أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” إن 17.7 مليون سوداني وصلوا إلى الدرجة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي، وهم موجودون في كل من أم درمان وبحري بالعاصمة السودانية، وفي إقليم كردفان، ودرافور.
وجاء في تقرير ل”فاو” أن “قلة الغذاء لم تنتج عن التدهور الأمني فحسب، لكن إنتاج الحبوب هذا العام هو الأقل خلال السنوات الخمس الأخيرة”.
وقال مفوض الخدمة المجتمعية بمنظمة “مشابك” للتنمية المجتمعية، يونس إبراهيم، أن “عدداً من مناطق العاصمة أصبح غير مناسب للحياة في ظل انعدام الطعام ومياه الشرب النظيفة، ما يهدد حياة الناس”.
تعاني العاصمة السودانية، الخرطوم، من شح شديد في المواد الغذائية الضرورية، خاصة الدقيق نتيجة لصعوبة نقلها في ظل الانفلات الأمني وتعرض عدد من المطاحن الرئيسية في الخرطوم مثل سيقا، وويتا، وسين إلى الحرق والنهب.
وقالت هدى مبارك، المقيمة بالعاصمة الخرطوم في منطقة الفتيحاب رفقة أسرتها المكونة من أبنائها ووالدتها المسنة، إن “المواد الغذائية نفدت من المنزل، وغير متوفرة بالأسواق بسبب الحصار المضروب من قبل قوات الدعم السريع على المنطقة الواقعة بالقرب من سلاح المهندسين التابع للجيش السوداني منذ الأسبوع الثالث للحرب التي اندلعت في رمضان 1444هـ (إبريل 2023). الأطفال فقدوا وزنهم، وأصبحوا عرضة للأمراض بسبب قلة التغذية، وتلوث مياه الشرب”.
كما يعيش سكان عدد من أحياء أم درمان القديمة كحي العرب، والقمائر، والملازمين، وأب روف، والعباسية، وبيت المال ظروفاً صعبة نتيجة نقص الدقيق والزيت والسكر -بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار تلك المواد- وانقطاع إمداد مياه الشرب.
إبراهيم جبريل، وهو من سكان حي بيت المال بأم درمان، قال أن “عشرات الأسر اضطرت إلى المغادرة تحت القصف العشوائي، ويقيم كثيرون حالياً في مراكز إيواء مؤقتة تفتقر إلى أدنى الخدمات، فعشرات الأسر تشترك في استخدام دورة مياه واحدة بأحد المدارس، وأغلبهم يعانون من الجوع، ولا يحصلون سوى على وجبة واحدة يومياً”.
وفي مدينة “ود عشانا” اضطر معظم السكان إلى النزوح إلى قرى قريبة -حيث يبيتون في العراء- أو الاختباء في الغابات بعدما اجتاحت قوات الدعم السريع المدينة.
على الرغم من معاناة السودانيون المالية قبل الحرب-حسب تقرير صادر عن وزارة المالية الاتحادية في 1442- 1443هـ (2021)، كان 65 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر- إلا أن العام الأخير كان الأصعب عليهم، خاصة مع مرور فوق العشرة أشهر على تسلم موظفو القطاع الحكومي لرواتبهم.وأفادت لجنة المعلمين السودانيين، في بيان لها، إن “عدم صرف الرواتب أضر بجميع الموظفين الذين هم في أمس الحاجة إلى الطعام والشراب الذي تضاعفت كلفته بسبب الحرب”.
وأوضحت منظمة “مشابك” إن “نحو مليوني عامل وعاملة في القطاع غير المنظم، مثل بيع الأطعمة والمشروبات والأعمال اليدوية، إما سُرقت أدوات عملهم، أو نزحوا إلى مناطق لا يستطيعوا ممارسة نشاطهم فيها، ما أفقدهم القدرة على توفير احتياجاتهم من الطعام والشراب”.
كما حذرت من أن “الأزمة الحقيقية سوف تظهر بصورة أكبر خلال الفترة من رجب 1445هـ إلى ربيع أول 1446هـ (فبراير إلى أكتوبر) من العام القادم”، محذرة من “ظهور موجة جوع كارثي في شهر 22 شوال 1445هـ (مايو 2024)، إذا لم تكن هناك زيادة كبيرة في المساعدات الغذائية المُرسلة إلى السودان”.
اترك تعليقاً