أجرى فريق وصل لقاءً مع الأستاذة أم أسامة، مديرة مدرستين تعليميتين للنساء في كابول، ومعلمة في دار العلوم الحكومية في العاصمة، وهي مدرسة لتعليم العلوم الإسلامية وأكثر موادها باللغة العربية، وذلك لتسليط الضوء على واقع تعليم النساء في البلاد، الذي أثار جدلا واسعا في الآونة الأخيرة، فكان ما يلي:
وصل: ما هو تصور إمارة أفغانستان الإسلامية للدور المجتمعي المنوط بالمرأة؟
الأستاذة أم أسامة: تصور الإمارة الإسلامية للدور المجتمعي المنوط بالمرأة ليست حذف المرأة بشكل كامل من المجتمع كما يزعم البعض، فبناء على ما أرى في الواقع الآن، بعض النساء يعملن في مجالات مختلفة مثل المجال الطبي حيث تتوفر المعاهد الطيبة ومدة دراستها سنتين، وهي مفتوحة للبنات، وكذلك في المجال التعليمي، يتوفر دار العلوم من الصف الأول إلى الصف الرابع عشر وهي متوفرة للبنات، وفي المجال الاجتماعي كإنشاء معمل الخياطة وهناك تعمل بعض النساء في مثل هذه الأماكن للتدريب المهني، أما بالنسبة للنساء اللواتي كن يعملن في بعض الوزارات الحكومية إبان مرحلة الاحتلال، وكن يختلطن مع الرجال في مكتب واحد، فهن الآن في البيوت وظيفتهن معلقة. ومع ذلك استمرت الإمارة في دفع رواتبهن بشكل كامل إلى مدة قريبة، حيث حددت الإمارة رواتبهن بـ 5000 الآف أفغاني، وهناك بعض الوزارات مثل وزارة التعليم العالي، ووزارة المعارف تتواجد فيها نساء حيث يعملن في القسم المخصص في هذه الوزارات لإدارة تعاملات النساء.
هناك أيضا مدارس حكومية للبنات من الصف الأول إلى السادس، مفتوحة للبنات ولكن المدارس لما بعد الصف السادس إلى الثانوية والمرحلة الجامعية مغلفة حاليا أمام البنات. والذي نعرفه أن العديد من النساء المدرسات اللاتي كن يدرسن في المدارس الحكومية لا يزلن يحصلن على رواتبهن بشكل كامل. والمدرسات اللاتي يبقين الآن في البيت، دفعت لهن الإمارة رواتبهن بشكل كامل ولكن منذ عدة أشهر كما أسلفت حددت الإمارة رواتبهن في حدود 5000 أفغاني شهريا.
وفي قسم المدارس الدينية، المدارس مفتوحة تماما للبنات ولا يوجد أي منع لدراستهن في هذا المجال، فللنساء كامل الحرية في الخروج ودراسة القرآن والدروس الدينية الأخرى. ولكن هناك العديد من المؤسسات كانت مرتبطة بالنساء أغلقتها الإمارة لأسباب مختلفة منها: أن تكون تلك المؤسسات مدعومة من الأجانب وتعمل لمصالحهم، أو أن لا تكون النساء اللواتي يعملن فيها ملتزمات بالدين والحجاب الشرعي، فالسببين الأخيرين أكثر ما تسبب في إغلاق المؤسسات التعليمية الخاصة بالمرأة في أفغانستان.
وصل: هل صحيح ما يقال أن إمارة أفغانستان الإسلامية، أغلقت أبواب الثانويات ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المنتزهات، وصالات الرياضة، وغيرها؟ وما سبب ذلك؟
الأستاذة أم أسامة: نعم، أبواب الثانويات في المدارس الحكومية مغلقة وأيضا الجامعات والمنتزهات وصالات الرياضة. وبالنسبة للمدارس الثانوية والجامعات فمنذ السنة التي تولت فيها الإمارة الحكم كانت مغلقة، وبعد استلامها الحكم فتحت الجامعات لفترة على أن يتوفر للبنات مدرسات من جنسهن ولأجل ذلك أجرت اختبارات لهن، ولكن فجأة أغلقت الإمارة أبواب الجامعات دون ذكر أي سبب للإغلاق.
