عودة الروهينجا إلى وطنهم تأخرت طويلًا وتُعد استحقاقًا إنسانيًا لا يحتمل مزيدًا من التسويف

IMG 20250329 002542 715

في ظل تعثّر عملية إعادة الروهينجا إلى ديارهم، وتراجع الدعم الدولي المخصص لرعايتهم بشكل ملحوظ، دعا المستشار الأعلى – وبحق – مبادرة خليج البنغال للتعاون الفني والاقتصادي المتعدد القطاعات (BIMSTEC) إلى اتخاذ خطوات ملموسة تُفضي إلى إعادتهم. وقد ناشد الدول الأعضاء الشروع في حوار جاد بين أطراف النزاع في ميانمار، والعمل على إعادة الاستقرار إلى ولاية راخين. ومما يدعو للأسف، أنه رغم محاولات عديدة خلال السنوات الثماني الماضية، لم تُسفر أي منها عن إعادة لاجئ واحد من الروهينجا المقيمين في بنغلاديش إلى موطنه. بل على العكس، فقد لجأ نحو مئة ألف آخرين إلى بنغلاديش منذ يوليو من العام الماضي، نتيجة تصاعد المواجهات بين جيش أراكان والمجلس العسكري الحاكم في ميانمار.

وفي ضوء هذه التطورات، بات من الضروري أن تضطلع المنتديات الدولية، بما فيها BIMSTEC، بدور نشط في معالجة هذا النزاع المزمن. كما حذّر المستشار الأعلى من أن استمرار الأزمة دون حل يُنذر بزعزعة الاستقرار في عموم المنطقة.

تستضيف بنغلاديش قرابة مليون ومئتي ألف من مسلمي الروهينجا، غالبيتهم فرّوا من ميانمار إثر الحملة العسكرية الشرسة التي شنّها الجيش في ولاية راخين عام 1438هـ (2017م). ومنذ الانقلاب العسكري في عام 1442هـ (2021م)، انزلقت البلاد إلى أتون حرب أهلية، تمكنت خلالها “جيش أراكان” من بسط سيطرته على نحو 90% من أراضي راخين.

ومؤخرًا، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تحذيرًا من مجاعة وشيكة تهدد الولاية. وعلى ضوء هذه المستجدات، دعا المستشار الأعلى إلى إنشاء ممر إنساني عاجل في راخين لتأمين الإمدادات الأساسية للسكان، والحيلولة دون موجات نزوح جديدة. غير أن هذه التطورات تطرح تساؤلًا جوهريًّا: هل من الواقعية الشروع في عملية الإعادة الطوعية في ظل هذا الوضع المأساوي في راخين؟

أفادت التقارير بأن السلطات في ميانمار قد حدّدت 180 ألفًا من مسلمي الروهينجا باعتبارهم مؤهّلين للعودة، من أصل قائمة تضم 800 ألف لاجئ يعيشون حاليًا في مخيمات بنغلاديش. وذكرت دائرة الإعلام التابعة للمستشار الأعلى أن هذه القائمة الأصلية قُدّمت من قبل بنغلاديش على ست مراحل بين عامي 1439هـ (2018م) و 1441هـ (2020م). من جانبه، أكّد “يو ثان شوي”، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في ميانمار، أن التحقّق النهائي من أسماء وصور 70 ألفًا آخرين لا يزال قيد المراجعة، كما أشار إلى أن عملية التدقيق لبقية الأفراد، وعددهم 550 ألفًا، ستُسرَّع في المرحلة المقبلة. ورغم ما تنطوي عليه هذه التعهدات من بادرة أمل، فإنّ الطريق لا يزال طويلًا، ويتطلّب جهودًا جبّارة لضمان عودة آمنة وكريمة لمسلمي الروهينجا إلى ديارهم.

يتعيّن على ميانمار أن تهيّئ بيئة آمنة وملائمة في ولاية أراكان لتسهيل العودة الطوعية والآمنة لمسلمي الروهينجا، وعلى السلطات هناك أن تمنحهم المواطَنة الكاملة، وحرية التنقل، والحق في العمل، وسائر الحقوق الإنسانية الأساسية. وفي الوقت ذاته، تُعاني بنغلاديش من ضغوط متزايدة جرّاء استضافتها لمئات الآلاف من اللاجئين، وقد ازدادت التحديات بسبب تراجع المساعدات الدولية. لذا، فإنّ التعجيل ببدء عملية الإعادة الطوعية يصبّ في مصلحة بنغلاديش والمنطقة بأسرها.

ذا دايلي ستار.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا