كانت البداية منذ عدة سنوات بلمز المهاجرين بالألقاب على غرار قول البعض “مهاجرين سايكس بيكو” تلميحاً بعدم شرعية هجرتهم، وترسيخ فكرة أن وجود المهاجرين هو علة ما حل بالساحة من فساد ولسان الحال (فتش عن المهاجر)!
ثم تلا ذلك ما تلاه من مضايقات أمنية والإجبار على الإخلاء القسري للبيوت.
“المساعدات فقط للسوريين”
والآن انتشرت في الآونة الأخيرة أكثر من شكوى للمهاجرين في الشمال السوري مفادها تعمد المنظمات الخيرية منع المساعدات عن غير السوريين بدعوى أن هذه هي تعليمات المانحين.
بيد أن المانحين يتواجدون خارج سوريا ولا سبيل لهم إلى معرفة جنسيات الأفراد الذين يتلقون المساعدات داخلها، ولا يتأتى العلم بهذه المعلومات إلا للعاملين على الأرض كمدراء المخيمات.ولا يفيد التقدم بالشكاوى لوزارة التنمية في حكومة الإنقاذ، فالرد دائماً يكون “هذا شأن المنظمات ولا نستطيع التدخل”.
كما ترفض هذه المنظمات القيام بتوظيف المهاجرين بغض النظر عن الكفاءة العلمية والعملية – والسبق في القتال – من عدمها.
العقاب جماعي
الجديد هذه المرة أن العقاب جماعيٌ؛ فإذا كان رب الأسرة مهاجراً يتم حرمان جميع أفراد الأسرة من المساعدات بالتبعية حتى إذا كانت الزوجة سورية، وحتى لو قدم المهاجرون الأوراق الرسمية التي تشترطها بعض المنظمات لتسجيل العوائل ضمن المستحقين للكفالات المالية.
وهو ما يُخشى أن يؤدي إلى مستوى جديد من العزلة الاجتماعية للمهاجرين على مستوى أسرهم، والذين يتم الضغط عليهم وشحنهم بهذا الأسلوب الخبيث ضد الفرد المهاجر في الأسرة لكي ينظروا إليه على أنه العائق الذي يحول بينهم وبين الحصول على أدنى مقومات الكفاية المعيشية.والنتيجة النهائية التي يسعى إليها متولو كِبر هذا المخطط، هو إجلاء المهاجرين عن أرض الشام بعد أن تنقطع بهم سبل تحصيل الرزق فلا كفالة ولا توظيف.
مأساة متكررة
واقع قاتم وظلم بيِّن يُذكر بمأساة المهاجرين الذين قاتلوا في البوسنة وطُلب منهم مغادرة البلقان عقب إبرام إتفاقية دايتون عام 1416هـ (1995م)، وتم سحب الجنسية البوسنية من العديد منهم حتى من كانوا قد تزوجوا من بوسنيات وأسسوا أسراً هناك.
الخاتمة
هذا التمرير الناعم لدعوى الجاهلية الذي تشهده المناطق المحررة هو حلقة جديدة في مسلسل الانقلاب على إسلامية الثورة.فبعد أن عادت مسميات الصدر الأول من “مهاجرين وأنصار” إلى الواجهة نتيجة لاختلاط الدماء ببعضها ووحدة الهدف الإسلامي بإسقاط نظام الأسد النصيري وإحلال محله حكومة إسلامية، يُراد الآن إعادة ضبط المخيلة الثورية الإسلامية في سوريا ونزع بقايا الصبغة العقائدية عنها تمهيداً لوأدها في ثرى الحلول السلمية والتقسيم والصيغ التوافقية.
اترك تعليقاً