وشخصيا كنت آنذاك أدرس في عدة جامعات وأنقل لكم ما شاهدته بعيني فيها، لقد رأيت أن هناك الكثير من الطالبات الجامعيات من تخصصات مختفلة أفكارهن خطيرة وعجيبة وهن متأثرات بالأفكار النسوية والغزو الفكري الغربي إلا من رحمها الله تعالى. وأنا كأستاذة قسم الثقافة الإسلامية عندما كنت أذهب إلى كليات أخرى لأدرس الثقافة الإسلامية لم أكن أرى رغبة الطالبات في الدين والثقافة الإسلامية إلا القليلات منهن. فقد كن متأثرات بالدعوات النسوية والغربية، وكانت الإمارة قد خصصت عددا من حصص الثقافة الإسلامية في كليات مختلفة ولكن الطالبات لم يظهرن الرغبة في تعلم الدين مع أن الحصص لا تتجاوز يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، وكن يقلن: بدل أن ندرس الطب نحن نذهب للمسجد ونتعلم الدين لنصبح عالمات في الدين! لماذا ندرس الثقافة الإسلامية في الأسبوع لأكثر من حصة؟ وبالنسبة للحجاب الشرعي قبل إغلاق الجامعات أمرت الحكومة طالبات الجامعات بلبس الحجاب الشرعي ولكني كنت أرى بأنهن لم يراعينه بشكل كامل، بل كنّ يبدين زينتهن ومحاسنهن من الحجاب، وباسم الحجاب انتشرت الفساتين المزينة، وكن يلبسن العباءات المفتوحة لتظهر محاسنهن إلا قليلات منهن كن يلبسن الحجاب الشرعي بشكل كامل. أما بالنسبة لصالات الرياضة كانت بعض الصالات تدعم من جانب المؤسسات النسوية وفي أثناء التدريبات العملية كن يشغلن الموسيقى ويقعن في مخالفات شرعية. فكان هذا سبب إغلاقها.
لقطات من مدارس النساء في أفغانستان
الفيديوهات المرفقة من الأستاذة أم أسامة، وهي حديثة منذ شهرين تقريبا.
الفيديو الأول
الفيديو الثاني
الفيديو الثالث
حفل التقدير لنخبة الجولة الثامنة من منافسات المجد للسيدات
الفيديو الرابع
” كانت لدينا مسابقة على مستوى كابول شاركت فيها أكثر من 800 طالبة من تخصصات مختلفة”
الأستاذة أم أسامة
وصل: كيف تتعامل الإمارة الإسلامية مع النساء اللاتي يرفضن القرار في البيت، ويبحثن مشاركة الرجال في العمل والاختلاط في التعليم وتبوأ المناصب القيادية، وغيره ؟
الأستاذة أم أسامة: أولا: الإمارة ترفض التعليم والعمل للمرأة في أماكن الاختلاط بشكل عام والأماكن التي كان فيها اختلاط، إما أغلقت وإما استمر بعضها للآن لضرورة توفرها في المجتمع، ولكن قامت الإمارة بفصل مكاتب الرجال عن النساء. مثل: عمال وعاملات البنوك، وشركات “شريحة”، وبعض المستشفيات، ومكتب توزيع جوازات السفر، ومكتب توزيع بطاقة الهوية مثل هذه الأماكن مفتوحة للرجال وللنساء ولكن الإمارة فصلت فيها مكاتب النساء عن مكاتب الرجال.
ثانيا: بالنسبة للمناصب القيادية، لا توجد عندنا الآن نساء يعملن في الوزارة في منصب وزيرة، أو محامية، أو قاضية. ولكن في قسم الرئاسات توجد عندنا بعض النساء يعملن في إدارة مراكز التعليم الخاصة بالبنات أي أن رئاستها في تجمعات النساء، كبعض المستشفيات نسائية، وأيضا المدارس.
وصل: ما مدى صحة ما يقال من أن بعض النساء اللاتي منعن التعليم والعمل من قبل الإمارة، أو تعرضن للضرب على أيدي أفراد الحسبة بسبب عدم ارتدائهن الحجاب على نحو مناسب قد أقدمن على الانتحار؟
الأستاذة أم أسامة: لا صحة لهذه الإشاعات، فأنا أتعامل مع قضايا النساء المختلفة من الصباح إلى المساء وإلى اللحظة لم أواجه مثل هذا الأمر أو أسمع أن واحدة بسبب عدم ارتدائها الحجاب الشرعي ضربها أفراد الإمارة إلا في حالة استثناء نعرفها، حيث كانت هناك بعض النساء بسبب أن هدفهن رفع قضيتهن للخروج من أفغانستان إلى بلاد الغرب، كن يخرجن بشكل متعمد من البيت متبرجات ويمشين في الشوارع متبرجات، وأمام جنود الإمارة حتى يتسفزونهم لينكروا عليهن بينما كانت من خلفهن إحداهن تسجل الفيديو لتشويه اسم الإمارة من ناحية أن هناك ظلم يقع على النساء وأن جنود الإمارة يضربون النساء بسبب عدم ارتدائهن الحجاب. وأود أن أقول إن هذه نكتة! فبعد مجيء الإمارة أعلنت أن على النساء اللواتي يعملن في أي أماكن رسمية أو غير رسمية لبس الحجاب، والنساء يلبسن العباءات مع البرقع أو النقاب، وأما اللواتي يعملن في الإعلام فيظهرن في التلفاز بالأقنعة الطبية أو ما يسمى الكمامات، فهذا أمر معروف في أفغانستان وليس جديدا على نسائه. لذلك القول بأن هناك نساء أقدمن على الانتحار فما سمعنا بهذا في واقعنا ولم نشهد عليه بين أقاربنا ولا صديقاتنا ولا حتى طالباتنا، باستثناء قصة انتحار واحدة لم نكن نعرف بالضبط دوافعها ولكننا سمعنا من الناس أن هناك حالة انتحار. وهذا يحدث في كل المجتمعات حتى الغربية المنحلة!
وصل: بصفتك مديرة لأكاديمية تعليمية للفتيات، هل اختلف أسلوب إدارتكم للأكاديمية أثناء حكم الإمارة الإسلامية عن زمن الاحتلال؟
الأستاذة أم أسامة: بالنسبة لاختلاف أسلوبنا في زمن الإمارة وأسلوبنا زمن الاحتلال. أنا كمديرة لمدرسة دينية قبل الإمارة كان في مدرستنا لبس الحجاب الشرعي واجبا على الطالبات والآن الأمر نفسه لم يتغير شيء، ولكن بالتأكيد هناك فارق في الدوافع يختلف، فالطالبات كن يراعين الحجاب الشرعي في زمن الاحتلال تحت مفهوم الديموقراطية والحرية الشخصية فلم يكن يقبلن الإلزام بالحجاب الشرعي على أنه مجرد خيار شخصي وأن الدين لا يتدخل في الحريات الشخصية، وأن الحكومة كانت تحمي هذه الفكرة وللأسف إلى الآن لا نزال نسمع هذا الكلام من بعض النساء. وبالنسبة للأماكن الأخرى نعم، اختلفت الأساليب؛ لأن الإمارة ألزمت النساء بلبس الحجاب الشرعي وليس فقط في المدارس، بل كل أماكن التعليم المختلفة والعمل المرتبطة بالنساء. ولكنهن يلبسن العباءات مع الخمار وبعضهن يغطين وجوههن بالنقاب أو البرقع، وبعضهن لا يغطين وجوههن.
وصل: ما هو منهجكم في تدريس المواد الشرعية؟
الأستاذة أم أسامة: منهجنا في تدريس المواد الشرعية يختلف من مدرسة لأخرى، فنحن ندرس القرآن مع التدبر، والحفظ، والتفسير وأصول التفسير والحديث وأصول الحديث والفقه وأصول الفقه، وندرس الفقه الموافق لمذهب الأحناف، لكونه المذهب السائد في أفغانستان. وعندنا مؤتمرات حول السيرة النبوية بشكل خاص. وتدرس الطالبة وفق هذا المنهج أربع سنوات لتنتقل إلى الدورة الصغرى التي تدرس فيها ترجمه القرآن وتفسير آيات الأحكام والأحاديث، كالأربعين النووية ورياض الصالحين ومشكاة المصابيح والسيرة النبوية، وحفظ عدة أجزاء من القرآن الكريم ودراسة العقيدة كالعقيدة الطحاوية والفقه، أعني منهجنا يعتمد على تدريس الأصول والمواد الشرعية معا إضافة إلى اللغة العربية.
