“استبيان” مريب يصيب مسلمي كشمير بالذعر

تقريير جديد

ذهب محمد شادب (55 عاماً) كعادته للصلاة في مسجد الحي الذي يسكن فيه في مدينة سريناجار الرئيسية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية؛ ولكنه فوجئ عندما تم اعطاءه استبيانًا من إدارة المسجد.

كان الاستبيان جزءًا مما يسمى بالمسح الذي أجرته شرطة المنطقة المتنازع عليها، للحصول على تفاصيله الشخصية، بما في ذلك أرقام هواتف أفراد الأسرة، والصلات المحتملة بالمتمردين المسلحين، وسجلات الزيارات الأجنبية أو عضو مقيم في الخارج، وحتى عدد كاميرات المراقبة (CCTV) الموجودة بمنازلهم.

وتشمل التفاصيل الأخرى التي طُلب من السكان تسجيلها في الاستطلاع الذي أجري الشهر الماضي رقم Aadhaar – أو بطاقة الهوية الفريدة – وعدد المركبات التي يمتلكونها، وتفاصيل حول الموقع الدقيق لمنزلهم.

وقال شادب أن تسلمه للاستبيان أصابه بالذعر؛ “لم أستطع أن أصدق أنني اضطررت إلى تقديم مثل هذه التفاصيل الشاملة – حتى عن أفراد عائلتي الإناث”.

وأضاف أن الشرطة أصدرت تعليمات لأعضاء لجنة المسجد بتوزيع النماذج على رواد المسجد، ثم إعادتها مملوءة في غضون أسبوع.

تم توزيع الاستبيان في سريناجار ومناطق أخرى في المنطقة.

وقال العديد من السكان إن ضباطاً بملابس مدنية جاءوا إلى منازلهم، وطلبوا منهم ملء الاستبيان وتقديمه إلى أقرب مركز شرطة في أقرب فرصة.

ومنطقة كشمير الواقعة في جبال الهيمالايا مقسمة بين الهند وباكستان، اللتين تسيطران على أجزاء من الإقليم ولكن كل منهما تطالب بالسيطرة عليه بالكامل؛ الأمر الذي أدى إلى اندلاع ثلاثة حروب بينهما بشأن المنطقة.

وبعد اندلاع تمرد شعبي مناهض للهند في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير في أواخر الثمانينيات، نشرت نيودلهي ما يقرب من 700 ألف جندي لقمع الحركة، مما جعل المنطقة واحدة من أكثر مناطق الصراع عسكرة في العالم.

وتبلغ نسبة العسكريين إلى المدنيين في المنطقة جنديًا واحدًا لكل 30 ساكنًا، وفقًا لدراسة أجراها “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” عام 1441/1440 هـ (2020م)، وهو مركز أبحاث مقره لندن.

عشرات الآلاف من الأشخاص قُتلوا في الصراع المستمر منذ عقود، معظمهم من المدنيين، في حين تنتشر أخبار التعذيب والاعتقال التعسفي، والحرمان من أبسط الحقوق على يد قوات الأمن الهندية.

ولطالما كانت المراقبة عنصراً رئيسياً في استراتيجية الهند في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والتي اشتدت، خاصة منذ عام 1440 هـ (2019م) عندما ألغت نيودلهي الحكم الذاتي الجزئي للمنطقة ووضعتها تحت سيطرتها المباشرة.

وتنتشر مئات الحواجز الأمنية في أنحاء المنطقة لمراقبة تحركات الناس.

وساعدت التكنولوجيا السلطات على توسيع البنية التحتية للمراقبة، حيث تم تركيب مئات من الكاميرات عالية التقنية المزودة بخاصية التعرف على الوجوه (facial recognition) في العديد من المدن وحتى القرى.

تتمتع قوات الأمن في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والتي شجعتها قوانين مثل قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة (AFSPA) أو قانون السلامة العامة، بالإفلات من العقاب أثناء قيامها بمداهمات واعتقالات، أو استهداف الكشميريين – ومعظمهم من الشباب والرجال – في الشوارع لإجراء فحوصات عشوائية.

منذ أن عاقبت الهند المعارضة وقمعت الاحتجاجات ضد خطوتها بإلغاء الوضع الاستثنائي لكشمير في عام 1440 هـ (2019م)، صارت حتى المنشورات الناقدة على وسائل التواصل الاجتماعي تخضع للتدقيق من قبل الأجهزة الأمنية.

وصدرت تعليمات للموظفين الحكوميين بالامتناع عن انتقاد الدولة على وسائل التواصل الاجتماعي، وإلا فإنهم يعرضون أنفسهم للفصل من العمل.

وفي عام 1444/1443 هـ (2022م)، حذرت الشرطة أصحاب المتاجر في المنطقة من اتخاذ إجراءات جزائية إذا فشلوا في تركيب كاميرات مراقبة على مدار الساعة خارج متاجرهم، ومشاركة محتوياتها مع الشرطة إذا طُلب منهم ذلك.

“يتلاعبون بنفسياتنا”

ومع ذلك، يقول السكان إن المسح الجاري للشرطة يضيق خناق المراقبة عليهم من خلال التوسع في المعلومات التي تطلبها الحكومة.

بالإضافة إلى ذلك، فالكيفية التي تعتزم بها الشرطة تخزين ومعالجة البيانات الشخصية التي تم جمعها غير واضحة، مما يؤدي إلى تفاقم المخاوف من سوء الاستخدام والانتهاكات المحتملة.

وقالت ابنة شادب البالغة من العمر 28 عاماً، إنها لا تكاد تصدق ما يحدث.

“ما الذي تبقى ليسألوا عنه؟ إنهم يتلاعبون بنفسياتنا؛ الأمر يشعرك بالعجز”.

وقال رافي ناير، وهو ناشط حقوقي من (مركز توثيق حقوق الإنسان بجنوب آسيا)،  إن الاستطلاع الذي أجرته شرطة كشمير يعد “عملية مفضوحة”.

وقال: “الدولة العميقة تقوم بعملية رسم خرائط لرفع مستوى المراقبة والتدخل السافر في حياة الناس … هذه العملية تنتهك خصوصية جميع الكشميريين”.

وقال محمد جنيد، وهو طالب جامعي في الولايات المتحدة، إن ما يسمى بمسح التعداد السكاني “يعمل كعملية نفسية لخلق حالة من الذعر المتعمد” بين الكشميريين.

وكالات الأنباء

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا