أعلن جيش الاحتلال “الإسرائيلي “يوم الأربعاء 21 ذو القعدة (29 مايو) اكتمال سيطرته العسكرية الكاملة على محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر وأثار هذا الإعلان تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة انتهاكا لبنود اتفاقية السلام بين مصر “وإسرائيل” وإذا ما كانت القاهرة قادرة على الإقدام على تعليق العمل بالاتفاقية مع توجه العلاقات بين الجانبين إلى مزيد من التأزم.
سبب الاحتلال
وبعد سبعة أشهر من القتال في غزة لم يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق الأهداف التي وضعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهي القضاء على مقاتلي الفصائل الفلسطينية في غزة، واستعادة الرهائن المختطفين منذ 22 ربيع الأول (7 من أكتوبر) الماضي، واجتثاث كل وجود لحركة حماس عبر القطاع.
ومع طول أمد الحرب وكثرة الضحايا والجرحى من المدنيين في غزة زادت الضغوطات الداخليه والخارجية على رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتن ياهو بتحقيق إنجاز عسكري والمطالبه بوقف الحرب.
وتعتقد حكومة الاحتلال “الاسرائيلي” أن من تبقى من قادة ومقاتلي حركة حماس وأسلحتهم يتحصنون اليوم في محافظة رفح وأن من الضروري الوصول إليهم والقضاء عليهم ولو استغرق الأمر شهورا وأن ذلك لن يتم إلا بفرض سيطرة كاملة على كل منطقة في قطاع غزة.
وكان بنيامين نتنياهو قد عبر عن رغبته في السيطرة على محور فيلادلفيا في تصريح له في 18 رجب (30 من يناير) الماضي عندما قال إن “محور فيلادلفيا يجب أن يكون تحت سيطرتنا، ويجب إغلاقه… وأي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه”.
محور صلاح الدين (فيلادلفيا)
الممر، المعروف أيضاً باسم طريق فيلادلفيا أو محور فيلادلفيا، هو الاسم الذي أطلقه جيش الاحتلال “الإسرائيلي “على شريط حدودي في غزة بجوار الحدود المصرية.
ويمتد الشريط على طول الحدود بين مصر وغزة لمسافة 12.6 كم، من معبر كرم أبو سالم إلى البحر الأبيض المتوسط.
وبموجب شروط معاهدة كامب ديفيد للسلام مع مصر عام 1399هـ (1979 م )سُمح للاحتلال بنشر قوة محدود في هذه المنطقة الحدودية.
ولكن في عام 1426 هـ ( 2005م ) انسحبت الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة ووقع بروتوكولاً مع مصر يدعى “بروتوكول فيلادلفيا” وفيه يسمح لمصر بنشر 750 جندياً لمكافحة ما يسمى الإرهاب والتسلل عبر الحدود.
وفي صباح يوم 14 جمادى الآخرة (7 مايو) من هذا العام، بدأ جيش الاحتلال “الإسرائيلي” عملية عسكرية برية في منطقة رفح.
«اتفاقية كامب ديفيد»
فرض اتفاق ما يسمى السلام بين مصر “وإسرائيل” منذ عام 1399هـ (1979م) انسحاب القوات العسكرية من جوانب المحور، وتسمح الاتفاقية للاحتلال الإسرائيلي ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصري؛ لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الأخرى.
المحور بعد «اتفاقية أوسلو 2»
وعبر سنوات من بعد «اتفاقية أوسلو 2» سنة 1416 هـ (1995م)، وافق الاحتلال الإسرائيلي على إبقاء المحور بطول الحدود كشريط آمن. من الأغراض الرئيسية من المحور منع تهريب المواد غير المشروعة (بما فيها الأسلحة والذخائر والمخدرات الممنوعة قانوناً)، وأيضاً منع الهجرة غير المشروعة بين المنطقتين.
«اتفاق فيلادلفيا» في 1426 هـ (2005م)
في جمادى الآخر 1421 هـ (سبتمبر 2000م) تم توقيع «اتفاق فيلادلفيا» بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر الذي تعدّه “إسرائيل” ملحقاً أمنياً لمعاهدة «السلام» 1399 هـ (1979 م) وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها، عندما سحبت “إسرائيل” قواتها في إطار «خطة فك الارتباط مع قطاع غزة». ويتضمن الاتفاق نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتُقدر تلك القوات بنحو 750 جندياً من حرس الحدود المصري، ومهمتهم تتمحور في «مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق».
في عام 1428 هـ (2007م) سيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة، وخضع «محور فيلادلفيا» لهيمنتها، وفرضت “إسرائيل” حصاراً خانقاً على القطاع، وعقب عملية «طوفان الأقصى»، في 22 ربيع الأول (7 أكتوبر) الماضي، بدأ الاحتلال في تطويق قطاع غزة من كل الجهات، وأصبح «محور فيلادلفيا» إحدى أهم المناطق الاستراتيجية المستهدفة في الخطة “الإسرائيلية” لعزل القطاع.
لم تتمكن اتفاقيات ما يسمى السلام ولا القوانين الدولية من حفظ محور فيلادلفيا من الاحتلال الذي يتصرف في غزة بدون حساب ولا رادع ما يدفع للتساؤل: ما قيمة الاتفاقيات الدولية التي لا يمكنها أن تردع الاحتلال أو كبح عدوانه في الأراضي الفلسطينية.
والتساؤل الأهم، هل يعتبر خرق الاحتلال لمعاهدات ما يسمى السلام بطلان هذه الاتفاقيات؟ أم يجعل منها مجرد حبر على ورق لا قيمة لها في واقع شعوب المنطقة.
اترك تعليقاً