حملت زيارة وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك لسوريا عدة رسائل للعالم الإسلامي.
حملتها بإصرار وغضب لم تتمكن من إخفائهما في ملامح وجهها الذي تناقلته العدسات. وهي ترتدي سترة واقية من الرصاص.
من هي نالينا بيربوك؟
تشغل نالينا منذ 4 جمادى الأولى 1443هـ (8 كانون الأول 2021م) منصب وزيرة الخارجية الألمانية في حكومة المستشار أولاف شولتس، وتعد أول امرأة في تاريخ ألمانيا تشغل منصب وزير الخارجية.
لكن خلف هذا المنصب السياسي الكبير في ألمانيا، سيرة تقدم التفسيرات لتصرفات الوزيرة الوقحة التي شغلت مواقع التواصل، خلال زيارتها لدمشق.
تصنف نالينا ضمن أبرز السياسيين الألمان المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر أن “أمن إسرائيل من أمن ألمانيا”، كما اشتهرت بدعمها الصفيق للحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة ولا تزال من أبرز من ساند الإبادة الجماعية لسكان القطاع المحاصر والمنكوب.
وما يلفت في سيرة وزيرة الخارجية الألمانية الدراسية ليس الألقاب والشهادات فهي لم تتجاوز شهادة الماجستير، ولم تكن سيرتها الدراسية لامعة، إنما الاتهامات التي وجهت إليها، بعد حصولها على شهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة لندن في عام 1425هـ (2005م) والتي تناولت مناقشة مستقبل ألمانيا والتغيرات السياسية والاقتصادية المرتقبة، لكنها اتهمت بالسرقة الأدبية في أطروحتها، بسبب احتوائها على نصوص واقتباسات من مصادر لم يتم الإشارة إليها.
ولم تكمل الوزيرة مشوارها الدراسي للحصول على شهادة الدكتوراة، التي شرعت فيها في عام 1428هـ (2008م) بجامعة برلين الحرة. ولا تشرح التقارير سبب هذا التوقف من المرأة التي تحمل أفكار النسوية المتحررة وحلم تحقيق الذات!
نالينا بيربوك نسوية
المتأمل في حركات الجسد التي صدرت من نالينا بيربوك خلال زيارتها إلى سوريا يلفته 3 صفات بارزة في شخصية الوزيرة الألمانية.
أما الأولى، فكانت الوقاحة والجرأة اللافتة، فقد ارتدت نالينا بيربوك ملابس وقحة لا تلائم زيارة سياسية أو دبلوماسية. وأظهرت جرأة في أسلوب التعامل قليل الأدب بشكل متعمد. وهذا منتقد في البروتوكولات الدبلوماسية، لأنها تمثل دولة كاملة ويجب أن تتصرف كممثل عن دولة، وليس ممثل عن نفسها.
أما الثانية، فكانت تفاعلات القلق والعصبية البارزة، حيث لم تتمكن الوزيرة من ضبط أعصابها وكتم توترها، نلاحظ ذلك من خلال قبضة اليدين، وتحريك الرأس والرقبة واضطراب النظرات، ثم طريقة المشي التي تحاول من خلالها مداراة توترها وقلقها الداخلي.
أما الثالثة، فكانت مشاعر الغضب التي لم تحسن إخفاءها على وجهها، لقد كانت منزعجة بشكل واضح. وفي الواقع كشف هذا الغضب أن تعمدها إظهار وقاحتها في الزيارة لم يكن يدفعه إذلال الطرف المقابل بل تدفعه عقدة نقص في نفسها، فهي مضطرة لزيارة تعلم جيدا أن النظرة إليها فيها هي نظرة لنسوية سفيهة! ولا سبيل لدفع هذا النقص الذي تستشعره إلا الوقاحة التي تعتقد أنها تعزز من وجودها، لكن مشاعر الغضب والعصبية والتوتر جاءت لتؤكد أن خلف هذا الكائن المتعجرف هشاشة نفسية وعقدة نقص.
وبالفعل تعتبر أنالينا بيربوك من أبرز المدافعات عن النسوية وتحرر المرأة اللاأخلاقي المتهور في السياسة الألمانية. ولذلك تذكر التقارير سعي الوزيرة المعقدة من جنس الرجال، إلى إدخال سياسات “تعزز المساواة بين الجنسين وتعطي المرأة أولوية كبرى في المجتمع الألماني”.
