قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحكومة العراقية وسّعت بشدة نطاق الإعدامات غير القانونية وزيادة وتيرتها في عام 1445هـ (2024م). تُظهر الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش تنفيذ السلطات هذه الإعدامات بدون إشعار المحامين أو أفراد الأسرة مسبقا، وفي ظل مزاعم ذات مصداقية عن التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.
في يناير/كانون الثاني، أفادت هيومن رايتس ووتش أن 150 سجينا تقريبا في سجن الناصرية بالعراق كانوا يواجهون الإعدام الوشيك بدون سابق إنذار. أعدمت السلطات في 1445هـ (25 ديسمبر 2023م) قرابة 13 رجلا في سجن الناصرية، وهو أول إعدام جماعي منذ إعدام 21 رجلا آخرين في 1442هـ (16 نوفمبر 2020م). ويُعتقد أن حوالي 8,000 شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “السلطات العراقية تنفذ القتل بموافقة الدولة على نطاق مقلق. ستترك الموافقات على هذه الإعدامات غير القانونية إرثا ملطخا بالدماء للرئيس عبد اللطيف رشيد”.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة أفراد من عائلات تسعة رجال حُكم عليهم بالإعدام، وأُعدم ثلاثة منهم في الأشهر الثلاثة الماضية؛ ومع محامٍ يمثل عشرات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والذي قدم تفاصيل حول أربع قضايا؛ ومع ناشطين. كما أرسلت هيومن رايتس ووتش في 14 أكتوبر إلى وزارة العدل رسالة تفصل هذه الادعاءات وتطلب معلومات عن ظروف السجن والإعدامات وإمكانية زيارة سجن الناصرية، لكنها لم تتلق أي رد.
لا تنشر الحكومة العراقية إحصاءات رسمية عن الإعدامات ولن تقدمها رغم الطلبات المتعددة. وبحسب منظمة “آفاد”، وهي منظمة مستقلة تراقب الانتهاكات الحقوقية في العراق، أعدمت السلطات في سبتمبر/أيلول وحده 50 رجلا. نددت آفاد في يونيو/حزيران بما أسمته الطفرة في “عمليات الإعدام السرية”، مشيرة إلى توثيقها 63 حالة إعدام في الأسابيع السابقة لم يُعلن عنها.
تشير الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش إلى قيام السلطات العراقية بشكل متزايد بتهديد نزلاء محكوم عليهم بالإعدام وجماعات غير حكومية لتحدثهم علنا عن الظروف في سجن الناصرية المركزي. منذ أبريل/نيسان، أُعدم خمسة رجال قدموا شكاوى مجهولة الاسم عبر محامٍ أجنبي إلى “الأمم المتحدة”.
كان لدى اثنين منهم تقارير رسمية من لجنة طبية تابعة لـ “مجلس القضاء الأعلى” العراقي تشهد بتعرضهما للتعذيب وتمكنُّهما من تحديد هوية عناصر الأمن الذين عذبوهما. طلب الرجلان من النيابة العامة فتح تحقيق مع عناصر الأمن الذين قالوا إنهم عذبوهما، لكن قال محاموهما إن التحقيق لم يُفتح قط. كما طلب الرجلان إعادة المحاكمة، لكن رفضت السلطات طلباتهما بسبب عدم وجود ملف للقضية.
قال أحد الرجلين، في آخر اتصال له مع محاميه في 1445هـ (مارس 2024م)، لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي السجن اكتشفوا نقله معلومات خارج السجن، معربا عن خوفه من الانتقام. في أوائل أبريل/نيسان، حُبس الرجل انفراديا بمعزل عن العالم الخارجي، حتى أبلغت السلطات أسرته ومحاميه في يوليو/تموز بأنه أُعدم.
لم يقل أي من الذين تمت مقابلتهم إنه تلقى إشعارا مسبقا بالإعدامات، بما يتفق مع الادعاءات السابقة. في بعض القضايا، اتصل مسؤولو السجن بالعائلات لتسلم الجثث بعد أشهر من الإعدام.
قال أحد أفراد الأسرة إن سبب الوفاة في شهادة وفاة قريبهم كان الإعدام شنقا، لكن لم تكن ثمة علامات حول رقبة الرجل تشير إلى الشنق عندما غسلوا الجثة قبل دفنها، ما أثار الشكوك حول طبيعة وفاته.
قال أحد أفراد الأسرة أيضا إن مسلحين من قوات أمن الحكومية العراقية متمركزين خارج المقبرة لأسابيع بعد الدفن ضايقوا أفراد الأسرة الذين زاروا القبر. قال أحد أفراد الأسرة إنهم يعتقدون أن سبب ذلك هو منع الأسرة من استخراج الجثة لإجراء تشريح مستقل. لم يُزَوَّدُوا بمحضر تشريح الجثة.
قالت إحدى القريبات لأحد من أُعدموا إن قوات الأمن منعت الأسرة من إقامة مراسم الجنازة ونشرت قوات عند القبر. أضافت: “لاحظت في آخر مرة زرته فيها [في السجن] أن أظافره مفقودة، وأسنانه متساقطة، وكانت ثمة علامات على قدميه وحول عنقه”.
راجعت هيومن رايتس ووتش صورا لثلاث جثث أُفرج عنها بعد الإعدام وتظهر عليها علامات مرئية لسوء المعاملة أو التعذيب، بما في ذلك كدمات شديدة وكسور في العظام وجروح وهزال.
أفاد مقررون خاصون للأمم المتحدة بأن ظروف سجن الناصرية غير إنسانية، بما في ذلك الافتقار إلى الرعاية الصحية والصرف الصحي، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والوقت المحدود الذي يقضيه السجناء في الهواء الطلق، والاكتظاظ، والطعام الرديء.
هيومن رايتس ووتش.
اترك تعليقاً