هذا المقال ترجمة بتصرّف لمقال: “Facebook Says It Is Deleting Accounts at the Direction of the U.S. and Israeli Governments” لكاتبه: ألكسندرا مي،. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر عن تبيان.
- لقد التزمت الدول الإسلامية الصمت أمام حملة القمع الصينية بحق الإيغور، وهم المسلمين في تركستان الشرقية المحتلة من الصين..
- ويُرجع الخبراء والناشطون سبب هذا الصمت إلى خشية هذه الدول من تداعيات الانتقام الصيني بسلاح الاقتصاد.
- في حين يقول آخرون إن السبب يعود إلى أن العديد من الدول العربية تحمل أيضا سجلات ثقيلة من انتهاكات حقوق الإنسان وتخشى لفت الانتباه إليها.
- سبق وأن حاولت تركيا الوقوف في وجه الصين ولكن بكين لم تنس لها ذلك.
لقيت حملة القمع التي تقودها الصين بحق الإيغور المسلمين تحقيقات دولية مكثفة في الأشهر الأخيرة. ففي أغسطس/آب الماضي أعربت الأمم المتحدة عن بالغ قلقها، من التقارير التي تتحدث عن اعتقال الصين ما يصل إلى مليون شخص من الإيغور في داخل معسكرات خاصة في شينجيانغ بغرب الصين.
وفي شهر أبريل/نيسان ، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية _ التي عادة مع تمارس جرائم حرب ضد المسلمين بحجة مكافحة الإرهاب وتدعم الحكام المستبدين والدكتاتوريين في أكثر من بلد مسلم _ بأنها تحيط علما بخبر الإيغور الذين اختفوا أو احتجزوا في ظروف غامضة.
وخلال السنة الماضية، تمكن النشطاء من العثور على أدلة تثبت تعمد السلطات الصينية مراقبة نشاط الهواتف المحمولة للإيغور، وإجبارهم على حلق اللحى وتقصير الثياب. في حين يقول آخرون بأن الصين قد أجبرت المغتربين الإيغور على الكشف عن معلوماتهم الشخصية بتهديدهم بعائلاتهم وذويهم.
من جهتهم نفى المسؤولون الصينيون وجود أي معسكرات اعتقال، رغم إقرارهم بوجودها خلال برنامج “الاستيعاب” المخصص للأشخاص الذين تم تصنيفهم كـ”متطرفين”. وقد أجرت صحيفة بيزنس إنسايدر اتصالات مع الحكومة الصينية في سبيل الحصول على توضيحات بهذا الصدد.
وقد سبق وأن تفاعلت البلدان الإسلامية مع حقوق الإنسان ، مثلما حدث في ذروة العنف الذي سلّطه الجيش المينيماري ضد المسلمين الروهينجا، أواخر العام الماضي. حيث نظّم الأردنيون والإيرانيون احتجاجات عديدة تضامنا مع الروهينجا.
وأدانت بعثة المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة ما يجري مع الروهينجا في بيان لها نشرته على الإنترنت.
من جهتها تعهدت منظمة التعاون الإسلامي ، وهي تجمع دولي يحمل اسم “الصوت الجامع للعالم الإسلام“، تعهدت في شهر أيار / مايو الماضي بإجراء تحقيق وافِ بشأن أزمة الروهينجا.
فلماذا إذن لا نشاهد أي أحد يتحدث عن قضية الإيغور في الصين؟
المال ثم المال ثم المال
يقول خبراء إن العديد من البلدان المسلمة لا تظهر إنكارًا علنيا لأنها لا تريد المخاطرة بمستقبل علاقاتها الاقتصادية مع الصين.
وتشارك عدة حكومات في آسيا الوسطى والشرق الأوسط في مبادرة الحزام والطريق (BRI) ، وهو مشروع ضخم أُطلق في عام 2013 ليربط 78 دولة بين آسيا وإفريقيا وأوروبا وأوقيانوسيا عن طريق شبكة من خطوط السكك الحديدية وممرات الشحن وغيرها من مشاريع البنية التحتية.
ومقابل هذا الاحتضان لمبادرة الحزام والطريق تستفيد هذه الحكومات من الصفقات الصينية التي تقدم قروضًا ضخمة لاقتصادات ضعيفة.