فما شاهدناه في قصر الشعب بدمشق في الواقع لم يكن مجرد موقف فردي منفصل عن حقيقة شخصية النسوية التي تعتنقها الوزيرة الألمانية! فلم نكن أمام مبعوثة سياسية عادية، بل كنا أمام مبعوثة نسوية معقدة! همها منازعة الرجل لا احترام مقام الزيارة.
وهذا ما يحدث مع كل نسوية تدخل وسط إسلاميا أو وسطا يغلب عليه الرجال، لعقدة النقص من الرجال التي تعاني منها النسويات.
الوزيرة الصهيونية
فإذا تركنا جانبا المرض النسوي الذي يتسبب في أعراض الوقاحة، والتوتر والتصرف بعقدة نقص، والكثير من السفاهة والحمق، نجد في الجانب المقابل، تطرفا ووحشية في التفكير، تليق تماما بالنسوية. وهي صهيونية نالينا بيربوك.
فقد أعلنت الوزيرة الألمانية المتوترة، في أول زيارة لها لفلسطين المحتلة في ضيافة الاحتلال الإسرائيلي، عن دعمها التام للموقف الرسمي لهذا الاحتلال، وجاءت زيارتها المسانده لتل أبيب بعد أسبوع تقريبا من اندلاع الحرب على غزة وكان الهدف من الزيارة تقديم الدعم الكامل للاحتلال وإبراز موقف ألمانيا المساند تماما لحرب اليهود على غزة.
وتتكرر صهيونية الوزيرة الألمانية في خطاباتها بشكل بارز، كما حدث في خطابها الذي ألقته بعد عام من أحداث السابع من أكتوبر حيث قالت في كلمة لها إن “أمن إسرائيل جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها هو مسؤوليتنا أيضا، والدفاع عن النفس لا يعني مهاجمة الإرهابيين فحسب، بل تدميرهم”.
وأضافت أنه عندما يختبئ من وصفتهم بـ”إرهابيي حماس خلف الناس وخلف المدارس، سنجد أنفسنا في مناطق معقدة للغاية، لكن هذا لا يعني أن نتفاداها”.
صهيونية نالينا بيربوك التي تنسجم وعقلية الصلف والكبر النسوية، هي التي جعلتها تعتقد أن المرافق المدنية الفلسطينية من مدارس ومستشفيات ومنازل ليست بحاجة للحماية، مبررة ذلك بأن “الإرهابيين ينتهكونها”، على حد تعبيرها.
فالصهيونية نالينا بيربوك التي تنادي بدعاوى النسويات علنا، لا يهمها حال نساء غزة ولا أطفالهم، لا يهمها كمية المجازر المهولة والوحشية والدامية في القطاع، والتي تطال بدم بارد وبدعم ألماني النساء والأطفال العزل والمستضعفين، بل يهمها الانتصار لنزعات الشر والكبر التي تحملها وتتجلى على ملامحها وتصرفاتها.
ماذا عن موقف المصافحة؟
قالت أنالينا بيربوك إن رفض قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، مصافحتها أثناء زيارتها للعاصمة دمشق “كان متوقعًا”، في إشارة إلى أنها كانت تعلم بأنه لن تكون هناك مصافحة.
لكن هذا لم يمنع صحيفة “بيلد” الألمانية اليومية أن تصف ما حدث بأنه “فضيحة المصافحة” كما نقل ذلك موقع “بوليتيكو” الأمريكي.
وقالت الصحيفة نقلًا عن الوزيرة الألمانية “عندما سافرت إلى هناك، أصبح من الواضح لي أنه لن تكون هناك مصافحات عادية”. وأردفت “لكن كان من الواضح أيضًا أنني لم أشارك هذا الرأي فحسب، بل ووزير الخارجية الفرنسي أيضًا. ومن ثَم، لم يمد وزير الخارجية الفرنسي يده”.
من جانبها تناولت صحيفة “فرانكفورتر روند شاو” الألمانية المصافحة مبرزة تصريحات الوزيرة التي ربطتها بشكل غير مباشر بحقوق المرأة وتخوفها على حقوق المرأة في سوريا الجديدة، وأبرزت تصريحها عن كون حقوق المرأة هي معيار أساسي لحرية المجتمع في سوريا.
وبتعبير آخر، ترى الوزيرة المهزوزة أن فتح الباب لوقاحة المرأة دلالة على سلامة المجتمع الذي يستحق دعمنا.