وصل: ما هي المواد التي يتم التركيز عليها في التدريس؟ هل يتم مثلاً تدريس اللغات الأجنبية؟ وإن كانت الإجابة نعم، ففي أي عمر؟
الأستاذة أم أسامة: المواد التي يتم التركيز عليها من قبل الحكومة هي المواد الشرعية بجانب العلوم العصرية للبنين، ولكن بالنسبة للبنات فالمدارس الدينية مفتوحة والمعاهد الطبية ومدة دراستها سنتين. وكما تعلمون فمدة عشرين سنة كانت فيها بلدنا تحت الاحتلال والناس نشأوا على هذه الفكرة أن الدين منفصل عن حياتنا الشخصية والفردية، وهي فكرة علمانية، حتى أغلب مدرسات المدارس الحكومية متأثرات بهذه الفكرة ولا يعرفن عن المسائل الأولية في دينهن كفرائض الصلاة والصوم، حتى أن بعضهن لا يستطعن قراءة القرآن ولا يعرفن ترجمة سور القرآن حتى على مستوى جزء عم.
قامت الإمارة بنشر الكتب بينهن، ثم الاختبارات. وأيضا في الوزارات تقام صلاة الجماعة للعاملين وعليهم أن يشاركوا في الصلاة في أماكن عملهم جماعة.
نعم، اللغات الأجنبية يتم تدريسها في الدورات التعليمية التي تعلم اللغة العريية واللغة الإنجليزية وبعض اللغات الأخرى، وهي مفتوحة للرجال بدون عمر محدد، وكذلك للنساء، لكن بالنسبة للنساء فقد كانت أوقفت مرحليا قبل 3 أشهر، لأنهن لم يراعين قوانين منع الاختلاط ولبس الحجاب الشرعي؛ لكنهن بعد إلتزامهن بشروط الإمارة للدراسة، رجعنا للدراسة حيث أعيد فتح الدورات لجميع اللغات الأجنبية بما فيها الأنجليزية والألمانية وغيرها من لغات أجنبية، جميعها متوفرة للنساء، وهن يتعلمن مثل الرجال لكن بشكل منفصل، وبالنسبة لدورات اللغة العربية فهي مستمرة بشكل دائم وتتوفر أكاديمية لتعليم اللغة العربية ولم نر منعا من قبل الحكومة لتوفير تعليمها للنساء إلى الآن.
وصل: كيف ترين إقبال الطلاب والطالبات على التعلم والمدارس؟
الأستاذة أم أسامة: الحمد لله، إقبال الطالبات على المدارس كبير ومبشر بالمقارنة مع الوقت الماضي؛ أنا أحدثكم عن المشاهد التي أراها بأم عيني، فأنا أتردد على مدارس مختلفة يوميا وأرى عدد الطالبات قد ارتفع في المدارس الدينية. فمثلا في مدرستنا قبل مجيء الإمارة كانت لدينا 500 طالبة أو أقل من ذلك، وبعد مجيء الإمارة وصل عدد الطالبات إلى 1000 طالبة. أي تضاعف، وأيضا من قبل كانت البنات مشغولات بالمدارس الحكومية فما كن يرغبن في حفظ القرآن وهذا قبل مجيء الإمارة، فكان لدينا في قسم التحفيظ 40 طالبة أما الآن بعد حكم الإمارة، فيوجد لدينا أكثر من 100 طالبة ويوميا يزداد العدد، والكثير من البنات يعترفن أنهن تغيرن في فهمهن للحياة وطموحاتهن بعد مجيئهن للمدرسة.
وصل: ما هي الصعوبات التي تواجهكم في تدريسهن.. خصوصا بعد الخروج من الحرب؟
الأستاذة أم أسامة: الصعوبات التي تواجهنا تتلخص في قلة المواد الدراسية الفكرية وقلة صاحبات الفكرة الصحيحة، وإن كان لدينا صاحبات الفكرة الملهمة فليس لديهن إمكانيات كما كانت عند النساء اللواتي كن يعملن في قسم المرأة من قبل، إضافة إلى قلة المراكز التي لديها المنهج الصحيح وتعمل لإيقاظ الأمة وإعدادها لما ينتظرها من مهمات.
وصل: ما هي التخصصات الجامعية المتاحة لمن ينتهي من المدرسة؟ وكيف ترين مناهج الجامعات؟ هل هي مناهج جوفاء، أم حقًا تبني الشخصية المسلمة الخبيرة بتخصصها؟
الأستاذة أم أسامة: بالنسبة للتخصصات المتاحة للنساء الآن فهي تخصصات دينية وطبية ومهنية، وبالنسبة للمناهج فهي لا تبني شخصية المرأة المسلمة، فلم تتغير المناهج كثيرا إلا أنهم أضافوا بعض الكتب الجديدة في قسم الثقافة الإسلامية مثل: مادة الغزو الفكري، لصناعة وعي بالصراع، ولكن المدرسات أو الطالبات لهذه المادة أكثرهن لا يعرفن عن هذا الموضوع بشكل جيد فقط يدرسنها كمادة دراسية للنجاح، إلا من رحمها الله تعالى.
وصل: هل هناك فارق ملحوظ بين نظرة النساء والفتيات اللاتي عشن مدة أطول في ظل الاحتلال وغيرهن لحكم الإمارة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالضوابط الخاصة بالمرأة؟
الأستاذة أم أسامة: أصل القضية أن هذا الجيل كان فترة بعيدا عن الحكم الإسلامي؛ لهذا السبب ليس لديهم القبول لأحكام الإمارة فأصل الموضوع مرتبط بالغزو الفكري الذي أثر فيهم كثيرا خلال 20 سنة من زمن الاحتلال. كما أنهم أيضا لايعرفون الإسلام بشكل جيد كما يجب، لهذا السبب أحكام الإسلام ليست مقبوله لديهم بسبب جهلهم وأيضا تأثير ما يُبث في الإعلام المعادي للإسلام.
وصل: إلى أي مدى تأثرت المرأة الأفغانية بالدعاية الغربية السلبية المتعلقة بالأوضاع الجديدة للنساء في البلاد؟
الأستاذة أم أسامة: أرى تأثير الدعايات الغربية بنسبة كبيرة حقا، للأسف لاسيما بعد إغلاق المدراس والجامعات فهن يفكرن وفق ما ينشر في الإعلام عن حرمان المرأة الأفغانية من تحصيل العلم وأنها مظلومة وأن الغربيين يحبونها ويريدون مصلحتها والخير لها، لهذا السبب إغلاق المدارس والجامعات، فتح بابا أوسع لتأثر الفتيات بالدعايات الغربية؛ لأن الإمارة كانت تستطيع في الجامعات والمدارس من حيث الحضور أن توظف المعلمات والمدرسات صاحبات الفكر السليم لتدريسهن، ولكن الآن بعض البنات يدرسن عبر شبكة الأنترنت في مدارس وجامعات أجنبية عن بعد، حيث تقدم بعض المؤسسات الغربية الدروس لهن بل وحتى أنها ترسل لبعضهن مصاريف شهرية بشكل مستمر لمواصلة الدراسة على الأنترنت.
وصل: حدثينا عن دور المنظمات المعنية تحديدًا بتعليم وعمل المرأة أثناء تواجد قوات الاحتلال في أفغانستان.
الأستاذة أم أسامة: قامت هذه المنظمات بدورها الأساسي وتأثرت بها الكثير من الفتيات والنساء حيث كانت توفر لهن فرص العمل وفرص التعليم مثل محو الأمية، وحتى في القرى عملت تلك المنظمات في قسم تعليم الخياطة وتمكنت من التأثير في البنات والنساء في المناطق النائية، وبشكل أكبر في العاصمة حيث كان تركيز جهودهم. وقدمت تلك المنظمات بعض المؤتمرات باسم “المرأة القائدة”، “المرأة الرئسية”، ” المرأة المتطورة” .. ورافق هذا النشاط دعم مالي، حيث كانت تدفع للمشاركات نقودا كمكافأة مثلا 100دولار أو 200 دولار ثم تقدم لهن شهادة للمشاركة. لقد كانت مثل هذه البرنامج الخاصة تستقطب حتى الطالبات في المدارس الشرعية ومن ليس لديهن فكرة عما يجري، فكن يشاركن في مثل هذه المؤتمرات لأجل الحصول على بعض الامتيازات المادية. وحتى بعد فتح أفغانستان أكثر المنظمات أخرجت أعضاءها من أفغانستان إلى البلاد الأخرى، فقط بسبب مشاركتهن في بعض المؤتمرات وكانت لديهن شهادة تثبت المشاركة فيها، فرفعن لأجلهن قضية وطالبوا بإخراجهن إلى الدول الغربية. لقد كانت هذه البرامج تورط بعض النساء في الديون الربوية وشهريا كانت تأخذ بشكل أقساط الأموال مع الربا. فقد كانت هذه البرامج توفر القرض الربوي للمعلمات وحتى للنساء اللواتي يبقين في البيت ولا يخرجن، حيث كن يتواصلن معهن ويقدمن لهن مثل هذه البرامج. وبالنسبة للإعلام كان له الدور الكبير في نشر الفكرة النسوية وتأثرت المرأة الأفغانية بهذه المنظمات بشكل واضح.
وصل: ما هو وضع هذه المنظمات الآن؟
الأستاذة أم أسامة: وضع المنظمات الآن بالنسبة للماضي فقد تناقص عددها كثيرا وأغلقت الكثير من مراكزها، لكن تأثيرها لا يزال مستمرا، فبعض المنظمات للآن تعمل بشكل خفي عبر الشبكة وعبر أعضائهن من النساء اللواتي يقمن في أفغانستان ويحملن أفكارهن.
وصل: هل هناك تباينات في أوضاع النساء بين القرى والمدن، وتحديدًا العاصمة كابول؟
الأستاذة أم أسامة: نعم، ولكن ليست تباينات كثيرة، لكن اللواتي كن في العاصمة بسبب الإمكانيات المتوفرة متقدمات بالنسبة للواتي يعشن في القرى ولكن اللواتي يعشن في القرى لم يسلمن من تأثير تلك المنظمات، فحتى في القرى كانت هناك منظمات تعمل في قسم تعليم وعمل المرأة لهذا السبب آثارها باقية إلى اليوم للأسف الشديد.
وصل: كيف تغيرت الأحوال المعيشية والاقتصادية للنساء المعيلات لأسرهن بعد وصول الإمارة الإسلامية إلى الحكم؟
الأستاذة أم أسامة: لقد تغيرت الأحوال المعيشة الاقتصادية للنساء المعيلات لأسرهن حيث أن بعض المؤسسات التي كن يعملن فيها قد أغلقت وبعض الإدارات الحكومية توقفن عن العمل فيها، والإمارة لا ترى ضرورة وجودهن في بعض الوزارات لهذا السبب منعتهن من العمل وهن قارات في البيوت الآن، ولكن نسبة رواتبهن تدفعها الحكومة شهريا مع أنهن لا يعملن. والآن عممت الإمارة منذ عدة أشهر رواتب اللواتي يجلسن في البيوت وليس لهن عمل، بمبلغ شهري محدد كما أسلفت.
وصل: هل يتم إقامة الحدود الشرعية كقطع يد السارق والرجم للزاني المحصن؟
الأستاذة أم أسامة: نعم، كانت في بداية مجيء الإمارة تقيم الحدود بشكل علني ولكن بعد هجوم الإعلام وما يسمى الحقوق الإنسانية ومثل هذه المؤسسات، منذ مدة لا تقيم الحدود بشكل علني ولكني سمعت من إحدى عاملات الوزارة الداخلية في قسم الجنايات أنه توجد إقامة للحدود ولكن بشكل غير معلن والله أعلم.
وصل: هل فرضت الحكومة النقاب، وهل تلتزم معظم النساء به؟
الأستاذة أم أسامة: بالنسبة لفرض الحكومة النقاب على كل النساء فلم يحدث، بل هناك الكثير من النساء يخرجن كاشفات الوجه أو يلبسن النقاب أو البرقع. ولكن الحكومة تشجع النساء على لبس الحجاب، وكما تعرفون منذ 20 سنة بتقبع بلادنا تحت الاحتلال الغربي، والنساء تغيرن كثيرا حتى كن يخرجن إلى الأماكن العامة أو العمل كاسيات عاريات، ولكن الحمدلله بعد مجيء الإمارة أكثر النساء الآن يلبسن العباءات والإصلاح يسري بالتدرج، وإن شاء الله نرى نتائج ذلك أفضل بإذن الله تعالى.
وصل: شنت الإمارة حملة مباركة واسعة النطاق على زراعة الخشخاش – والتي اعترفت بفعاليتها الأمم المتحدة – وتشير التقارير إلى أن النساء كن من ضمن من يقوم بزراعته أحيانًا في المناطق الريفية؛ هل تم اتخاذ خطوات لتوعيتهن بشأن المحاذير الشرعية المتعلقة بهذا النشاط وتوفير سبل كسب مباحة لهن؟
الأستاذة أم أسامة: هذه الحملة المباركة هي حقيقية أفضل وأحسن قرار قررته الإمارة ولكن بالنسبة لعمل النساء في هذا المجال لم يكن بشكل كبير، باستنثاء في المناطق الريفية، هناك يوجد عندنا بعض النساء كن يزرعنه للتجارة كما رأينا في الإعلام. وسمعنا من بعض قريباتنا أن الإمارة حقيقة منعت هذا النوع من الزراعة، وبالنسبة للأعمال المباحة غير هذا العمل، فللفلاحين مجالات الزراعة الأخرى التي لا تزال مفتوحة، إذا حقيقة يريدون الكسب الحلال. والله أعلم، كان عندنا الكثير من المحششين في أفغانستان وكان عددهم يزداد يوما بعد يوم، ولكن بعد مجيء الإمارة قل عددهم بشكل ملحوظ وقامت بجمعهم من الشوارع وعلاجهم في المراكز الصحية.
