حرّضت المتطرفة الهندوسية بوجا شكون باندي، العضوة البارزة في اليمين الهندوسي في مؤتمر في مدينة هاريدوار شمال الهند، مؤيديها لقتل المسلمين وقالت: “إذا أصبح 100 منا جنودًا مستعدين لقتل 2 مليون مسلم، فسننتصر … نحمي الهند، ونجعلها أمة هندوسية”.
وقوبلت كلماتها ودعواتها إلى العنف خلال المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام في نهاية عام 2021ـ، بتصفيق حار من قبل زعماء هندوسيين آخرين والجمهور العريض الحاضر في المؤتمر.
لكن في جميع أنحاء الهند، كان المسلمون غاضبين من تقاعس الحكومة في التعامل مع مثل هذا التهديد. وبحسب المحللين فإن دعم الجماعات القومية الهندوسية المتطرفة يشهد ازديادًا مقلقا منذ أن تولى رئيس الوزراء ناريندرا مودي السلطة قبل ما يقرب من ثماني سنوات.
وعلى الرغم من أن هذه الجماعات لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، إلا أن أجندته القومية الهندوسية والتغاضي عن أدائها العنصري العنيف قد منحها دعمًا ضمنيًا، مما يجعلها أكثر وقاحة وجرأة.
جماعة المهاسابها الهندوسية المتطرفة
قال جيل فيرنيرز، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة أشوكا بالقرب من العاصمة الهندية نيودلهي في حديثه عن جماعة المهاسابها الهندوسية المتطرفة:”ما يجعل المهاسابها الهندوسية خطيرة، هو أنهم كانوا ينتظرون لحظة كهذه منذ عقود.”
وبحسبما نشرت وكالة “سي إن إن” الأمريكية فقد أسست جماعة المهاسابها في عام 1907 أثناء الحكم البريطاني في وقت كان الصراع بين المسلمين والهندوس متصاعدا في البلاد حيث تعد المهاسابها الهندوسية واحدة من أقدم المنظمات السياسية في الهند.
ويتلخص هدف الماهاسابها، وفقًا للموقع الرسمي للجماعة، في إعلان الهند “الوطن القومي للهندوس”. ويقول الموقع إن الجماعة إذا استولت على السلطة، فلن تتردد في “إجبار” مسلمي الهند على الهجرة إلى باكستان المجاورة وتتعهد بإصلاح نظام التعليم في البلاد لمواءمته مع نسختهم من الهندوسية.
وبغض النظر عن حملاتها وأيديولوجيتها المثيرة للجدل، يرى البعض أن المهاسابها الهندوسية كانت دائمًا قوة سياسية هامشية. بالنظر لحضورها الانتخابي الضعيف. إلا أنه وفقًا لفيرنيرز، “لا تقاس قوتهم بالمصطلحات الانتخابية”. ففي السنوات الثماني الماضية منذ وصول مودي إلى السلطة، يبدو أنهم قد توسعوا في العدد والتأثير بناءً على حجم وتواتر اجتماعاتهم.
وعلى الرغم من عدم كشفهم عن عدد أعضائهم الحقيقي يرى فيرنيرز أنهم “بعشرات الآلاف”.
وأوضح فيرنيرز أنا الماهاسابها يستهدفون المجتمعات الريفية في الولايات الشمالية، حيث يوجد تواجد كبير لحزب بهاراتيا جاناتا، ويشجعونهم على التصويت للأحزاب التي تتماشى مع أيديولوجيتهم القومية الهندوسية، بما في ذلك حزب بهاراتيا جاناتا الذي ينتمي إليه مودي.
وفي المقابل، كرّم مودي علنًا زعيم المهاسابها الهندوسي الهالك، فير سافاركار، على ما وصفه بـ “شجاعته” و “تأكيده على الإصلاح الاجتماعي”.
وشهدت الهند في السنوات الأخيرة نموا للمهاسابها الهندوسية حتى أصبحت أكثر صراحة. ومن ذلك، تصريح لسادفي ديفا ثاكور، في عام 2015، التي كانت آنذاك عضوًا بارزًا في الجماعة، حيث قالت للصحفيين “إن المسلمين والمسيحيين يجب أن يخضعوا للتعقيم القسري للسيطرة على نموهم السكاني”.
ليست الجماعة المتطرفة الوحيدة
وليست الماهاسابها الجماعة القومية الهندوسية اليمينية الوحيدة التي تتبنى مشاعر عنيفة تجاه الأقليات – بما في ذلك 200 مليون مسلم في الهند، والذين يشكلون 15% من سكان البلاد البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.
