منذ اندلاع الحرب في السودان في 1444هـ (أبريل 2023م)، تأثرت جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض في الخرطوم بشدة. فقد تعرضت الجزيرة للحصار، وأصبحت ساحة معركة رئيسية لأنها توفر موقعًا استراتيجيًا لنيران المدفعية من قبل ميليشيات الدعم السريع. وتدهور الوضع في جزيرة توتي بسرعة، حيث يواجه السكان أعمال النهب والترهيب وانهيار الخدمات الأساسية.
تصاعدت حدة القتال في الخرطوم، وخاصة بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، في الأشهر الأخيرة. ومع استمرار الصراع، عانى سكان جزيرة توتي من نقص حاد في الغذاء والدواء والضروريات الأساسية (المصدر: X ).
تحدثنا مع السكان المحليين الذين تمكنوا من الفرار من المنطقة، وقد شاركونا روايات مثيرة للقلق عن اعتقالات واسعة النطاق وهجمات ونهب نفذتها الدعم السريع. ووفقًا لشهاداتهم، كانت المتاجر والمنازل الفردية مستهدفة بشكل متكرر، وتعرض السكان للعنف والسرقة. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير جميع الصيدليات في الجزيرة، مما أدى إلى حرمان المجتمع من الإمدادات الطبية الأساسية.
لقد أصبحت عمليات السطو المسلح واقتحام المنازل أمرا شائعا، مما أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين المحاصرين في الجزيرة. كما قامت الدعم السريع بنهب المطابخ المجتمعية، التي أصبحت المصدر الأساسي للغذاء للعديد من الأسر، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
تم تحديد موقع مقطع فيديو يظهر أفراد ميليشيات الدعم السريع متمركزين عند مدخل جسر توتي. وبمقارنة اللقطات بصور الأقمار الصناعية، تم تأكيد الموقع الدقيق. ويؤكد هذا التحليل وجود ميليشيات الدعم السريع في نقاط استراتيجية في الجزيرة، بما يتماشى مع التقارير التي تتحدث عن سيطرتهم على طرق الوصول الرئيسية والبنية الأساسية.
تحدثنا إلى العديد من السكان المحليين الذين قالوا إن مغادرة الجزيرة أصبحت صعبة للغاية. يجب على ميليشيات الدعم السريع منح الإذن للسكان للخروج، وكثيراً ما يطلب أفرادها رسوماً باهظة مقابل هذا الامتياز. وبينما يُسمح للسكان أحيانًا بالمغادرة، يُطلب منهم عادةً استخدام قوارب صيد صغيرة للإبحار في النيل، مما يزيد من تعقيد عملية الإخلاء.
وقد واجهت جهود إجلاء السكان عقبات كبيرة. فالجزيرة معزولة إلى حد كبير، حيث تسيطر ميليشيات الدعم السريع على الحركة عبر جسر توتي، ويفيد السكان بأنهم يُفرض عليهم رسوم باهظة للمغادرة أو يُحتجزون مقابل فدية. وقد تم توجيه العديد من الدعوات للتدخل الدولي،ومع ذلك، لا يزال الوضع مزريًا، حيث تسبب تفشي الأمراض وسوء التغذية على نطاق واسع في إلحاق الضرر بالسكان.
لقد شهد السياق الأوسع للصراع حربًا حضرية مستمرة في جميع أنحاء الخرطوم، كما أن قرب جزيرة توتي من الأهداف العسكرية الرئيسية جعلها نقطة ساخنة في هذا الصراع الأكبر. وتتفاقم الأزمة الإنسانية مع استمرار الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع دون هوادة، مع عدم وجود حل فوري في الأفق.
وفي الأسابيع الأخيرة، ساءت الأوضاع. فقد أطلق السكان نداءات يائسة لإخلاء الجزيرة في ظل ما يصفه كثيرون بأنه كارثة إنسانية بطيئة الحركة. كما أدت تفشي الأمراض، بما في ذلك الكوليرا، إلى تفاقم الأزمة، ومع انقطاع الكهرباء وتضاؤل خدمات الرعاية الصحية، أصبحت الحياة في توتي لا تطاق على نحو متزايد. ولجأ المجتمع إلى دفن الموتى تحت مراقبة ميليشيات الدعم السريع، في حين يعاني السكان من الجوع والعطش الشديدين.
وتواجه المنظمات الإنسانية صعوبات في تقديم المساعدات بسبب استمرار القتال وظروف الحصار. ومع تصاعد الحرب، أصبح سكان جزيرة توتي أكثر عرضة للخطر، وقد طالبت اللجان المحلية والسكان على حد سواء مرارا وتكرارا بالتدخل الدولي.
سودان هيومن رايتس هب.
اترك تعليقاً