منذ هجوم طوفان الأقصى 22 ربيع الأول 1445هـ (7 أكتوبر 2023م)، شذت أيرلندا عن الموقف الأوروبي السائد بدعمها للفلسطينيين، وهو موقف متجذر في تاريخها مع الاحتلال البريطاني وتجربة صراع طويل، انتهى في حالة أيرلندا بـ”اتفاق الجمعة العظيمة” عام 1419هـ (1998م) بحسب مقال لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وقالت جين أوهلماير، أستاذة التاريخ في كلية ترينيتي في دبلن ومؤلفة كتاب “صنع الإمبراطورية: أيرلندا والإمبريالية والعالم الحديث المبكر”، إن وضع أيرلندا كمستعمرة بريطانية سابقة “قطعاً كان له أثر في تشكيل كيفية تعامل الناس من أيرلندا مع سياسات ما بعد الاحتلال”.
مظاهرات في عدة مدن في أيرلندا؛ لدعم فلسطين
هذا التاريخ يمنح أيرلندا أرضية مشتركة مع الفلسطينيين، ويميزها عن عدد من الدول الأخرى في أوروبا الغربية، والتي كانت العديد منها قوى احتلال.
بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، مُنحت بريطانيا السيطرة الإدارية على فلسطين.
وكان وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت، آرثر جيمس بلفور – الذي كان سابقًا السكرتير الأول لبريطانيا لشؤون أيرلندا، والمعروف بقمعه الوحشي أحيانًا للمطالب الأيرلندية بالاستقلال – قد أعلن عن دعم بلاده لـ “إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين” فيما عُرف بوعد بلفور عام 1335هــ (1917م).
وبعد بضع سنوات، منحت بريطانيا الاستقلال لجزء كبير من جزيرة أيرلندا لكنها احتفظت بالمقاطعات الست التي لا تزال تشكل أيرلندا الشمالية وتشكل جزءًا من المملكة المتحدة.
وتقول أوهلماير إن هذا التشريع صار نموذجًا للتقسيم في المستعمرات البريطانية السابقة الأخرى، بما في ذلك الهند وباكستان في عام 1366هـ (1947م)، و”إسرائيل” وفلسطين في العام التالي.
لم تغب أوجه التشابه بين الأيرلنديين والفلسطينيين عن المسؤولين البريطانيين آنذاك.
فقد كتب رونالد ستورز، الذي كان حاكم القدس من عام 1335هــ (1917م) إلى عام 1345هـ (1926م)، في مذكراته أنه إذا انتقل عدد كافٍ من اليهود إلى فلسطين، فيمكن أن “يشكل ذلك لإنجلترا “أولستر يهودية صغيرة مخلصة” في بحر من العروبة التي يحتمل أن تكون معادية” – في إشارة للمستوطنين الإنجليز والاسكتلنديين الذين تم إرسالهم إلى أيرلندا الشمالية وشكلوا ما أصبح يعرف باسم “مزرعة أولستر”.
وكانت أيرلندا قد دعمت في البداية الجهود اليهودية لإنشاء “دولة إسرائيل”، ولكن تحولت دفة هذا الدعم لاحقًا نحو القضية الفلسطينية، وسط انتقادات متزايدة لتوسع رقعة للمستوطنات وتهجير الفلسطينيين.
وأطلق مواطنون أيرلنديون دعوات لمقاطعة شركة “إسرائيلية” تدعى WIX، بسبب طردها لموظفة عبرت عن دعمها لـفلسطين.
وقال النائب الإيرلندي ميك والاس في خطابه أمام البرلمان الأوروبي:”ما زلنا نزود الإسـرائيليين بالأسـلحة لقـتل الشعب الفلسـطيني”.. وأكد على “أن إسـرائيل تقوم بإبـادة جماعية في غـزة”.
اترك تعليقاً