عالم يحتضر!

unnamed file 1130x580 1

طغيان الإنسان عندما يشعر بجنون العظمة، وكبرياء السلطة أمرٌ سطره القرآن، بحيث يتحول إلى وحش كاسر لا يترك حجرا على حجر، يتفنن في الإيذاء ببني جنسه، بل ويتلذذ في التنكيل به، ويشعر بالنشوة في متابعة مسلسل الدماء، وتطربه أنين الثكالى وآهات المعوزين.

نحن في عالم يحتضر، تعرَّى عن كل الأديان والأخلاق، ومرق من الإنسانية حتى انحط في عالم البهيمية، فالبشرية اليوم بحاجة إلى إنقاذ حقيقي من جحيم الحروب العبثية التي تشعلها قوى الاستكبار، ومن عذاب البعد عن الله، وفساد الأخلاق، التي تمولها وتشرعنها منظمات وهيئات تتدثر بدثار الأممية والإغاثة.

لقد طفح الكيل من شدة الهول الذي نشاهده، ويحدث أمام مرأى ومسمع العالم من قهر وإذلال لشعوب كاملة، فالعالم بحاجة ماسَّة إلى صيحة محمدية جديدة جهرية: واصباحاه.. واصباحاه …. واصباحاه.

أنقذوا أنفسكم من النار… هكذا بكل وضوح وصراحة لا تعرف التلعثم.

أنقذوا أنفسكم من عذاب الشرك والكفر والابتعاد عن فيوضات رحمة الله، فإن الشرك والكفر عذاب.. عذاب في الضمير والعقيدة، يتهادى الشخص لا يلوي على شيء، يعيش في خواء قاتل، تُنكره روحه وتستوحشه نفسه التي بين جنبيه، تتحول حياته إلى جحيم لا يُطاق، لأنها ضنك وضيق مصداقا لقوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).

يقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي تعليقا على هذه الآية الكريمة: “بعض المفسرين، يرى أن المعيشة الضنك، عامة في دار الدنيا، بما يصيب المعرض عن ذكر ربه، من الهموم والغموم والآلام، التي هي عذاب معجل، وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة، لإطلاق المعيشة الضنك، وعدم تقييدها”.

وقال تعالى: (بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والصلال البعيد) إنهم فعلا في عذاب وشقاء ونكد في الدنيا قبل عذاب الآخرة! وبهذا يقدم سيد قطب بأسلوبه الأخاذ المعبر والفريد فيقول عند تفسيره لهذه الآية من سورة سبأ: “وقد يكون المقصود بالعذاب الذي هم فيه عذاب الآخرة، فهو لتحققه كأنهم واقعون فيه وقوعهم في الضلال البعيد الذي لا يرجى معه اهتداء.. وقد يكون هذا تعبيرا عن معنى آخر. معنى أن الذين لا يؤمنون بالآخرة يعيشون في عذاب كما يعيشون في ضلال. وهي حقيقة عميقة. فالذي يعيش بلا عقيدة في الآخرة يعيش في عذاب نفسي. لا أمل له ولا رجاء في نصفة ولا عدل ولا جزاء ولا عوض عما يلقاه في الحياة. وفي الحياة مواقف وابتلاءات لا يقوى الإنسان على مواجهتها إلا وفي نفسه رجاء الآخرة، وثوابها للمحسن وعقابها للمسيء. وإلا ابتغاء وجه الله والتطلع إلى رضاه في ذلك العالم الآخر، الذي لا تضيع فيه صغيرة ولا كبيرة; وإن تكن مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله. والذي يحرم هذه النافذة المضيئة الندية المريحة يعيش ولا ريب في العذاب كما يعيش في الضلال. يعيش فيهما وهو حي على هذه الأرض قبل أن يلقى عذاب الآخرة جزاء على هذا العذاب الذي لقيه في دنياه!

إن الاعتقاد بالآخرة رحمة ونعمة يهبهما الله لمن يستحقهما من عباده بإخلاص القلب، وتحري الحق، والرغبة في الهدى. وأرجح أن هذا هو الذي تشير إليه الآية، وهي تجمع على الذين لا يؤمنون بالآخرة بين العذاب والضلال البعيد”.

فلا بد من صرخة مدوية تنادي: أنقذوا أنفسكم من عذاب الانحلال الخلقي الطافح، وتجريف بقايا الفطرة البشرية التي يطاردها المختلون عقليا من الشواذ والمخنثين الذين يكرسون بكل ما يملكون من إمكانات لتمرير الرذيلة وشرعنتها، وسلخ الإنسان من آدميته وقتل ما تبقى من كرامته وفطرته التي فطر الله الناس عليها، من التأفف من الوضاعة والدناءة البهيمية!

إن البشرية اليوم لتتعرض لأبشع هجمة في كينونتها، فهناك جهود جبارة لسلخها من آدميتها، وإفقادها الكرامة الربانية التي امتنَّ الله تبارك وتعالى عليها “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات”.

مظاهر احتضار العالم!

  1. الكفر الصارخ والفج بالله مع سوء الأدب معه، وآخرها جرأة ترامب: “خلال هذا الأسبوع، قال فيه أن أبواب الجحيم ستفتح على حماس، وغيرها، إذا لم يتم إطلاق المحتجزين الأسرى” فجاءت الجحيم الحقيقية من الله الكبير المتعال على أمريكا، فكانت من البداية من لوس أنجلس!!
  2. طغيان الفجور والفحش وشرعنتها وقهر الشعوب على تقبلها؛ يقهرون الشعوب على تضمين قوانينهم ودساتير دولهم بمبادئ رعاية حقوق الشواذ، وغيرها من الفواحش، ويعتبرون هذا أول مظهر من مظاهر تحضر الدولة، وقبولها في المحافل الدولية، وتتمتعها بالامتيازات والمساعدات من “الدول المانحة”!
  3. الظلم والتمييز العنصري لكل ضعيف ” القوي يأكل الضعيف” وافتضاح كل القيم التي نادت بها الدول الغربية الكافرة ردحا من الزمن تدغدغ به مشاعر البسطاء من قومها، وتخدع المفتونين من بني جلدتنا! وما يجري في غزة منذ سنة ونصف من إبادة جماعية لشعب غزة العزة المسلم شيء لا يُصدقه عقل.
  4.  تسلط المترفين والمنعمين من أصحاب الأموال على مصائر البشر وتحويل الإنسان إلى حقول تجارب لمنتجاتهم، من الأدوية والأسلحة الفتاكة!

(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)

  •  انحراف العلم عن غايته السامية في تبصير الخلق لمصالحه وتنوير دروبه نحو السعادة إلى أن صار أدة تجهيل وتطويع وتركيع وتذويب وتضليل عن كل ما يمت إلى نفعه بصلة!
  • قتل ومطاردة وإسكات كل الأصوات التي تدعو البشرية إلى الصحوة واليقظة من هذه المخاطر المحاقة التي تحاك ضدها مسلمين وغيرهم، وليس مطاردة وقتل كل شخص أًسْود ينضم إلى الحركات الداعية لحفظ حياة ومصالح السود في أمريكا عنا ببعيد!

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا