من المخطط أن يتم الانسحاب الكامل لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (African Transition Mission in Somalia /ATMIS)، المعروفة سابقًا باسم (أميصوم/ AMISOM)، بحلول نهاية جمادى الآخرة 1446 هـ (ديسمبر 2024م)، ما لم تطلب الحكومة الصومالية التأخير، والذي يتوقف على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
تخيم ظلال الجرائم التي ارتكبتها قوات البعثة في حق المدنيين – والتي وصلت إلى القتل في بعض الأحيان – على الانسحاب المرتقب؛ الأمر الذي يمثل عائقًا أمام الحفاظ على السمعة الدولية لما يسمى ببعثات حفظ السلام، والتي تضررت بشكل كبير نتيجة لتضخم رصيدها من الممارسات والنتائج الكارثية في مختلف الدول.
في مقال بعنوان، “على الاتحاد الإفريقي أن يقدم تعويضات على ما تسببه للمدنيين من ضرر قبل مغادرة الصومال”، كتب عبد الله شاهو، الباحث في شؤون شرق إفريقيا بمركز ((المدنيين في الصراعات)) – وهي منظمة ربحية غير دولية تهدف لتعزيز حماية المدنيين في مناطق الصراعات – أنه على أتميس”تقديم تعويضات، بما في ذلك التعويضات المادية مثل مدفوعات التعزية … من أجل مصداقية البعثة، وكبادرة احترام للمدنيين… نظرًا لتأثير العمليات القتالية [عليهم] على مدى سنوات تواجد البعثة في الصومال”.
وقال عبد الله أنه “بينما تستعد قوات حفظ السلام للخروج من البلاد، يجب على الشركاء الدوليين مساعدة قوات أتميس في تقديم المساعدة المناسبة وتعويض الأضرار التي لحقت بالمدنيين الناتجة عن أعمال أتميس”.
“تمثل أتميس سابقة مهمة لعمليات دعم السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في المستقبل، باعتبارها أهم وأطول مهمة وأكبر مهمة للاتحاد الأفريقي/عمليات دعم السلام حتى الآن، لذلك يجب على الاتحاد الأفريقي والبلدان المساهمة بقوات والجهات المانحة أن تكون مهتمة بجعل من المؤكد أنه يشكل مثالاً يمكن للبعثات الأخرى أن تحذو حذوه”.
“إن التعويض أمر ضروري لأسباب أخلاقية واستراتيجية، فضلاً عن كونه بادرة احترام للضحايا الصوماليين”.
“والأهم من ذلك، أنه أمر بالغ الأهمية لبناء الثقة مع الصوماليين أثناء انتقال البعثة إلى خارج الصومال”.
وهنا يجدر بنا أن نتوقف قليلًا مع بعض ما لا يقال غالبًا في مثل هذه المقالات والبحوث؛ وهو أن التعويض المادي لا يغير من الصفة المركزية لقوات الاتحاد الإفريقي شيئًا؛ ألا وهو كونها قوات احتلال، لم يكن لها أن تتدخل في الصومال ابتداءًا، لا كما يُراد لنا أن نعتقد أنها صاحبة قضية عادلة في أصل الأمر، ولكن أساءت التطبيق بعض الشيء!
حصاد قرابة عقدين من الاحتلال
تسببت قوات الاتحاد الأفريقي – بتشكيلاتيها “أميصوم” و”أتميس” – في إلحاق أضرار بالمدنيين على مدى السنوات العديدة التي مرت على انتشار البعثة في الصومال، وخاصة خلال السنوات الأولى بين عامي 1427 و1433 هـ (2007 و2011م).
وعلى مدى 17 عامًا، لم يتم دفع سوى عدد قليل من التعويضات، حيث لم يستثمر الاتحاد الأفريقي وشركاؤه الدوليون بشكل كبير في التعويضات.
حوادث متفرقة
قال ستة شهود لـ هيومن رايتس ووتش أنه في 5 شوال 1436 هـ (21 يوليو 2015)، قتلت قوات الاتحاد الأفريقي المزعومة 11 مدنيًا على الأقل، بينهم امرأة ومراهقان ورجلين مسنين، في حوادث منفصلة في أحياء جوجوما وأو بالي وروسيا في مدينة مركة.