وهي القروض التي تثقل كاهل الدول لسدادها كباكستان التي تجد صعوبة في سداد القروض الصينية. ويبدو أن هذه الصفقات الاقتصادية هي التي تمنع هذه الدول من التحدث فتح ملف الإيغور مع شينجيانغ.
وقال سايمون فان نيوينهويزن ، وهو باحث في السياسة الصينية في جامعة سيدني للتكنولوجيا ، في حديث له لصحيفة بيزنس إنسايدر: “مثل أغلب الدول ، فإن العديد من الدول الإسلامية لديها علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين لا تزال في تصاعد”.
وأضاف: “هناك إجماع عام على أن التحدث عن الوضع في شينجيانغ قد يعرض تنمية العلاقات الاقتصادية للخطر ، وبالتالي ليس من مصلحتهم القيام بذلك”.
واعتبر أليب إركن، الناشط الذي يدير “شبكة النشرة الإيغورية” من أستراليا، مبادرة الحزام والطريق عائقًا. وقال” إن سندان الفرص التجارية والاستثمارية الضخمة، ومطرقة عبأ الديون الصينية لا تضيّق الخناق فحسب على الدول المسلمة ولكنها أيضا تدفعها للتعاون بشكل نشط مع الصين في قمعها للإيغور”.
بل حتى مصر التي تعتبر أحد الدول المشتركة في مبادرة الحزام والطريق، قدمت المساعدة للصين في حملتها ضد الإيغور.
ففي صيف العام الماضي ، بحسب ما أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش، احتجزت مصر العشرات من طلاب الإيغور بلا سبب معلن، ومنعتهم من إجراء أية اتصالات بعائلاتهم أو بالمحامين.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز فقد رحّلت القاهرة – في نفس الفترة – ما لا يقل عن 12 شخصًا من الإيغور إلى الصين.
وقال بيتر إيروين وهو مدير البرامج في مؤتمر الإيغور العالمي في حديث لصحيفة بيزنس إنسايدر أننا “كنا ننتظر – أغلب الظن – أن نشاهد الدول المسلمة تسارع لتقديم الدعم تلقائيا للإيغور وتوجيه النقد اللصين، لكن على عكس توقعاتنا لم نشاهد أي رد فعل منها، ولم نعد ننتظره مع ما نراه من طموحات الصين الاقتصادية التي تتجلى في مبادة الحزام والطريق، بغض النظر عن نجاح المشروع أو فشله”.
قد لا تهتم الدول العربية أصلا بمعاملة الصين السيئة للإيغور
سيكون من السذاجة أن نصف الارتباط الاقتصادي بالصين كسبب وحيد للامبالاة الدول الإسلامية بمأساة الإيغور على يد الصين.
ففان نيوينهويزن ترى بأن العديد من دول الشرق الأوسط لديها سجلًا ثقيلًا من انتهاكات حقوق الإنسان، وتولي الاهتمام باستقرار نظام الحكم على حساب حقوق الإنسان تماما كما هو الحال مع الصين.
ذلك أن الصين تبرر حملتها على شينجيانج بشعارات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب، وقد اتهم الإيغور المسلحون بإشعال فتيل الاقتتال العرقي في شينجيانغ وشنّ هجمات إرهابية في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2009 حتى عام 2014.
وبحسب فان نيوينهويزن فإن العديد من الدول العربية “تتفهم” مسألة التركيز على الاستقرار الاجتماعي كأولوية على حساب حقوق الإنسان.
وقالت أيضا بأن “العديد من دول الشرق الأوسط لديها سجلا ثقيلا من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الأقليات الدينية. ويتفقون مع سياسة الصين في تجاوز حقوق الإنسان هذه، أي أن الاستقرار الاجتماعي في نظرهم يسبق حقوق الأفراد”.
وكما قال إركين لموقع بيزنس إنسايدر فرغم أن العديد من دول الخليج لديها القدرة على تحمل تبعات موقف سياسي مناهض للصين إلا أن” أغلبها، دول قمعية للغاية تنادي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وذلك لتحمي نفسها من تدخل الآخرين في شؤونها”.
وأوضح إركين بأن صمت الدول الإسلامية بشأن المعاملة المروعة التي يعيشها الإيغور على يد الصينيين، وخصوصا حملة التطهير الثقافي الأخيرة التي تعرضت لها منطقة تركستان الشرقية أمر محبط ولكنه غير مفاجئ”.