ففي مؤتمر في شهر ديسمبر من العام الماضي، دعا العديد من المتحدثين الهندوس في الهند إلى “الدفاع” عن الهندوسية بالسلاح. وطالب آخر بـ “تطهير” الأقليات الهندية، بحسب فيديو تم تناقله. لكن وفقًا لفيرنيرز، فإن الماهاسبها هي واحدة من أكبر الجماعات السياسية اليمينية التي تهدف إلى جعل الهند أرض الهندوس. وعلى الرغم من أن حملات المجموعة وعمر أفكارها يمتد لعقود، إلا أنها أكثر جرأة حيالها الآن.
من أسباب تمادي التطرف الهندوسي
إن سبب تمادي التطرف الهندوسي وفقًا للخبراء هو سياسة الإفلات من العقاب والدعم الذي يحظون به. ووفقًا لفيرنيرز، فإن ما صدر عن المتطرفة الهندوسية بوجا شكون باندي وبعض الدعوات الأخرى للعنف كانت “أسوأ أشكال خطاب الكراهية”. وقال في وصف ذلك: هذه هي المرة الأولى التي أجد فيها نفسي أستخدم مصطلح” إبادة جماعية “في السياسة الهندية”، “لديهم دعم ضمني في شكل صمت حكومي”.
ويرجع ذلك في الواقع إلى أن رئيس وزراء الهند، مودي لديه أيضًا أجندة قومية هندوسية.
مودي: المتطرف الهندوسي
تولى مودي السلطة في الهند عام 2014، ووعد بالإصلاح الاقتصادي والتنمية للبلاد. لكن منذ ولايته الأولى كرئيس للوزراء، تتفق الأقليات مع المحللين في أنهم بدأوا يرون تحولًا كبيرًا في أيديولوجية الهند من دولة علمانية إلى دولة قومية هندوسية.
وتعود جذور حزب بهاراتيا جاناتا إلى راشتريا سوايامسيفاك سانغ، وهي جماعة هندوسية يمينية تعد مودي من بين أعضائها. والعديد من أعضائها هم من أتباع أيديولوجية هيندوتفا التي يبشر بها المهاسابها الهندوس لجعل الهند أرض الهندوس.
في عام 2018 قال وزير الداخلية الهندي الحالي أميت شاه إن المهاجرين المسلمين وطالبي اللجوء من بنغلاديش هم “نمل أبيض” ووعد بتخليص الأمة الهندوسية منهم.
بين عامي 2015 و 2018، قتلت الجماعات الهندوسية العشرات أغلبهم من المسلمين بتهمة أكل أو قتل الأبقار، المقدسة عند الهندوس، وفقًا لتقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش.
وفي عام 2017، حاولت حكومة مودي حظر بيع الأبقار وذبحها وهو بالفعل اليوم أمر غير قانوني في العديد من الولايات الهندية في جميع أنحاء البلاد.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن العديد من جرائم القتل مرت دون عقاب من جهة بسبب تأخر تحقيقات الشرطة ومن جهة أخرى بسبب “الخطاب” من ساسة الحزب الحاكم، المحرض على الكراهية والعنف.
قال طالب مسلم يبلغ من العمر 21 عامًا في دلهي، اختار عدم الكشف عن هويته لوكالة “سي إن إن” خوفًا من الجماعات اليمينية، إن المسلمين يملؤهم “شعور من الخوف” في كل مرة تصدر فيها مجموعات هندوسية يمينية تعليقات بغيضة. وقال “إنه يعطينا إحساسًا بأننا لا ننتمي إلى هنا”.
وأضاف، من الصعب “توقع أي إحساس بالعدالة” للمسلمين الهنود. فحتى وجود اسم إسلامي يكفي ليجعلك تشعر بعدم الأمان. “إنه لأمر مخيف حقًا أن تحمل الهوية الإسلامية في الهند اليوم”.
وهكذا يستمر الهندوس في “شيطنة” المسلمين في الهند، وليس بعيدًا القسم الذي أقسموه في تجمع علني لهم لمقاطعة المسلمين بشكل كامل حتى تجاريًا. فهل ينتظر من المسلمين في كافة أنحاء العالم إلا معاملة الهندوس بالمثل؟! لعل وعسى نخفف من وطأة إرهاب الهندوس ضد المسلمين في بلاد الهند وذلك أضعف الإيمان.
اترك تعليقاً