افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يوم الاثنين معبدا هندوسيا بني في موقع مسجد تاريخي سابق في شمال البلاد. ويهدف هذا الحدث ذو الميزانية الكبيرة إلى توحيد الناخبين الهندوس قبل انتخابات هذا العام، لكن الإثارة تضاءلت بسبب مقاطعة المعارضة والتوترات المستمرة مع السكان المسلمين في الهند.
وشوهدت الفصائل اليمينية وهي توزع دعوات لتكريس معبد رام الذي يبلغ طوله 50 مترا في أيوديا، وهي مدينة في ولاية أوتار براديش الناطقة باللغة الهندية.
في جمادى الآخرة 1413هـ (ديسمبر 1992م)، هدم الهندوس المتطرفون مسجد بابري القائم في الموقع لمدة 400 عام في عمل تسبب في أعمال شغب عنيفة أسفرت عن مقتل 2000 شخص في جميع أنحاء الهند – معظمهم من المسلمين.
وبعد أكثر من 30 عاما، يفتتح مودي معبدا هندوسيا جديدا في الموقع التاريخي. وأبقى المشروع الذي تبلغ تكلفته 298 مليون يورو حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي في منصبه لفترتين منذ عام 1435هـ (2014م).
ويأمل حزب بهاراتيا جاناتا أن يساعد افتتاح المعبد، الذي يطلق عليه اسم مكة المكرمة الهندوسية أو الفاتيكان، مودي على الفوز بولاية رابعة خلال انتخابات هذا الصيف.
المقاطعة والنقد
وقال بعض المسلمين إنهم يعتبرون الاحتفالات بمثابة ختام لعقود من الدماء الفاسدة. لكن حفل التنصيب ليس خاليا من الانتقادات، إذ قال اثنان من الباباوات الهندوسيين الأربعة إنهما سيقاطعان الحفل.
كما قرر حزب المؤتمر المعارض الرئيسي إلى جانب تجمع إقليمي مقاطعة الحدث الذي سيحضره كل من المصلين المتحمسين وغيرهم من الزوار.
وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر باوان خيرا “لست بحاجة إلى وسيط بيني وبين إلهي” مشيرا إلى الصور العامة لمودي وهو يمشي مع رام رضيع يمسك بإصبعه.
وأدان مودي المقاطعين مع بدء 11 يوما من الصيام كعد تنازلي لتنصيبه.
مخاوف مستمرة
ويقول المسلمون إن التمييز من قبل أصحاب العقارات والمدارس والرعاية الصحية وقطاعات العمل استمر منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في دلهي وشق طريقه إلى أكثر من 20 ولاية من أصل 28 ولاية في البلاد.
ووصفت جماعة حقوق الإنسان “في-ديم” الهند بأنها “استبدادية انتخابية” حيث يواجه حزب بهاراتيا جاناتا اتهامات بتجنب المسلمين الذين يشكلون 14 في المئة من سكان البلاد ولكن 5 في المئة فقط من المقاعد في البرلمان.
وحذرت منظمة فريدوم هاوس ومقرها واشنطن من أن المسلمين يواجهون تهديدات سياسية من حزب بهاراتيا جاناتا، بما في ذلك خطة لإنشاء سجل وطني للمواطنين يمكن أن يحرم المسلمين الذين لا يحملون وثائق من حقوقهم من خلال تصنيفهم فعليا على أنهم غير قانونيين.
ويسعى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ الديانة الهندوسية في الهند من خلال الإضرار بالوجود الإسلامي في البلاد، وقد دشن المعبد الهندوسي بتمثال للإله الوثني رام في مدينة أيوديا بولاية أوتار براديش على أنقاض مسجد بابري التاريخي لسلب الهند معالمها الإسلامية.
ومسجد بابربي الذي بناه السلطان ظهير الدين بابر مؤسس سلطنة المغول في الهند عام 934هـ (1528م) هو من أهم المعالم التاريخية الإسلامية في الثقافة الهندية.
وتختلف المشاعر العامة حول المعبد، قال إقبال أنصاري ، الذي قاتل من أجل حقوق المسلمين في الخلاف بين المسجد والمعبد في المحكمة.
“نحن المسلمون نقبل شري رام كزعيم روحي للهند ونبتهج بسعادة إخواننا الهندوس”.
لكن خالفه المسلمون في رأيه سواء داخل الهند أو على مواقع التواصل الاجتماعي من كافة أنحاء العالم. حيث عارض الكثيرون إنشاء المعبد على أنقاض المسجد ونددوا بسياسات مودي لتحويل البلاد لدولة هندوسية متطرفة.
واستنكر مسلمون وعلمانيون هنود بناء المعبد الهندوسي وتدشينه على أنقاض مسجد بابري، معتبرين هذه الخطوة التي جاءت بعد معركة سياسية وقانونية طويلة، أحدث دليل على أن الهند أصبحت دولة هندوسية في المقام الأول، وفقاً للمؤرخ الهندي راماشاندرا جوها.
من جانبه أقر أميش تريباثي، المؤلف الأسرع مبيعا في تاريخ النشر الهندي، بأن الاحتفالات لم يسبق لها مثيل، لكنه أضاف: “إذا حاول شخص ما فرض طريقة معينة لعبادة اللورد رام، فإن ذلك يتعارض مع الروح”.
وفتح تدشين المعبد الهندوسي الباب أمام طغيان الهندوس على المسلمين، حيث تناقل الناشطون على مواقع التواصل فيديوهات لحشود من الهندوس في حالة هياج في مومباي لليوم الثاني على التوالي وكذلك في منطقة طريق ميرا تقوم بهاجمة المشاة من المسلمين والمركبات إضافة إلى الممتلكات المملوكة للمسلمين.
كما أصدر 200 معبد هندوسي في بريطانيا إعلانًا للهندوس في المملكة المتحدة للاحتفال بمعبد أيوديا وانطلقت فعاليات هندوسية في المعابد في جميع أنحاء البلاد احتفالًا بافتتاح المعبد الهندوسي في موقع مسجد بابري المهدم في أيوديا.
ولا تزال دعوات المسلمين عبر أنحاء العالم لمقاطعة الهندوس وطرد عمالتهم من الخليج من أبرز ردود الفعل على الاضطهاد الهندوسي للمسلمين في الهند.
وكالات الأنباء ومواقع التواصل
اترك تعليقاً