كشف تقرير جديد أن الحكومة الصينية استثمرت موارد كبيرة في تطوير شبكة واسعة من العمالة الإلزامية، تشمل مجموعة واسعة من الصناعات.
صدر حديثاً تقرير عن ((مركز هيلينا كينيدي)) في المملكة المتحدة يسلط الضوء على المدى الواسع لتغلغل ظاهرة العمل القسري للإيغور في سلاسل التوريد العالمية.
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى تعزيز استراتيجيات العناية الواجبة وبروتوكولات الشراء لمعالجة الأزمة بشكل فعال.
يؤكد تقرير ((مركز هيلينا كينيدي)) أن استغلال الحكومة الصينية الممنهج للعمالة الإيغورية يشمل صناعات ومناطق متعددة، ولا يقتصر على منطقة شينجيانغ الإيغورية (XUAR) وحدها. وفي حين ركزت التقارير الإعلامية والأكاديمية على قطاعات إنتاج محددة، يشير التقرير إلى تواجد ظاهرة العمالة القسرية في أجزاء أخرى من الصين بالإضافة إلى شينجانغ (تركستان الشرقية).
ويكشف التقرير أن الحكومة الصينية قد استثمرت موارد كبيرة في تطوير شبكة واسعة من العمالة الإجبارية، منتهكة بذلك اتفاقيات حقوق العمال المعترف بها دوليًا. وتشمل هذه الشبكة طيف واسع من الصناعات، بما في ذلك تلك التي لم تحظ بعد باهتمام كبير من وسائل الإعلام أو الأوساط الأكاديمية.
إحدى النتائج الرئيسية للدراسة هي أن المشاركة الإيغورية القسرية لا تقتصر على قطاع التوريد المياشر فحسب.
فمنطقة شيتجيانغ تشكل مصدراً للمواد الخام والأجزاء المكونة والمنتجات التي يمكن دمجها في السلع النهائية في مراحل مختلفة من عملية التصنيع أو الإنتاج، فحتى لو لم يتم إنتاج المنتج النهائي في شينجيانغ فإن احتمال أن يكون قد تم الاعتماد على العمالة الإيغورية يبقى وارداَ.
علاوة على ذلك ، يكشف التقرير أن دور الشركات المصنعة الوسيطة الموجودة خارج الصين من شأنه أن يعقد جهود تتبع أصول السلع شبه المصنعة ، مما يحجب آثار تواجد العمالة الإيغورية القسرية في سلاسل التوريد العالمية.
وبناءاً على هذه النتائج المثيرة للقلق، يؤكد التقرير على الحاجة إلى إجراء فحص شامل لسلاسل التوريد عبر جميع المستويات. ويشدد على أنه يجب تعزيز استراتيجيات العناية الواجبة وبروتوكولات الشراء بدرجة كبيرة لمعالجة هذه المشكلة المتفشية بشكل فعال.
ويدعو التقرير الشركات والمؤسسات إلى اتخاذ تدابير استباقية للتحقق من سلاسل التوريد الخاصة بها، واعتماد ممارسات توريد مسؤولة. فمن خلال إعطاء الأولوية للشفافية ومكافحة العمل الجبري الأيغوري بشكل فعال، يمكن لأصحاب المصلحة لعب دور حاسم في القضاء على هذا الانتهاك لحقوق الإنسان من سلاسل التوريد العالمية.
حظيت قضية العمل الجبري وانتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الإيغور في منطقة شينجيانغ الصينية باهتمام دولي كبير. وأصبحت محنة عمال الإيغور بالسخرة موضع قلق مع استمرار التقارير في إلقاء الضوء على مجموعة واسعة من المنتجات التي يحتمل أن يكون لها صلة بالانتهاكات.
دعونا نستكشف عمق هذا الواقع المعقد والمجموعة الواسعة من المنتجات المتورطة.
القطن والمنسوجات والملابس
هناك تقارير مقلقة عن العمل القسري في زراعة القطن ومعالجته، والتي تنتج شينجيانغ حصة كبيرة من الانتاج العالمي له.
لذا فقد خضعت المنتجات المصنوعة من القطن – بما في ذلك المنسوجات والملابس – للفحص، منعاً لشراء المستهلكون عن غير قصد لعناصر مرتبطة بانتهاكات العمل التي يعاني منها العمال الإيغور.