وفي الواقع فإن الوزيرة النسوية الألمانية لا تستوعب أن هناك معتقدات وثقافات لشعوب غير ألمانية تُحترم عادة، وكذلك فعل بايدن مع اليهودية المغنية التي رفضت أن تصافحه بدعاوى دينية، ولم نشاهد الامتعاض في الصحافة الغربية لهذا التصرف ولم يكن في ذلك أي اتهام باضطهاد المرأة أو المطالبة بتحرير المرأة واحتكار حقوق المرأة في “مصاحفة” لرجل! وهذا يكفي للدلالة على أن الصهيونية الغربية تحترم وتقدر معتقدات اليهود ولا تحترم ولا تقدر معتقدات المسلمين. فما دخل حقوق المرأة في مصافحة تحولت لمعيار قبول لدى النسوية المتسترة بلباس وزيرة خارجية.
كيف انتهت الزيارة؟
قالت وزيرة الخارجية الألمانية إنها أبلغت قائد الإدارة السورية الجديدة أن أوروبا لن تقدم أموالا “للهياكل الإسلامية الجديدة”، وفق تعبيرها. فالوزيرة تحدد الهياكل الإسلامية كشيء مرفوض، لأن العداء مع كل ما هو إسلامي أصل في السياسة الألمانية، وهو ما يتناغم مع الصهيونية التي تعلنها في كل محفل وزيارة ولقاء.
وأضافت الوزيرة الألمانية، أنه يجب إشراك كل الطوائف في عملية إعادة الإعمار، مؤكدة الحاجة إلى ضمانات أمنية موثوقة للأكراد. فزيارة المبعوثة الألمانية جاءت لأجل الأقليات لا الأكثرية، جاءت لأجل أن تتأكد من بقاء قبضة الهيمنة في يد الأقلية وليس الأكثرية التي ذبحت على يد أقلية في سوريا!
وكل ذلك كان واضحا قبيل توجهها إلى دمشق، حيث حددت أنالينا بيربوك شروطا للحكام الجدد في سوريا لاستئناف العلاقات مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
وقالت أنالينا: “لا يمكن أن تكون هناك بداية جديدة إلا إذا أفسح المجتمع السوري الجديد لجميع السوريين – نساء ورجال وبغض النظر عن المجموعة العرقية أو الدينية – مكانا في العملية السياسية”.
وهكذا جعلت مبعوثة ألمانيا رفع العقوبات عن سوريا يعتمد على مدى تقدم العملية السياسية التي تكون لصالح أوربا بتعزيز مكانة الأقليات، ولن تدعم سوريا في حال تم “إنشاء هياكل إسلامية جديدة”.
وخرج كل ذلك بلغة إملاءات قبيحة وعقلية محتل متعجرف! ودون أي حديث عن عبء أكثر من خمسين سنة من التدمير والتخلف الذي تحمله اليوم سوريا بعد حقبة نظام الأقلية النصيرية المخلوع، ولا عن احتياجات الشعب السوري العاجلة قبل التدخل في تفاصيل لا تزال ثانوية بواقع البلاد المكلومة، ونسيت المبعوثة الأوروبية أن مطالب الشعب السوري الأولى هي رفع العقوبات الجائرة عليه لترد الوزيرة الألمانية بتدخلات جائرة أخرى.
لماذا التعامل مع القيادة الجديدة “غير المرحب بها“ في سوريا؟
تعد زيارة أنالينا بيربوك ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو أول زيارة من وزيرين من الاتحاد الأوروبي إلى سوريا منذ سيطرة إدارة العمليات العسكرية على دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي، مما أجبر الرئيس السوري السابق بشار الأسد على الفرار بعد أكثر من 13 عاماً من الثورة السورية، لينتهي حكم عائلته من الأقلية النصيرية – بمآسي- منذ عقود.
وبحسب وكالة رويترز، تهدف الزيارة إلى توجيه رسالة تفاؤل حذر إلى “هيئة تحرير الشام” المصنفة أساسا كمنظمة إرهابية، وإظهار الانفتاح على الاعتراف بالحكام الجدد لسوريا، مع حثهم على “الاعتدال”، و”احترام حقوق الأقليات”.
ولذلك قالت أنالينا بيربوك، إنها تزور سوريا بـ”يد ممدودة”، و”توقعات واضحة” من الإدارة الجديدة، مضيفةً، أن الحكم على هذه الإدارة سيكون من خلال أفعالها.
وذكرت في بيان سابق: “نعلم الانتماء الأيديولوجي لـ(هيئة تحرير الشام) وما فعلته في الماضي”، مضيفة أن “بداية جديدة للعلاقات لا يمكن أن تحدث إلا إذا لم يعد هناك مجال للتطرف، والجماعات المتطرفة”.
وتابعت: “لكننا أيضاً نسمع ونرى الرغبة في الاعتدال والتفاهم مع الأطراف المهمة الأخرى”، مشيرة إلى المحادثات مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وأوضحت أن “الهدف الآن هو أن تصبح سوريا مرة أخرى عضواً يحظى بالاحترام في المجتمع الدولي”، معتبرة أن ذلك “يصب في مصالح أوروبا الأمنية”.
وهذا ما يدفع الوزيرة المتعجرفة لزيارة سوريا ولقاء قائد جماعة إسلامية ثقيلة على نفسها، إنها مصالح أوروبا الأمنية، ولذلك “أكدت وزيرة الخارجية أن الوقت قد حان لتخلي روسيا عن قواعدها العسكرية في سوريا”.
وهذا طبيعي جدا ومصلحة تفرض نفسها، لأن أوروبا تعتبر وجود القواعد العسكرية الروسية تهديدًا إستراتيجيًا خطيرًا، وتجعل من تقليص النفوذ الروسي في سوريا ركيزة أساسية لأمن الاتحاد الأوروبي.
في دراسة أعدها مركز جسور للدراسات، بلغ عدد المواقع العسكرية للقوى الخارجية الفاعلة داخل روسيا حوالي 830 موقعًا عسكريًا، منها 105 مواقع تحت السيطرة الروسية، تتراوح بين 20 قاعدة عسكرية و85 نقطة عسكرية.
وتعد قاعدة طرطوس البحرية على ساحل البحر المتوسط، وقاعدة حميميم الجوية، أهم القواعد العسكرية الروسية، حيث ذكرت المنشأتين في “العقيدة البحرية” الروسية الثانية والثالثة باعتبارهما أهم مراكز النفوذ على الجانب الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وهي القواعد ذاتها التي قصدتها وزيرة الخارجية الألمانية بتصريحها سابق الذكر، حيث أشار تقرير وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية إلى أن خروج روسيا من القاعدتين العسكريتين يعد ضربة قاصمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل الشرق الأوسط، كما سيجعل من الصعب على روسيا إدارة عملياتها العسكرية داخل أفريقيا، وهو ما تسعى إليه الدول الأوروبية حاليًا بقيادة الاتحاد الأوروبي.
وكان مصدر مطلع لوكالة تاس قد أفاد بأن السلطات السورية الانتقالية لا تخطط لخرق الاتفاقات التي تستخدم بموجبها روسيا القواعد العسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، في المستقبل القريب.
ووفقا للمصدر نفسه، فإن الأطراف تتفاوض حتى لا تكون الظروف القاهرة (الأعمال العسكرية والتغيير المفاجئ للسلطة في سوريا) سببا لإنهاء الاتفاقيات، كما أشار محاور الوكالة أيضا إلى أن المشاركين في المشاورات يناقشون تعداد التواجد الروسي.
وأضاف أن روسيا بدأت مفاوضات مع السلطات السورية الجديدة بشأن الحفاظ على قواعدها العسكرية، وقدمت السلطات السورية الجديدة ضمانات أمن للقواعد العسكرية الروسية خلال المفاوضات.
وتمتلك روسيا منشأتين عسكريتين في سوريا: المركز اللوجستي البحري الروسي في مدينة طرطوس الساحلية وقاعدة حميميم الجوية الواقعة بالقرب من مدينة جبلة في محافظة اللاذقية.
وأنشئت قاعدة طرطوس عام 1390هـ (1971م) بموجب اتفاقية ثنائية.
ولذلك الصحافة الألمانية التي توصف بـ “المعتدلة” أشارت إلى أن مقاطعة ألمانيا لسوريا ستكون خسارة كبيرة لمصالح البلاد. فهذا يعني ترك فراغ استراتيجي لصالح الصين وروسيا.
إن زيارة الوزيرة الألمانية لسوريا بسترة واقية من الرصاص، وبأسلوب متعجرف ووقح يؤكد أنها متوجسة خيفة وغير مرتاحة في زيارتها، دليل آخر على أن هذه الزيارة مهمة لألمانيا، بل لكل الاتحاد الأوروبي، كما أكد ذلك ما نشرته على صفحتها الرسمية بموقع “إكس”، من أن هذه الزيارة الفرنسية الألمانية جاءت نيابة عن الاتحاد الأوروبي.
ورغم كمية الوقاحة والاستعلاء، فإن زيارة المبعوثة الألمانية وزميلها الفرنسي حملت إشارة واضحة إلى أن فتح علاقات سياسية جديدة بين الاتحاد الأوروبي وألمانيا من جهة وسوريا من جهة أخرى، بات أمرا ممكنا.
لغة الاستعلاء إلى متى؟
إن لغة الاستعلاء والاستكبار التي لا تزال تقود سياسات الاتحاد الأوروبي في التعامل مع دول العالم الإسلامي، تكشف حقيقة عقلية المحتل، الذي لا يؤمن أساسا بالشعارات التي يرفعها، فلا يوجد احترام للشعب السوري ولا تقدير لمعتقداته وواقعه الداخلي المعقد والمحتقن، بل كل ما يهم الإدارة الألمانية هو محاولة فرض الإملاءات، والتدخل الوقح في شؤون داخلية لدولة أخرى، ثم العناية بأسباب بقائها في تبعية بلا أدنى استقلالية في التعامل مع ملفاتها الخاصة ورهن هذه الإملاءات بالابتزازا الخبيث الذي يتأذى منه أغلبية الشعب السوريٍ، وكل هذا مع وجود حاجة ملحة للأوروبيين لكسب سوريا في موقف يمنع الصعود الروسي في المنطقة!
وبهذا نرى أن الفكر الغربي لا يمكنه أن يستوعب تطلعات وقضايا الشعوب المسلمة، وسيقى عقبة في نهضة العالم الإسلامي، إن لم يتم إخضاعه لقبول حقيقة أن العالم يتغير ولغة الاستعلاء لا تجدي نفعا خاصة وأن على الأبواب الرئيس الأمريكي الذي يحسن جلد القادة الأوروبيين وإذلالهم.
وعلى ألمانيا أن تراجع كفاءة ممثليها للزيارات الخارجية، فقد أخطأت كثيرا بإرسال نسوية في منصب وزيرة خارجية، لا تملك توازنا عقليا ولا نفسيا يسمح لها بالتعامل بعيدا عن العقد التي تعاني منها. فخرجت بلعنات ومسبات من المسلمين تملأ فضاء التواصل.
وهم المسلمون الأغلبية التي تقرر مصير بلادها وليس الأقليات التي تعول عليها أوروبا في سوريا، فالأجدر هو احترام هذه الأغلبية التي يمكنها أن تقتلع حكم أي أقلية أخرى قد تحاول التصدر من جديد! والأجدر تطبيق دروس احترام الأقليات في ألمانيا نفسها ودول أوروبا، التي تضطهد فيها النساء المسلمات وتطارد على لباس ستر ونقاب! فأين حرية المرأة المسلمة في بلادكم قبل الحديث عن حريات في بلاد غيركم!
وعلى الشعوب المسلمة أن تعمل على إنهاء مرحلة الاستعلاء الغربي على المسلمين، فمع تدافع قوى النظام الدولي وتضارب المصالح وظهور حالة الاضطرار والاستثناءات لدى هذه القوى، آن الأوان أن يتعلم الغرب أن المسلمين ليسوا بحاجة لإملاءاتهم وتدقيقاتهم، فهذه مرحلة يجب أن تنتهي تماما.
وعلى القيادات الغربية أن تعي أن أول من عليه أن يحرر المرأة ليس سوريا إنما ألمانيا، بتحرير نسائها من مرض النسوية الخطير الذي يصنع نماذج قبيحة للغرور النسوي، والجهل بآداب التعامل مع الشعوب المختلفة، كالتي قدمتها وزيرتها للخارجية. وإلا فإن لدى المسلمين من العلم والعدالة والثقافة والحضارة ما لا يمكن لألمانيا أن تناجزه، وإن تحرير مسلمة واحدة في سجن صيدنايا الوحشي لهو بكل محاضرات الغرب عن تحرير المرأة. فحرية الإسلام هي الحرية التي تنشدها المسلمة وليس حرية العري ومنازعة الرجال التي تحولت لأصل وأساس في سياسات الدول التي ستؤدبها سنن الله عاجلا أم آجلا!
اترك تعليقاً