في محرم 1446 هـ (يوليو 2024)، قامت السلطات في منطقة موريجاون بولاية آسام شمال شرق الهند، بتشريد حوالي 8000 مسلم بعد أن هدمت منازلهم، بدعوى أنها بنيت بشكل غير قانوني على أرض السكك الحديدية.
وأفاد السكان بأن الأسر المسلمة تم استهدافها على وجه التحديد بينما ظلت المباني الهندوسية على حالها، على الرغم من وجودها على أراضي السكك الحديدية كذلك.
وتعود ملكية معظم هذه المنازل لمسلمين يتحدثون اللغة البنغالية، ويُشار إليهم عادةً باسم “ميا”.
وفي حين أن عمليات الإخلاء هذه ليست مقتصرة على ولاية آسام، فقد أثار الحادث مزاعم بتحيز الحكومة، مع اتهامات بأن الحكومة تستهدف المسلمين البنغاليين على وجه التحديد وتستغل التوترات في المنطقة لإبعادهم عنها.
من هم الـ “ميا”؟
مصطلح “ميا” له جذوره الاشتقاقية في مصطلح “ميان” – وهي كلمة مشتقة من المجتمع البارسي، والتي تشير إلى شخص شريف في شبه القارة الهندية.
هاجر شعب ميا إلى آسام من أجزاء مختلفة من الهند وبنغلاديش الحالية في أوائل القرن العشرين أثناء الحكم الاستعماري البريطاني، واستقروا بشكل أساسي في مجاري نهر براهمابوترا في آسام.
ومع ذلك، تزعم العديد من منظمات السكان الأصليين والجماعات السياسية أنه كان هناك تدفق للمواطنين البنغلاديشيين المهاجرين بشكل غير قانوني إلى ولاية آسام، وغالبًا ما يربطون مجتمع ميا بهذه المجموعة.
ولهذا السبب، يُستخدم مصطلح “ميا” الآن بطريقة مهينة، في إشارة إلى البنغلاديشيين غير المسجلين.
الإخلاء القسري وخطاب العداء للإسلام والتهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي
للخطاب المعادي للمسلمين تاريخ طويل في ولاية آسام، لكن هذه المشاعر غذتها الحكومة اليمينية التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) ورئيس وزراء ولاية آسام، هيمانتا بيسوا سارما.
وبعد أدائه اليمين كرئيس للوزراء في عام 1443/1442 هـ (2021)، تصدر هيمانتا عناوين الأخبار بشكل متكرر بسبب تصريحاته المعادية للمسلمين.
ووفقًا لمنصة “ذا كوينت”، وهي منصة إخبارية رقمية مستقلة في الهند، فإن هيمانتا أدلى بتصريحات معادية استهدفت المسلمين الناطقين باللغة البنغالية 18 مرة خلال عام واحد.
وغالبًا ما كان هيمانتا يستشهد بالمصطلح الإسلامي “الجهاد” في سياق حديثه عن قضايا مجتمعية مختلفة.
ففي صفر 1446 هـ (أغسطس 2024)، اتهم هيمانتا جامعة العلوم والتكنولوجيا، بولاية ميغالايا، وهي مؤسسة يديرها مسلمون، بالانخراط في “جهاد الفيضانات”، واتهمها اندلاع الفيضانات في مدينة جواهاتي.
وادعى هيمانتا أن الجامعة لديها هيكل يشبه مكة، مدعيا أنها رمز “للجهاد”.
كما زعم أن المزارعين البنغاليين المسلمين كانوا يمارسون “جهاد الأرض والأسمدة” باستخدام كميات كبيرة من الأسمدة في محاصيلهم.
معاناة العمال البنغاليين المسلمين
في ولاية آسام، يعمل عدد كبير من العمال البنغاليين المسلمين كأجراء بدوام يومي في مختلف القطاعات.
في منطقة سيفساجار، أصدرت حوالي 30 منظمة للسكان الأصليين (القوميين الأساميين) إنذارًا لمدة سبعة أيام للمسلمين البنغاليين لمغادرة ولاية آسام العليا.
ووفقًا لمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تبحث هذه المنظمات والجماعات عن العمال المسلمين البنغاليين لإخبارهم بأن يغادروا المنطقة.
كما أصدر رئيس وزراء ولاية آسام تحذيرًا للمسلمين البنغاليين بدلاً من توفير الحماية لهم.
وذهب هيمانتا إلى حد القول إنه لا ينبغي للعمال المسلمين البنغاليين الذهاب إلى ولاية آسام العليا دون موافقة السكان الأساميين المحليين.
وفي منطقة تشارايديو بولاية آسام العليا، أجبر زعيم محلي لحزب بهاراتيا جاناتا العديد من العمال ال”ميا” الذين يعملون تحت قيادته على المغادرة.
وعلى الرغم من أنه مدين لهم بمبلغ 1.5 مليون روبية هندية (17873 دولارًا أمريكيًا)، إلا أنه لم يدفع لهم فلسًا واحدًا.
وعلى نحو مماثل، منعت منظمة ڤير لاتشيت سينا (VLS)، وهي منظمة آسامية قومية متطرفة مثيرة للجدل، الصيادين البنغاليين المسلمين من بيع الأسماك في السوق في منطقة ناجاون.
وكانت المجموعة متورطة في نشر خطاب عدائي وإصدار التهديدات ضد المسلمين البنغاليين في ولاية آسام العليا.
وفي 6 ربيع أول 1446 هـ (9 سبتمبر 2024)، وقعت اشتباكات بين الشرطة والسكان المحليين أثناء حملة الإخلاء، في قرية كوسوتولي، بمقاطعة كامروب، حيث غالبية السكان من المسلمين من أصل بنغالي.
واتهمت الحكومة السكان باحتلال أراضي مخصصة للمجتمعات القبلية بشكل حصري.
وتم إجلاء حوالي 151 عائلة، وهُدمت العديد من المباني.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل شخصين خلال المواجهة بين الشرطة والمتظاهرين.
كما نُفذت حملات إخلاء مماثلة في الغابة المحمية بمقاطعة جولبارا، مما أدى إلى نزوح حوالي 450 أسرة.
وبينما تستعد ولاية آسام لإجراء الانتخابات العامة المقبلة للولاية في عام 1448/1447 هـ (2026)، كثفت الحكومة اليمينية بقيادة هيمانتا بيسوا سارما استهدافها للمسلمين البنغاليين، كما يُتوقع أن يتم تصعيد الخطاب المشيطن للمسلمين في الأيام المقبلة.
Global Voices
اترك تعليقاً