خشية الترحيل، دخل الأويغور المحتجزون في تايلاند في إضراب عن الطعام

de2af2cf449b77c8b62703548648a9a2

عشرات الرجال من هذه الأقلية العرقية فروا من القمع في الصين منذ عقد من الزمن، لكنهم ظلوا محتجزين في تايلاند طوال هذه الفترة.

عشرات الرجال من الأويغور الذين فروا من الاضطهاد في موطنهم الأصلي الصين ليجدوا أنفسهم محتجزين في تايلاند، دخلوا أسبوعهم الثاني من إضرابهم عن الطعام في بانكوك.

ويُعد صيامهم هذا محاولة أخيرة للضغط على الحكومة التايلاندية لوقف ما يخشاه المحتجزون من ترحيل وشيك إلى الصين، حيث يواجهون خطر التعذيب والسجن. ب

بدأ الرجال، الذين أمضوا أكثر من عقد في مراكز احتجاز تايلاندية، إضرابهم عن الطعام في العاشر من يناير، وذلك بعد يومين من تسلّمهم استمارات تحت عنوان “العودة الطوعية” للتوقيع عليها، وفقاً لروايات من اثنين من المحتجزين.

ورفض الجميع التوقيع على الاستمارات، لكنهم طُلب منهم بعد ذلك الوقوف لالتقاط الصور. أثارت هذه الإجراءات ذعراً بينهم، حيث إن نفس السيناريو سبق في عام 1436هـ (2015م) عملية ترحيل مفاجئة لـ109 من الأويغور إلى الصين من قبل تايلاند.

وقد أكدت السلطات التايلاندية أنه لا توجد خطط لإعادتهم، ونفت وقوع إضراب عن الطعام.

أحد المحتجزين تواصل سراً مع صحفي وناشط، وقام الأخير بمشاركة رسائله الصوتية مع صحيفة “نيويورك تايمز”. أما رواية المحتجز الثاني، فقد نقلها أحد أفراد عائلته. وأكد أربعة أشخاص آخرين مطلعين على القضية صحة هذه التفاصيل. ولا يكاد المحتجزون يحصلون على أي تواصل خارجي سوى زيارات شهرية من طبيب.

الأويغور هم مسلمون يتحدثون اللغة التركية، ويعيش الكثير منهم في منطقة تركستان الشرقية (شينجيانغ سابقاً) الواقعة غرب الصين. وفي مسعى للقضاء على ما تعتبره السلطات تهديدات للانفصال العرقي، فرضت الحكومة الصينية رقابة صارمة على المنطقة منذ عام 1435هـ (2014م)، ثم اعتقلت ما يصل إلى مليون من الأويغور وغيرهم في معسكرات وسجون، وكثّفت من إجراءات تحديد النسل للنساء المسلمات، وأجبرت الأطفال المسلمين على الدراسة في مدارس داخلية.

أدى الاضطهاد إلى فرار آلاف الأويغور من وطنهم. وكان المحتجزون في تايلاند ضمن موجة تجاوزت 300 شخص فرّوا من الصين في عام 1435هـ (2014م)، مستخدمين دول جنوب شرق آسيا كنقطة عبور في سبيل الوصول إلى تركيا، التي تحتضن جالية كبيرة من الأويغور.

00thailand uyghur wghf mobileMasterAt3x

ضباط شرطة في مدينة كاشغر بالصين عام 1444هـ (2023م). تقع كاشغر في منطقة تركستان الشرقية، التي تعد موطناً لكثير من الأويغور، وتشهد رقابة مشددة من قبل السلطات.

في مساء الجمعة، كان الرجال لا يزالون يرفضون تناول الطعام ويكتفون بشرب كميات قليلة من الماء، وفقاً لرسالة صوتية أرسلها أحد المحتجزين إلى أرسلان هداية، الناشط في مجال حقوق الأويغور والمقيم في واشنطن، والذي شارك الرسالة مع صحيفة “ذا تايمز”.

ولا يزال العدد الدقيق للرجال المشاركين في الإضراب عن الطعام غير واضح.

في وقت سابق من يوم الجمعة، ذكر المحتجز أنه “على ثقة تامة” بأن السلطات التايلاندية ستسلم الأويغور إلى الصين بحلول يوم الاثنين.

وفي رسالة منفصلة بتاريخ 13 يناير، قال المحتجز: “نحن نستغيث بشدة من العالم الحر. أنتم تعرفون تماماً ما سيحدث لنا إذا تم ترحيلنا إلى الصين.”

وفي سياق منفصل، أخبر شقيق أحد المحتجزين أحد الصحفيين أنه تواصل معه عبر رسالة نصية يوم الجمعة. وكتب المحتجز في الرسالة، التي اطلعت عليها صحيفة “ذا تايمز”: “لقد مضت سبعة أيام منذ بدأنا الإضراب عن الطعام، لكنهم لا يبالون ولا يردّون علينا”. وأضاف: “هذا الصباح طلبنا مقابلة ممثلين من الأمم المتحدة، لكنهم رفضوا ذلك.”

طلب كل من المحتجزين وشقيق أحدهما، كما هو الحال مع الآخرين المذكورين في هذا التقرير، عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من التعرض للانتقام.

رفضت السلطات التايلاندية للهجرة بشكل متكرر السماح لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول إلى هؤلاء المحتجزين، على عكس مجموعات أخرى مثل مسلمي الروهينجا الفارين من ميانمار، وفقاً لما ذكرته بريوني لاو، نائبة مدير آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش.

زاد الإضراب عن الطعام من المخاوف لدى النشطاء الحقوقيين بشأن صحة المحتجزين، حيث يعاني الكثير منهم من سوء التغذية، وأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والرئة، بالإضافة إلى ضعف كبير في الوصول إلى الرعاية الصحية. وقد توفي خمسة من الأويغور أثناء الاحتجاز، بينهم طفلان.

في هذا الشهر، تعرّض سياسي سابق من المعارضة الكمبودية لإطلاق نار في بانكوك وفي وضح النهار، مما أثار خوفاً متزايداً بين اللاجئين والمنشقين الذين لجأوا إلى تايلاند خشية على سلامتهم.

قال وزير الدفاع التايلاندي، فومثام ويتشاياشاي، يوم الجمعة، إن قضية الأويغور قد تم مناقشتها في ذلك اليوم خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني في البلاد. وأوضح أنهم ناقشوا كيفية “الالتزام الصارم بالقوانين، وتنفيذ الأمور دون التسبب في مشكلات لبلدنا أو البلدان الأخرى”.

عند سؤاله من قبل أحد الصحفيين عما إذا كان سيتم ترحيل الأويغور يوم الإثنين، قال السيد فومثام، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس وزراء تايلاند، “لقد سمعت هذا للتو منك”.

ونفى اللواء ثانيت ثاي واتشاراتراماس، القائد العام بالنيابة لمكتب الهجرة، أن يكون الأويغور في إضراب عن الطعام.

وفي بيانٍ، قالت وزارة الخارجية الصينية إنها “لم تكن على علم” بالتقارير التي تفيد بإمكانية ترحيل الأويغور إلى الصين. وأشارت إلى أن موقفها الأساسي هو التشديد في “مكافحة أي شكل من أشكال الهجرة غير القانونية”.

أثارت معاناة المحتجزين القلق في الولايات المتحدة وفي المجتمع الحقوقي الدولي. ففي يوم الأربعاء، قال ماركو روبيو، الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولي وزارة الخارجية، إنه سيتواصل مع تايلاند للضغط عليها لعدم ترحيل الأويغور. وأوضح في جلسة استماع في مجلس الشيوخ أن هذه الحالة “تعد فرصة جديدة لتذكير العالم” بالاضطهاد الذي يتعرض له الأويغور.

أنخانا نيلابايجيت، عضو مجلس الشيوخ في تايلاند، قالت إنها طرحت قضية الإضراب عن الطعام مع مجلس الأمن الوطني التايلاندي. وأضافت أنها تمارس ضغوطاً على الشرطة التايلاندية للسماح لها بلقاء الأويغور، وخططت لعقد جلسة استماع في البرلمان بشأن وضعهم في نهاية الشهر.

وتذكرت كيف أنها في عام 1436هـ (2015م)، وبصفتها رئيسة لجنة حقوق الإنسان الوطنية في تايلاند، فوجئت بالترحيل السابق للأويغور. وقد وصفت وكالة الأمم المتحدة للاجئين تلك الخطوة بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي.

“في ذلك الوقت، اقتحم المتظاهرون في تركيا القنصلية التايلاندية في إسطنبول، بينما استخدمت الشرطة في العاصمة أنقرة رذاذ الفلفل لصد الأويغور الذين حاولوا اختراق حاجز خارج السفارة الصينية”.

قال رئيس وزراء تايلاند آنذاك، الجنرال برايوت تشان-أوتشا، إن الصين ضمنت سلامة الأويغور، ووعدت بمنحهم “الوصول إلى العدالة العادلة”. لكن فيما بعد عرضت محطة التلفزيون الحكومية الصينية صوراً للمحتجزين وهم يرتدون أكياساً على رؤوسهم وهم يصعدون إلى الطائرة المتجهة إلى الصين.

قال عمر قانات، المدير التنفيذي لمشروع حقوق الإنسان للأويغور، وهي منظمة غير حكومية، إن منظمته اكتشفت لاحقاً أن بعض المرحلين تلقوا أحكاماً بالسجن لفترات طويلة، ولكن مصير الغالبية منهم ظل مجهولاً. “لقد اختفوا.”

المصدر: The new york times.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا