تتوالى التقارير الرسمية لتأكيد هول مآسي غزة الدامية، فتقرير حديث للأمم المتحدة أكد على أن واحدة من كل خمس أسر في غزة تعيش أياماً كاملة دون طعام، وشهادات كثيرة اجتمعت على وجود مجاعة وموت بالجوع نتيجة حصار الاحتلال المتعمد، وتقرير آخر لصحيفة الغارديان وثق صفاقة الاحتلال وسياسته في تجويع أهل القطاع وكيف يدرس وسائل إذلال أهل غزة بحرمانهم حقوقهم الحياتية، ثم تقرير ثالث يؤكد أن الحرب الجوية “الإسرائيلية” الجديدة في الضفة الغربية خلفت ما يقرب من نصف القتلى من الأطفال! وتقارير كثيرة جدا عن حجم الدمار والاستهداف السافر للمدنيين والمنشآت الصحية والحيوية، وعداد القتلى يرتفع حتى بين الخيام والجرحى وتداعيات الصدمات .. كل ذلك موثق ومشهود له!
وليس ذلك فحسب، فعدسات ميدانية تنقل قتل المدنيين وتجويعهم وتسليط الكلاب عليهم من قبل قوات الاحتلال اليهودي مع سبق الإصرار والترصد ووسط القهقهات والتكبر! وصور الأسرى وشهاداتهم تنتشر فتتصدع لهول ما أصابهم ضمائر الأحياء! ووجدنا أنفسنا أمام سجن غوانتنامو يهودي، وسجن أبو غريب يهودي! سجون إجرامية تتكرر قد تمردت على كل عرف وقانون دولي أو إنساني، كل ذلك بتصفيقات أمريكية، هي التي صفقت في المحافل على قوانين عرفية ودولية وإنسانية!
في الواقع إن أصغر مؤسسة حقوقية أو إنسانية لن تجد صعوبة في توثيق كمّ الجرائم والانتهاكات والانحطاط الأخلاقي والطغيان الذي يرتكبه الاحتلال اليهودي المدعوم بشكل صارخ ووقح وبلا حدود أو استثناء من الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد أسقطت غزة أقنعة المنظومة الدولية المنافقة، التي تشاهد عملية إبادة تجري على أرض فلسطين وتتفرج بكل برودة دم وموت ضمير! ولكنها تنتفض لافتراء كاذب ورسم وهمي لجريمة لم تقع في هجوم السابع من أكتوبر حيث ضجت منابر الإعلام الغربي ومؤسساته برفع شعارات إنسانية وأخلاقية للتنديد بمقتل أطفال وقطع رؤوسهم واغتصاب نساء لم يثبت أبدا وتبين بعد تحقيقات رسمية، أنه مجرد إفك مبين يسري به القوم، ولم يقدموا بعد ذلك مجرد اعتذار على تواصي ألسنتهم به وردودهم الهمجية وتحريضهم على الانتقام المسعور!
صمتت تلك الأبواق أيضا عندما تبين حجم الدمار الذي تسببت فيه القوات اليهودية بأسلحة أمريكية في الممتلكات اليهودية، لمضاعفة خسائرهم من هجوم أكتوبر. وسموها “نيران صديقة” بينما هي “نيران مكيدة”.
لكنها – تلك الأبواق الآثمة- تواصت بتزيين قتل المدنيين بحجة الانتقام المسعور، انتقام أخرج صديد وقيح أحقادهم ولم تكفي جميع ديكورات العرض في إخفاء خبثه وخسة تناقضاته.
كل ذلك يجري أمام الناس ويوثق ويشهد عليه وعلى دناءة الغرب الأفراد والأمم، ثم يحاضرون في حقوق الإنسان والعدالة والسلام والأمن. لقد تكشف الوجه الكالح ولم يعد يجدي قناع! ورأينا قوات الديمقراطية تلاحق الناس المستنكرة لما يجري والمطالبة لوقف شلال الدماء وكف يد القاتل اليهودي والأمريكي! فتكمم الأفواه وتسجن وتضطهد وتستبد! فكانت حقيقة ديمقراطية دكتاتورية “لا ترى غير ما يرى حاخامتهم في تل أبيب”.
لقد آن الأوان للضرب بعرض الحائط بشعارتهم عن حقوق الإنسان ولرفع – بديل لها- مطالب القصاص لكل من سفك دماء المسلمين عدوانا وظلما وكل من رقص على جثثهم. فاحفظوا أسماءهم وسجلوا تصريحاتهم وتذكروا مؤسساتهم وأحصوا أحلافهم، وكل مصدر صفاقة وطغيان. واستجمعوا أفكاركم وما مكنكم الله فيه لمد يد العون وتضميد جراحات المسلمين، والله يبارك في نفقات الصدق والإخلاص.
يتداول الناشطون ما يكفي من الأدلة على عنصرية وعداوة وطغيان يتلقاه يهود منذ سن صغيرة في مدارسهم .. يتربون على كراهية المسلم وضرورة قتله أو استعباده ثم يخرج لنا المرشح الأمريكي لرئاسة بلده بمصطلح “فلسطيني سيء” و”إرهابي” يتطلب الحزم!
آن الأوان لتحطيم مقاييسهم وهجر محاكمهم وفضح ازدواجية قوانينهم فلم ولن يكون القاتل قاضيا فكيف وهو يدعو لمزيد من القتل وسفك الدماء والتجويع عن عمد!
آن الأوان لانتفاضة شاملة على المفاهيم والتفاعلات مع منظومات الغرب ومؤسساته والسعي للاستقلالية عنها وبحث مسار الصبر والتوكل والجهاد لانتزاع الحقوق. ومع اضطراب العالم وتفرق أقطابه، سيكون القادم موجبا لذلك.
فلا تخجل من تهم يلفقها الغرب للمسلمين، واصدح بلا انهزام، أن طغيانهم واستبدادهم وانحطاطهم الأخلاقي لن يردعه غير التزام لا ضعف فيه بدين الإسلام. فلتسعفهم ديمقراطيتهم ووجه قوانينهم الكالح، ولتسعفنا شريعة الله وعدالة الإسلام.
وإلا فإن مجازرهم على امتداد التاريخ ستتكرر ولا شيء للمسلمين سوى قبور تتكدس ومآتم تتولى!
لا يجعل المفجوع مستقبله أسوأ من حاضره .. ما دام يحمل حق العدالة ومساءلة أيتام يشهدون!
اترك تعليقاً