وصل: هل كان لمنع الاختلاط دور في الحد أو التخلص من ظاهرة التحرش؟
الأستاذة أم أسامة: نعم، بعد مجيء الإمارة منعت الاختلاط في الدوائر الحكومية، وغير الحكومية بشكل تدريجي في الأماكن التي لا داعي للمرأة أن تعمل فيها، وبالنسبة للأماكن التي ما تزال تعمل النساء فيها، مثل دار العلوم التي أدرس فيها الآن، فقبل مجيء الإمارة كانت مختلطة، أعني الأساتذة الرجال والنساء كانوا يدرسون الطالبات، وإدارتهم كانت مختلطة، ولكن بعد مجيء الإمارة انفصلت إدارة النساء عن الرجال والإمارة أعطت شواغر تدريسية لخمس وعشرين أستاذة مرة واحدة. وقد كنت أنا من بين هؤلاء ( 25 أستاذة) والآن إدارتنا منفصلة والرجال لا يدرسون البنات نحن ندرسهن. وهكذا في المدارس الدينية التي كانت تدرس فيها الرجال، نوعا ما كان هناك اختلاط، ولكن منعته الإمارة. وفي بعض المدارس الأهلية أو الحكومية كذلك الأمر نفسه، وحتى في بعض المستشفيات وأماكن بيع “شريحات” وفي مؤسسة توزيع جوازات السفر وتوزيع الهويات، كلها أعدت لها إدارة للنساء وأخرى للرجال، وبهذا فالنساء تخدمن النساء. والحمدلله لاحظن بركة ذلك، فنسبة الاختلاط كانت من قبل منتشرة حتى ألفه الناس واعتقدوا أن هذا الأمر ليس مخالفا للشريعة، لكن الحمد لله الآن قلما نرى الاختلاط بشكل كبير وإن بقي في بعض الأماكن إلا أنه ليس بشكل واضح ولا بالجرأة بل خفية عن الإمارة. ولدينا وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي ترسل أفرادها إلى بعض الأماكن لمراقبة الاختلاط ورصد المخالفات الشرعية. في السابق كانت تجلس في سيارات الأجرة امرأتان بجانب السائق وما كانوا يبالون بذلك، ولكن الآن منعت الإمارة جلوس امرأتين بجنب السائق.
وصل: هناك الكثير من التقارير التي تتحدث عن إنجازات الإمارة الإسلامية؛ فهل تأثر عموم الناس بهذه الانجازات على نحو إيجابي حقًا؟
الأستاذة أم أسامة: الحمدلله- تحسنت الكثير من الأمور وتتحسن يوما بعد يوم حيث نرى أن الدولار قد انخفض وأيضا أسعار بعض المواد الغذائية بالنسبة لزمن الاحتلال قد انخفضت الأسعار، ولكن الناس ليس لديهم قناعة مع أنهم يرون الكثير من الأمور بأعينهم ولكنهم مع ذلك ينكرونها ويقولون أن زمن الاحتلال مع كل فساده كان أفضل بالنسبة لليوم، للأسف الشديد نحن نرى تغييرات واضحة في بناء الشوارع والإصلاحات أيضا في بعض المدن، حيث كانت بعض البيوت تبنى على أراضي الحكومة، وكلها متوقفة الآن. لأنها كانت مبنية على مساحات الشوارع وطغاة الحكومة لم يكونوا يسمحون بتخريب بيوتهم هذه وبناء الشوارع للناس، وكان ذلك وجه من أوجه الفساد الحكومي في أفغانستان، ولكن الآن الحمد لله حلت 70% من هذه المشاكل وأيضا الأسعار في زمن الاحتلال كانت ترتفع ولكن الآن – الحمد لله- لم تعد كذلك، فهي لا ترتفع كما كان يحدث في السابق، و لن تقرأوا هذه المعلومات إلا ممن يتابع بتجرد إيجابيات الجهود المبذولة.
