لقد أثار تعيين محمد يونس رئيساً مؤقتاً لوزراء بنغلاديش الآمال والتساؤلات حول الكيفية التي ستتعامل بها إدارته مع أزمة الروهينجا المستمرة. ونظراً لخبرته في الجهود الإنسانية وتاريخه في الدفاع عن المجتمعات المهمشة، فمن المرجح أن يتشكل نهج محمد يونس في التعامل مع قضية الروهينجا من خلال فهمه العميق لقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. وتسلط المقدمة التي كتبها في كتابي عن أزمة الروهينجا الضوء على خطورة الموقف وتقترح خريطة طريق محتملة لقيادته على هذه الجبهة.
لقد واجهت أقلية الروهينجا المسلمة من ولاية راخين في ميانمار عقودًا من الاضطهاد المنهجي، والذي بلغ ذروته فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه “مثال واضح للتطهير العرقي”. وقد أجبرت العمليات التي قادها الجيش في عام 1438هـ (2017م) ما يقرب من مليون من الروهينجا على الفرار إلى بنغلاديش، حيث يقيمون الآن في مخيمات لاجئين مكتظة في كوكس بازار. ولا يزال الوضع مزريًا، مع إحراز تقدم ضئيل نحو العودة إلى الوطن أو الاندماج، مما يترك الروهينجا في حالة من الغموض.
إن مقدمة محمد يونس لكتاب “الروهينجا: داخل الإبادة الجماعية في ميانمار” ترسم صورة قاتمة للفظائع التي ارتكبت ضد هذه المجموعة وتؤكد على الحاجة الملحة للتدخل الدولي. وتعكس كلماته تعاطفًا عميقًا مع الروهينجا والتزامًا بقضيتهم. ومن المرجح أن يعطي يونس، بصفته رئيسًا للوزراء، الأولوية لأزمة الروهينجا، معترفًا بها ليس فقط كقضية إنسانية ولكن أيضًا كمسألة تتعلق بالاستقرار والأمن الإقليميين.
ونظراً لخلفية يونس وتأكيده على حماية حقوق الإنسان الأساسية، فمن المتوقع أن تدعو إدارته إلى اتباع نهج أكثر قوة وتعاطفاً في التعامل مع أزمة الروهينجا. وفي الماضي، أدان محمد يونس بشدة التطهير العرقي في ميانمار ودعا إلى اتخاذ إجراءات عالمية لمنع المزيد من الفظائع. ويشير هذا الموقف إلى أن بنغلاديش قد تتولى تحت قيادته دوراً أكثر استباقية في حشد الدعم الدولي للروهينجا.
وقد يسعى محمد يونس إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الجهات الفاعلة الدولية الرئيسية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة دول جنوب شرق آسيا، للدفع نحو التوصل إلى حل شامل للأزمة. وقد تعطي إدارته الأولوية أيضاً لتنفيذ ضمانات أقوى للروهينجا داخل بنغلاديش، وضمان حصولهم على الحقوق والخدمات الأساسية بينما يعمل المجتمع الدولي نحو التوصل إلى حل طويل الأجل.
ومع ذلك، سيواجه محمد يونس تحديات كبيرة في التعامل مع أعداد الروهينجا المتزايدة والتكاليف المترتبة على ذلك. وتواجه بنغلاديش بالفعل ضغوطاً هائلة بسبب العبء الاقتصادي والاجتماعي المتمثل في استضافة ما يقرب من مليون لاجئ. وقد أدى الوجود المطول للروهينجا إلى نشوء توترات بين السكان المحليين واللاجئين، مع مخاوف بشأن الأمن وتخصيص الموارد والتدهور البيئي.
وسوف يحتاج محمد يونس إلى التعامل مع هذه التعقيدات بعناية، وموازنة احتياجات الروهينجا مع مخاوف السكان البنغلاديشيين. وقد تحتاج إدارته إلى تنفيذ سياسات لا تعالج الاحتياجات الإنسانية العاجلة للروهينجا فحسب، بل وتعزز أيضا التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في المجتمعات المضيفة. وقد يشمل هذا مبادرات لتحسين البنية الأساسية والتعليم وفرص العمل في كوكس بازار والمناطق المحيطة بها.
كما أكد محمد يونس على ضرورة التدخل الدولي لمنع تفاقم الإبادة الجماعية للروهينجا. ومن المرجح أن يستغل سمعته العالمية وشبكاته للدعوة إلى ممارسة ضغوط دولية أقوى على ميانمار لضمان العودة الآمنة والطوعية للروهينجا.
وقد يتضمن ذلك الضغط من أجل فرض عقوبات محددة على القادة العسكريين في ميانمار، والدعوة إلى مقاضاتهم في المحاكم الدولية، والمطالبة بأن تتخذ ميانمار خطوات ملموسة لاستعادة حقوق المواطنة للروهينجا. وقد يعمل محمد يونس أيضًا على تأمين المزيد من المساعدات الدولية الجوهرية للروهينجا، سواء من حيث المساعدات الإنسانية أو الدعم لعودتهم في نهاية المطاف إلى ميانمار.
ومن النقاط الرئيسية التي أثارها محمد يونس في بيانه أهمية معالجة الأسباب الجذرية لأزمة الروهينجا. وبصفته رئيسا للوزراء، يتعين عليه أن يدفع باتجاه حوار إقليمي يضم ميانمار وبنغلاديش ودولا مجاورة أخرى لتطوير حل مستدام. وقد يشمل هذا التفاوض على اتفاقيات بشأن الإعادة إلى الوطن والمواطنة وحماية حقوق الأقليات داخل ميانمار.
وقد يستكشف محمد يونس أيضا إمكانية تقديم أشكال أكثر ديمومة من الإقامة أو الجنسية للاجئين الروهينجا في بنغلاديش، على الرغم من أن هذه الخطوة قد تكون حساسة سياسيا. وتتطلب مثل هذه الخطوة دعما دوليا كبيرا، سواء من حيث الموارد أو الدعم السياسي، للتخفيف من ردود الفعل السلبية المحلية وضمان مساهمتها في الاستقرار الإقليمي.
في نهاية المطاف، من المرجح أن يكون نهج محمد يونس في التعامل مع أزمة الروهينجا مدفوعا بضرورة أخلاقية قوية، كما ينعكس ذلك في مقدمة كتابه. فهو لا ينظر إلى الوضع باعتباره قضية سياسية أو اقتصادية فحسب، بل وأيضا باعتباره مسألة أساسية تتعلق بحقوق الإنسان وكرامته. ومن المرجح أن تؤكد إدارته على أهمية حماية الفئات الأكثر ضعفا وضمان عدم تخلي المجتمع الدولي عن الروهينجا.
إن القيادة المؤقتة ليونس تمثل فرصة فريدة لبنغلاديش لتولي دور أكثر حزما وتعاطفا في معالجة أزمة الروهينجا. ومن الممكن أن تساعد قيمه الإنسانية ومكانته العالمية في حشد العمل الدولي وتمهيد الطريق لحل أكثر استدامة. ومع ذلك، فإن نجاح جهوده سوف يعتمد على قدرته على التعامل مع الديناميكيات السياسية والاجتماعية المعقدة داخل بنغلاديش والمنطقة الأوسع. وسوف يراقب العالم عن كثب لمعرفة كيف سيتعامل محمد يونس مع هذه القضية الحرجة وما إذا كانت قيادته قادرة على إحداث التغيير الذي يحتاج إليه الروهينجا بشدة.
Arab News.
اترك تعليقاً