على الرغم من تحذير الرئيس الأمريكي چو بايدن للكيان الصهيوني في خطابه الذي ألقاه في تل أبيب عقب عملية ((طوفان الأقصى)) من تكرار خطأ الولايات المتحدة بالاندفاع نحو غزو أفغانستان عقب الحادي عشر من سبتمبر، فقد أبلغ مسؤولون إسرائيليون الوفد الأمريكي أنه عليهم أن يتوقعوا حرباً قد تستغرق عشر سنوات.
ولا تزال الأصوات الأمريكية المنادية بضرورة تجنب التورط الإسرائيلي في غزة تتعالى منذ عودة الرئيس الأمريكي جو بايدن من زيارته لـ “إسرائيل”.
لعل من أبرز تلك الأصوات كان الكاتب الصحفي اليهودي الشهير توماس فريدمان والذي كتب في صحيفة النيويورك تايمز ما يلي:
“إذا اندفعت إسرائيل الآن إلى غزة لتدمير حماس – دون التعبير عن التزام واضح بالسعي إلى حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية وإنهاء المستوطنات اليهودية في عمق الضفة الغربية – فسوف ترتكب خطأً فادحاً، وسيكون ذلك مدمراً للمصالح الإسرائيلية والمصالح الأمريكية.
فقد يؤدي ذلك إلى إشعال حريق عالمي وتفجير هيكل التحالف المؤيد لأميركا بالكامل والذي بنته الولايات المتحدة في المنطقة منذ أن هندس هنري كيسنجر نهاية حرب يوم الغفران في عام 1973م .
أنا أتحدث عن معاهدة كامب ديفيد للسلام، واتفاقيات أوسلو للسلام، واتفاقيات إبراهيم والتطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ؛ كل هذا قد ينهار.
لم أشعر قط بمثل هذا القلق بشأن كيفية خروج هذا الوضع عن نطاق السيطرة بطرق يمكن أن تلحق الضرر بإسرائيل بشكل لا يمكن إصلاحه، وتضر بالمصالح الأمريكية بشكل لا يمكن إصلاحه، وتلحق الضرر بالفلسطينيين بشكل لا يمكن إصلاحه، وتهدد اليهود في كل مكان وزعزعة استقرار العالم كله.”
يخربون بيوتهم بأيديهم
ولكن وفق المسؤولين الأمريكيين الذين تواصل معهم فريدمان، فإن الغضب المستبد بالقادة العسكريين في الاحتلال الإسرائيلي جعلهم مصممين على توجيه ضربة للمقاومة تجعلها عبرة مع عدم وضع عواقب ذلك في الحسبان.
وقال فريدمان إنه على الرغم من أن نتانياهو يبدو أنه يدرك ما الذي قد يؤدي إليه التدخل في غزة، فإن شركاءه في الائتلاف اليميني حريصون على تأجيج النيران في غزة والضفة الغربية التي شهدت مقتل ما لا يقل عن سبعة فلسطينيين في أعمال انتقامية على يد المستوطنين اليهود خلال الأسبوع الماضي فقط.
نظرياً، يستطيع نتانياهو أن يتخذ القرار بعدم التورط في غزة حتى وإن كان ذلك عكس رغبة المتطرفين اليمينيين في حكومته.
ولكنه، واقعياً، بحاجة إليهم لتجنب دخول السجن إذا صدرت ضده أحكام في قضايا الفساد المنظورة حالياً أمام القضاء الإسرائيلي؛ فبعض أعضاء الائتلاف وعدوا بتقنين إحدى الجرائم التي يحاكم عليها نتانياهو – إن تمت إدانته – أو إنهاء المحاكمة بالكلية.
هذا الارتهان، قد يؤدي بتعبير فريدمان، إلى إدخال “كل إسرائيل في سجن غزة”.
مقترح لاستراتيجية بديلة
ويرى فريدمان أن على الكيان الصهيوني خفض سقف النتائج المرجوة من وراء عملية الاجتياح البري المحتملة؛ لتصبح عملية استنقاذ للرهائن عوضاً عن عملية اجتثاث لجذور المقاومة بالكلية، والتي يرى أن الاستهداف الدقيق والمتكرر لقيادات المقاومة هو السبيل الأنسب لتحقيقها.
وإن كان لابد من الاستيلاء على قطاع غزة فليكن بالتوازي مع السير الجاد في مسار ما يسمى ب “حل الدولتين” والعمل على إحلال حكومة الضفة بحكومة أخرى يؤول إليها حكم وإدارة قطاع غزة بعد فترة انتقالية.
اترك تعليقاً