ويطلق اسم تركستان الشرقية على منطقة الإيغور في شينجيانغ.
وأضاف إركين قائلا: “في الحقيقة إنه لأمر محبط أن يتحول مبدأ الأخوة بين المسلمين إلى أداة سياسية خارجية انتقائية ترتبط بشكل وثيق بالسياسة الدولية للدول الإسلامية وليس برسالة وحدتها وتضامنها معا”. بيزنس إنسايدر أجرت اتصالات بمنظمة التعاون الإسلامي للحصول على تعليق بهذا الشأن ولكنها لم تتلقى أي رد.
ما الذي حدث عندما حاولت تركيا الوقوف في وجه الصين؟
تركيا وهي دولة ذات غالبية مسلمة، انتقدت معاملة الصين للإيغور في السابق، ولكن الصين لم تنس لها ذلك.
ففي عام 2009 وصف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، والذي يرأس حاليا تركيا: العنف العرقي في شينجيانغ على أنه أشبه بالإبادة الجماعية. وقال:” نجد صعوبة في فهم موقف القيادة الصينية التي تجلس في مقعد المتفرج أمام هذه الأحداث”.
ثم لم يمض الكثير من الوقت عن هذه التصريحات، حتى نشرت صحيفة تشاينا ديلي (الصين يوميًا) الحكومية، تحذيرًا مباشرًا لأردوغان، ليتراجع عن تصريحاته، تحت عنوان ” لا تتلاعب بالحقائق”.
وفي عام 2015 ، آوت تركيا اللاجئين الإيغور الذي نجحوا في الفرار من الصين، وكان الرد من صحيفة تشاينا ديلي مرة ثانية التحذير الموجّه لأردوغان تحت عنوان “قد تسمم العلاقات وتهدم التعاون بين البلدين”.
ومع أن أردوغان لم يعد يتحدث عن هذه القضية في الآونة الأخيرة إلى أن وسائل الإعلامية الصينية التي تديرها الحكومة ما زالت مستمرة في تهديد تركيا.
وحين شهدت تركيا أزمة اقتصادية ضخمة في هذا الشهر، قامت صحيفة التابلويد الحكومية، بنشر مقالة في افتتاحيتها ليس لتقديم الدعم الاقتصادي الصيني، بل لتحذير تركيا من مغبة الاستمرار في “التصريحات اللامسئولة بشأن السياسة العرقية في شينجيانغ”.
ما هو رأي الإيغور؟
بحسب ما أوضحت مايا وانغ، الباحثة البارزة في هيومن رايتس ووتش لصحيفة بيزنس إنسايدر، فإنه من الصعب تحديد رأي الإيغور في شينجيانج حول هذه المسألة ، بسبب القيود الحكومية المفروضة بشدة على حركة المعلومات إلى خارج البلاد.
لكن من جهة أخرى يرى العديد من النشطاء الذي هم على صلة بالمنطقة، بأنه رغم العجز الذي يشعر به الإيغور في بلادهم أو في الشتات، فلا زالوا يحملون الأمل بالتغيير.
وقال إركين ، مدير شبكة النشرة الإيغورية، لصحيفة بيزنس إنسايدر، بأنه “لا شك في أن الإيغور في تركستان الشرقية وكذلك في الشتات يشعرون بالعجز الشديد في مواجهة حملة التطهير الثقافي الجارية في بلادهم. ونحن نأمل أن تشدد الأمم المتحدة والدول الكبرى في العالم، على الصين وتدعم حقوق الإيغور الدينية والثقافية الأساسية كحق من حقوق الإنسان.
“ومع ذلك ورغم ما أبدته تركيا من تضامن سياسي ومساعدة للإيغور المهاجرين في السابق، فإن الكثير من الإيغور، يأملون في أن تبقى تركيا كمدافع عن الإيغور حين تستقر علاقاتها الدولية وتتجاوز مشاكلها الاقتصادية”.
وأضاف إروين من المؤتمر العالمي بشأن الإيغور قائلا: “صحيح أن المجتمع الإيغوري يفتقد للدعم حاليا، ولكنه بالتأكيد لم يُتخلى عنه”.
“ورغم إساءة الصين وخرقها لقواعد السلوك الدولية، إلا أن قيادتها، ما تزال قلقة بشأن كيف يُنظر إليها على المستوى الدولي”.
اترك تعليقاً