معجون الطماطم والمنتجات الغذائية
إن معجون الطماطم الموجود على أرفف السوبر ماركت قد يكون ملطخاً بانتهاكات تتعلق بالعمالة الجبرية للإيغور؛ فقد واجهت سلسلة التوريد في شينجيانغ – والتي تعد منتجاً رئيسياً للطماطم – اتهامات باستغلال الإيغور.
البولي سيليكون والطاقة الشمسية
تشير التقارير إلى أن بعض مرافق إنتاج البولي سيليكون – وهو مكون حيوي في صناعة الألواح الشمسية والإلكترونيات – في شينجيانغ شهدت انتهاكات. ورغم أنه لا يتم الحصول على جميع البولي سيليكون من شينجيانغ ، فإن هناك مخاوف بشأن ارتباط إنتاجه بالعمل الجبري.
الألومنيوم والبلاستيك PVC والموارد المعدنية
إن دور شينجيانغ في إنتاج الألومينيوم وبلاستيك الـPVC بالإضافة إلى معادن متنوعة لا يمكن إغفاله. مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس كل الإنتاج في هذه القطاعات مرتبط بشكل مباشر بالعمل الجبري، غير أنه بحسب التقارير فإنه توجد انتهاكات مرتبطة بهذه الصناعات.
ولكن الحجم الهائل للإنتاج الصيني الإنتاج العالمي للألمنيوم والبلاستيك PVC والمعادن المختلفة يجعل من الصعب التأكد من أصول هذه المواد، مما يترك مجالًا لارتباطها المحتمل بالعمل القسري للإيغور.
البهارات والمكملات والمنتجات الصحية
الصين منتج رئيسي للتوابل، بما في ذلك البابريكا الفلفل الحلو، والتي تعد شينجيانغ مصدرًا لنسبة كبيرة منه وفق التقارير، كما تُستخدم أيضاً أزهار القطيفة المخملية التي تًزرع في شينجيانغ في المكملات والمنتجات الصحية. مما يثير مخاوف بشأن ممارسات العمل الجبري التي قد تكون مرتبطة بإنتاجهما.
الإلكترونيات وصناعات السيارات
الهيمنة الصينية على قطاعي الإلكترونيات وتصنيع السيارات تعني أن عملية تصنيع بعض المنتجات – من الهواتف الذكية إلى السيارات – قد يكون لها صلة بالعمل الجبري للإيغور. لذا فإن سلاسل التوريد العالمية لهذه الصناعات تتطلب تدقيقاً بالغاً لضمان عدم وجود انتهاكات في العمل، خاصة مع وجود مرافق للتصنيع في شينجيانغ. إن نطاق المنتجات التي يُحتمل أن تكون صُنعت بأيدي عمال الإيغور بالسخرة في شينجيانغ واسع، ولا يزال تحديد المنتجات المرتبطة بعينها بالعمل الجبري يمثل تحديًا معقدًا لذا فإن جهود المنظمات ومجموعات المستهلكين تلعب دورًا بالغ الأهمية في الكشف عن أبعاد هذه القضية وزيادة الوعي بها.
مع استمرار تزايد الاعتراف الدولي بقضية العمل الجبري للإيغور ، أصبح من الواضح أن الجهود المتضافرة ضرورية لمعالجة هذه المشكلة بشكل شامل. وتعد هذه التقارير بمثابة دعوة للاستيقاظ، حيث تحث الجميع على توحيد الجهود لمكافحة استغلال العمالة الإيغورية وحماية الحقوق الأساسية لجميع الأفراد المشاركين في سلاسل التوريد العالمية.
مكافحة العمل الجبري للإيغور: الإجراءات العالمية ومسؤولية المستهلك
مع استمرار تزايد قائمة المنتجات التي يحتمل ارتباطها بانتهاكات العمل، من الضروري دراسة الإجراءات التي تتخذها البلدان والدور الذي يمكن أن يلعبه المستهلكون في منع هذه المنتجات من دخول أسواقهم. فمن خلال معالجة هذه القضية بشكل جماعي ، يمكننا السعي نحو مستقبل خالٍ من العمل الجبري.
