لم يخف على متابع للشأن السوري منذ اندلاع ثورة 1432هـ (2011م) مدى وحشية النظام البائد وبربريته في التعامل مع الشعب السوري، ولم تكن النساء يوما في حصانة من ذلك أبدا، فقد رأى العالم أجمع مدى إجرام النظام ومليشياته وداعميه في حق النساء. إجرام فاق الوصف وبلغ حد الجنون، فلم تترك وسيلة تعذيب واستباحة وإذلال لم يقترفها ذاك النظام في حق السوريات.
في ذاك الوقت تحديدا ظهرت منظمات عجيبة، تتحدث باسم النساء وتنافح عن حقوقهن! بالطبع ذهب تفكيرك إلى الدفاع عنهن ضد ذاك البغي والتعذيب والإذلال، ولكن للمفاجأة، كانت هذه المنظمات تبحث عن “حقوق” النساء في التمرد على الدين والأعراف ولتغيير قوانين الميراث وتقلد الوظائف في منازعة للرجل، ثم حرية التعري والولاية!
لكن ماذا عن الأسيرات والمعتقلات والمُعذبات والنازحات والمهجرات والثكالى؟!
لا لسن داخل نطاق مجال عملهم، ولم يأخذوا الدعم من دول ومنظمات خارجية لأجلهم، وإنما لأجل محو مظاهر التدين وهدم ما يدخل في الحفاظ على القيم والأخلاق الإسلامية.
تعرف تلك المنظمات نفسها على أنها منظمات يقودها نساء يعملن على إيجاد العدالة الجندرية!
اعتبرت هذه المنظمات أن المجتمع والعقد الاجتماعي من أهم العوائق التي تحد من عملها بل هي بالأساس مجال عملها.
حيث جاء في ورقة بحثية منشورة عام 1442هـ (2021م) لتلك المنظمات:
“على الرغم من تلك الفضاءات التي تم إنشاؤها للنساء لتحدي القيود المجتمعية، ما تزال العديد من النساء السوريات يعشن في مجتمعات خاضعة بشدة للسلطة الأبوية، تحد من مشاركتهن في صنع القرار أو الوصول إلى فرص وموارد متساوية وعادلة يتم ذلك من خلال فرض قيود على خروجهن وأماكن تواجدهن”.
ونتيجة لذلك ترى تلك المنظمات الحقوقية أنه:”لا بد من تغيير مجتمعي كبير وكسر حاجز التقاليد والأعراف المجتمعية!!”.
كان هذا في الوقت الذي بلغ فيه النظام السوري ما بلغه من إجرام في حق النساء السوريات، وما تلاقيه النساء السوريات من أهوال في السجون والمعتقلات مما تشيب له رؤوس الولدان، لكن كل ذلك لم يحرك تلك المنظمات بعلاقاتها المشبوهة خارجيا، في استنقاذ النساء المظلومات؛ فهذا بالطبع ليس مجال عملها، وإنما مجال عملها هو الحرص على نشر التحلل من الدين والقيم والأخلاق، فالمنظمات النسوية خاصة العلمانية منها ترى أن الدين هو مصدر خضوع وتبعية بالنسبة للمرأة وهو متصادم مع الأفكار التي تدعو لها، وهذا ما يثير الخلافات بينها وبين النسوية الإسلامية التي ترى ذلك الخضوع هو من العادات والتقاليد الثقافية مع تفسيرات خاطئة للدين على حسب المنظمات العالمانية، لكنها خلصت – أي العلمانية- إلى استيعاب تلك الإسلامية حتى لا يفقدوا تواجدهم في الحركات النسوية!
نعيد الإشارة هنا إلى الظرف الزماني لتلك التنظيمات الذي يعد الأسوأ في تاريخ الإنسان الحديث، وكذلك الظرف المكاني الذي يشغله بلد ونظام من أشد الأنظمة إجراما في حق شعبه!
وفي التوصيات المقترحة لتطوير عمل المؤسسات النسوية: كان من أهمها التركيز على الأطفال والمراهقات وضرورة بذل الجهد في استهدافهن واستقطابهن، فهن بالنسبة لتلك المنظمات من يضمن فاعلية أقوى لعملهم؛ فمن ناحية هن أرضية خصبة لزرع الأفكار، ومن ناحية أخرى هن من سيحمل المستقبل ويضمن الإستمرارية.
الوقت الراهن
رأينا بأعيننا الواقع الذي يستحيل أن نصدق فيه ثرثرة النسويات وأذنابهن، فالواقع أن من حرر النساء بالفعل من سلخانات النظام البائد بل وتحرير البلاد كلها، كانوا هم من حاربتهم تلك المنظمات على مدار عقود. وأن تلك المنظمات الخبيثة لم تشارك في ذلك التحرر ولو بكلمة أو بنت شفة!
فمن البجاحة والنطاعة أن تأتي تلك المنظمات الآن تطالب بحق ليس من حقوقها، وبمكسب لم تشارك في مغرمه، ثم تعمل على تقليل الناس والأوضاع الداخلية في بلد، بالكاد يتنفس أولى أنفاس الحرية!
وغزة مثالا، لا يخفى على ذي عينين، ما وصل إليه حال نساء القطاع؛ فأين النسويات منهن؟!
وفي الختام، نجد أن المنظمات الحقوقية النسوية، تعمل على فرض أفكار الغرب في نظم اجتماعية غالبيتها مسلمة، وهو نوع هيمنة واحتلال وتدخل وقح في ثقافات الشعوب ومعتقداتها. وللأسف يتم كل ذلك تحت ستار الشرعية الدولية وبالابتزاز والحصار بالعقوبات والقوانين الدولية، التي لا تبالي بقتل وتعذيب نساء وأطفال مسلمات لكنها تبالي بكل جهدها وكيدها بتعرية وانحلال المسلمات!
وبعد كل ما عرفته نساء سوريا من فجائع وكروب لم تنفع كل القوى الدولية في رفعها عنهن، ينتظر منهن ومن السلطات القائمة في سوريا، التصدي لهذا السعي الخبيث لهدم هوية السوريين الدينية والحضارية. ومنع إبقائها في تبعية وتحت وطأة الهيمنة الغربية المحاربة للفطرة والإسلام. فهذا هو المفهوم الحقيقي للحرية، قطع حبال الهيمنة والاحتلال الخارجي وكسر همجية الإملاءات الأجنبية الوقحة.
اترك تعليقاً