وأخبر الشهود أنه في الـ 15 شوال 1436 هـ (31 يوليو 2015م) أعقاب تعرض قافلة تابعة لأميصوم لهجوم بالقنابل، دخلت القوات الأوغندية عدة منازل مجاورة في حي روسيا (Rusiya) في مدينة مركة.
“حولت الزفاف إلى حدث دموي”
وفي أحد المنازل، حيث كانت إحدى العائلات تقيم حفل زفاف، قام الجنود بفصل الرجال عن النساء وإطلاق النار على الرجال الستة البالغين – أربعة إخوة، ووالدهم، وأحد الأعمام.
توفي أربعة منهم على الفور، واختبأ أحد الإخوة تحت السرير بعد إطلاق النار عليه لكنه توفي فيما بعد، وتوفي الأب أثناء الليل بعد أن رفض الجنود السماح للعائلة بنقله إلى المستشفى.
وقال أحد الشهود أنه عقب وقوع الانفجار: “فر الجميع من تلك المنطقة، لأن الناس يخشون أميصوم كثيراً. أعتقد أن الأسرة اعتقدت أن جنود أميصوم لن يقوموا بقتلهم لأنهم كانوا يحتفلون بحفل زفاف. ولكن، أميصوم حولت الزفاف إلى حدث دموي”.
اتهم مسؤولون صوماليون قوات أميصوم بقتل 11 مدنيًا في حادثتين منفصلتين، يومي السبت والأحد، 17 و18 ربيع أول 1438 هـ (17 و18 ديسمبر 2016).
وقال حاكم منطقة شبيلي السفلى، إبراهيم عدن نجاح، لموقع فويس أوف أمريكا (Voice of America) أن مركبة مصفحة تابعة لأميصوم دهست بعض المنازل في وقت متأخر من يوم الأحد (18 ربيع أول 1438 هـ) بعد انفجار لغم أرضي في قافلة في قرية الواريجو بالقرب من مدينة مركة.
وهو ما أدى إلى مقتل أمًا، وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و14 عامًا، ورضيع.
وقال نجاح إن قوات الاتحاد الأفريقي فتحت النار يوم السبت (17 ربيع أول 1438 هـ) على حافلة صغيرة بالقرب من بلدة قوريولي، ما أسفر عن مقتل الركاب الستة جميعهم.
مذبحة قرية جولوين
في وقت متأخر من يوم الأربعاء 4 محرم 1443هـ (11 أغسطس 2021)، أصدرت أميصوم بيان جاء فيه أنها شرعت في التحقيق في صحة تقارير أفادت سقوط ضحايا مدنيين أثناء اشتباك جنود من البعثة مع مقاتلي حركة الشباب بالأسلحة النارية بالقرب من قرية جولوين، والتي تقع على مسافة ١٠٠كم جنوب العاصمة مقديشو.
وقالت أميصوم أن الحادث وقع يوم الثلاثاء، بينما كان جنودها يقومون بدورية في بيلدامين-جولوين في منطقة شبيلي السفلى.
بيد أن أحد مزارعي قرية جولوين أخبر رويترز، أن سبعة من عوام المسلمين قتلوا في الحادث من بينهم شقيقه عمر حسن – والذي كان يمتلك مزرعة في المنطقة – وسائق، وخمسة مزارعين آخرين.
وقال أن الجنود ذهبوا “عمدًا إلى المزرعة وقتلوهم”.
وقال حاكم منطقة شبيلي السفلى، عبد القادر محمد نور، أنه تأكد من خلال اجتماعات مع السكان المحليين أن خمسة مزارعين كانوا من بين القتلى.
كما أخبر أن مدنيين آخرين تعطلت سيارتهما على جانب الطريق قُتلا أيضًا على يد قوات أميصوم.
وأضاف عبد القادر أنه كان على معرفة شخصية بأحد المزارعين القتلى.
اترك تعليقاً