اتخذت حكومات العديد من البلدان خطوات لمعالجة قضية إجبار الإيغور على العمل بالسخرة وقامت بتقييد دخول المنتجات المتورطة في أسواقها.
واعتمدت بعض البلدان أو اقترحت تشريعات تلزم الشركات بإجراء العناية الواجبة في سلسلة التوريد لضمان سلامة منتجاتها من الصلة بالعمل الجبري، و تهدف هذه التدابير إلى مساءلة الشركات عن شفافية ونزاهة سلاسل التوريد الخاصة بها.
نفذت بعض الدول أيضاً حظر استيراد أو قيود على المنتجات المرتبطة بالعمل الجبري الإيغوري. من خلال رفض دخول هذه السلع .
أخيرًا ، تعمل عدة حكومات أيضًا بنشاط على تعزيز الشفافية في سلاسل التوريد. من خلال الشراكات مع أصحاب المصلحة في الصناعة والمبادرات مثل الائتلاف لإنهاء العمل الجبري الإيغوري ، تُبذل الجهود لإنشاء إطار عمل يعزز ممارسات التوريد الأخلاقية ويمنع استخدام العمل الجبري.
وبينما تلعب الحكومات دورًا حاسمًا ، فإن المستهلكين يتمتعون أيضًا بقوة كبيرة لإحداث التغيير.
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن للمستهلكين اتخاذها لمنع المنتجات المرتبطة بالسخرة الإيغورية من دخول أسواقهم:
ثقف نفسك
ابق على اطلاع بمسألة العمل القسري الإيغوري وتعرف على الصناعات والمنتجات المتورطة؛ ويمكنك الاستفادة بالمصادر التوعوية المجانية التي توفرها منظمات حقوق الإنسان ومنصات المستهلك الأخلاقي حول هذه القضية.
البحث عن العلامات التجارية والشركات
قبل إجراء عمليات الشراء، ابحث عن العلامات التجارية والشركات التي تقف وراء المنتجات التي تنوي شرائها. ابحث عن أولئك الذين يظهرون التزامًا بالمصادر المسؤولة ونفذوا تدابير قوية لشفافية سلسلة التوريد.
دعم الشهادات الأخلاقية
ابحث عن المنتجات التي تحمل شهادات أخلاقية -ethical certifications – معترف بها مثل التجارة العادلة
(Fair Trade) أو التوريد المسؤول ( Responsible Sourcing ) أو شهادات معايير العمل (Labor Standards)
تشير هذه الملصقات إلى أن المنتج قد استوفى معايير معينة وخضع لتدقيق صارم لضمان ممارسات عادلة وأخلاقية.
التواصل مع الشركات
تواصل مع الشركات مباشرة للاستفسار عن ممارسات التوريد الخاصة بهم. عبر عن مخاوفك بشأن عمل الإيغور الجبري وحثهم على اتخاذ خطوات استباقية لضمان خلو سلاسل التوريد الخاصة بهم من الاستغلال.
دعم حركات المستهلكين وحركات التوعية
ادعم الحملات التي تناصر التوريد المسؤول والقضاء على العمل الجبري . فمن خلال تضخيم الأصوات الجماعية ، يمكن للمستهلكين تشجيع التغيير على مستوى الشركات والمستوى الحكومي.
استخدام تأثيرك كمستهلك
كمستهلكين، فإن اختياراتنا لها تأثير اقتصادي. من خلال المقاطعة الواعية للمنتجات المرتبطة بالعمل الجبري للإيغور والتعبير عن مخاوفنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتقييمات والمنتديات العامة، يمكننا ممارسة الضغط على الشركات لإعادة تقييم سلاسل التوريد وممارسات التوريد الخاصة بهم.
معالجة هذه القضية تتطلب حلاً متعدد الأوجه، يشمل الإجراءات الحكومية وقيام المستهلك بدوره أيضاً.
يتحتم علينا دعم المسلمين الإيغور بكل وسيلة ممكنة حتى يتوفر لنا عالم أكثر عدلاً وإنصافًا.
____________
المعلومات الواردة في هذه المقالة ترجمة لمقال نشره موقع thediplomat.com
بعنوان The Complex Reality of Uyghur Forced Labor: Unveiling the Products Implicated
اترك تعليقاً