وصل: برأيكم ما هو السبب لرفض بعض من غادر أفغانستان العودة إليها؟
الأستاذة أم أسامة: بالنسبة لمغادرة أهل البلد. أنا أعرف بعض الناس هنا حياتهم طيبة مع ذلك لا يريدون العيش في أفغانستان، ويريدون المغادرة، وهناك البعض حجتهم تحصيل أولادهم الدراسة، أو عدم توفر فرص العمل لهم، فيصرفون الكثير من المال ويغادرون البلاد هدفهم في الحقيقة ألا يعيشوا تحت نظام الإمارة الإسلامية؛ وليست لديهم القناعة بالحكم الإسلامي لأن أفكارهم مستوردة، لهذا السبب لا يرون إيجابيات الإمارة ولا يتكلمون إلا عن سلبياتها. وفي زمن الاحتلال كانت البطالة منتشرة في البلاد وكان الناس يغادرون أفغانستان، فليست ظاهرة جديدة بالنسبة للأفغانيين. وبالنسبة لرجوعهم إلى البلاد فهم بحاجة أولا لقبول الفكرة الإسلامية فهم لا يدركون بعد أن في كل العالم لا يوجد نظام أفضل من النظام الإسلامي. والذي حقيقة يريد الحياة الإسلامية سيرجع حتما، والذي لا يريدها فلن يرجع أبدا، حتى مع توفير فرص العمل والتعليم والعيش التي يريدون.
وصل: هل لديك قصص لنماذج مسلمات قدوة في واقعكن؟
الأستاذة أم أسامة: نعم، هناك مسلمات ربين المجاهدين وما تعلمن في الجامعات ولا المدارس الحكومية بل ربين المجاهدين بتفانيهن وإخلاصهن أحسبهن، وأعرف امرأة مسلمة في ليلة واحدة استشهد لها خمسة من أبنائها تحت القصف زمن الاحتلال، ولا تزال صابرة محتسبة، وهناك كتب مؤثرة عن قصص القصف في زمن الاحتلال. ويحضرني الآن الأستاذة حليمة، كان لديها عدة مدارس ودار للعلوم دينية وكانت تجتهد في نشر العلم والتربية الإسلامية. وعندنا أخوات أخريات عندهن فصول في المدرسة المركزية التي يدرس فيها أكثر من 1000 طالبة، وهن يجتهدن بشكل يدعو للفخر، فلم تغرهن جميع الإغراءات عن سد ثغر العلم. وعندنا أخوات أخريات يعملن في مجالات دعوية وفق ضوابط شرعية كسبن ثقة الإمارة لحسن التزامهن واجتهادهن فلا يمنعنهن من العمل في سبيل الله.
وأنبه إلى أن هناك بعض الفئات المندسة في الإمارة تحمل عقيدة فيها غلو وانحراف عن المذهب الحنفي، وهؤلاء في بعض الأحيان يحاولون وضع عقبات أمام بعض المدارس الدينية التي عقيدتها تقوم على المنهج الصحيح، وتعمل فيها مدرسات صاحبات فكر وعقيدة صحيحة، بينما هم يريدون تحريف مسيرهن بقصد نشر خرافاتهم وضلالاتهم، كجماعة السيفية (أتباع الزنديق سيف الرحمن الذي أفتى علماء أفغانستان وباكستان بزندقتهم وكفرهم في صحيفة وقع فيها ما يقرب من 200 من علماء البلدين). ولا يخلو بلد من تحديات وخصوصا إمارتنا فالأعداء متربصون بها ليل نهار -حمانا الله وكفانا شرورهم-.، ولا يخلو بلد من تحديات والله أعلم.
وصل: كلمة أخيرة تودين توجيهها للقراء الكرام.
الأستاذة أم أسامة: أقول أن كل إنسان يخطئ حين يتحدث عن رأيه، ولكنني حاولت كثيرا ألا أقول كلاما خاطئا وبعيدا عن الحقيقة، فقد تحريت الصدق في كل ما نقلته لكم، وقصدي من إجابة هذه الأسئلة مرضاة الله تعالى وفي سبيل الله وبيان الحق. وأيضا لكل نظام إيجابيات وسلبيات وللإمارة كذلك إيجاببات وسلبيات، ولكن موضوع النساء وما نراه من حرب شرسة على المرأة الأفغانية فهو جزء من الحرب على الإسلام، ولذلك هم لا ينقلون الصورة كاملة، ويستغلون ملف المرأة لإفسادها ونشر فكرهم النسوي الهدام، وهو ما يدفع الإمارة للتصدي لهذا المكر بهذه السياسة، وفي الأخير أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويررزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنبابه.
اترك تعليقاً