهم إلا وهم باكون، ومن شرب مياههم، ومن الاستسقاء من آبارهم، حتى أمر أن يعلف العجين الذي عجن بمياههم للنواضح لتأثير شؤم المعصية في الماء”
فاللهم اهد ضال المسلمين، وأصلح شباب المسلمين ونساءهم، وآمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، وأبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر؛ إنك سميع الدعاء.
___________________________________
(1) https://twitter.com/Qasemqt/status/1622703248279830535
(2) https://twitter.com/othmanmhmmadr/status/1622847158633242624
اترك تعليقاً