هانتر بايدن ينتقد أداء والده الرئاسي على خلفية الانسحاب من أفغانستان

IMG ٢٠٢٥١٢٢٤ ١٩٢٤٣٣

وجّه هانتر بايدن انتقادات حادة إلى رئاسة والده خلال مقابلة مطوّلة استغرقت خمس ساعات ونصف مع برنامج «ذا شون رايان شو»، بُثّت يوم الاثنين 2 رجب 1447هـ (22 ديسمبر 2025م)، واصفًا انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 1442هـ (2021م) بأنه فشل واضح لا لبس فيه. كما وجّه نجل الرئيس السابق سهام نقده إلى طريقة تعاطي جو بايدن مع ملف الهجرة وقرارات السياسة الخارجية، في تصريحات عدّها مراقبون من أكثر الانتقادات العلنية المباشرة التي تصدر عن فرد من العائلة نفسها بحق رئاسته.

وأجرى المقابلة شون رايان، الضابط السابق في قوات البحرية الخاصة ومقدّم البودكاست، حيث تناول الحوار مطولًا معاناة هانتر بايدن من الإدمان، وقضاياه القانونية، وأنشطته التجارية، إلى جانب تقييمه لسنوات ولاية والده الأربع. وأكد هانتر أن والده أدّى مهامه الرئاسية على نحو جيد للغاية في جوانب عدة، لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه أخفق إخفاقات حقيقية لا يمكن إنكارها. وقد أثارت هذه التصريحات الصريحة جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية حول حدود الولاء العائلي ومسؤولية الرئيس أمام الرأي العام.

وفي ما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان، قال هانتر بايدن لشون رايان إنه يرى أن قرار الانسحاب بحد ذاته كان صائبًا، لكنه أدان طريقة تنفيذه، مشيرًا إلى مقتل 13 جنديًا من مشاة البحرية الأميركية، ومؤكدًا أن هناك سبلًا أفضل كان يمكن اتباعها لإدارة عملية المغادرة.

كما أقرّ بتفهّمه لغضب رايان إزاء ما جرى، موضحًا أنه سمع هذا الاستياء واستوعبه. وبيّن هانتر أن موقف والده انطلق من قناعة مفادها أن عشرين عامًا من الحرب كانت كافية، وأن الاستمرار في الخدمة لم يعد يصب في مصلحة أحد داخل الولايات المتحدة، ولا سيما أفراد القوات المسلحة.

وقد أنهى انسحاب عام 1442هـ (2021م) أطول حروب الولايات المتحدة، لكنه رافقته مشاهد فوضوية في مطار كابول مع تسارع سيطرة حركة طالبان على البلاد. وأسفر تفجير انتحاري عند بوابة «آبي غيت» خارج مطار كابول، في 1443هـ (26 أغسطس 2021م)، عن مقتل ثلاثة عشر جنديًا أميركيًا أثناء عمليات الإجلاء. وأثار هذا الانسحاب موجة انتقادات واسعة من مشرّعين جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، شككوا في مستوى التخطيط وحسن تنفيذ عملية الانسحاب.

وتطرّق هانتر بايدن خلال المقابلة إلى قضية الهجرة غير النظامية، مؤكدًا أن البلاد بحاجة إلى هجرة حيوية ونشطة، لكنه وجّه انتقادًا واضحًا لعبور المهاجرين بطرق غير قانونية. واعتبر أن هؤلاء يستنزفون الموارد، ويُمنَحون أولوية على حساب أشخاص وصفهم بأنهم «أبطال حقيقيون» ما زالوا يتعافون من تبعات عشرين عامًا من حرب لا تنتهي، أو على حساب فئات أخرى من المجتمع. وقد مثّلت هذه التصريحات خروجًا لافتًا عن الخطاب العلني الذي تبنّته إدارة والده بشأن سياسات الهجرة طوال فترة رئاسته.

وفي السياق ذاته، أشاد نجل الرئيس السابق بدعم والده لمشروع قانون ثنائي الحزبين يتعلق بأمن الحدود، معتبرًا أن هذا المسار تعرّض للإفشال لاحقًا بعد أن مارس دونالد ترامب، بحسب قوله، ضغوطًا على الجمهوريين قبيل انتخابات 1445هـ (2024م) لحملهم على معارضته. وأوضح هانتر بايدن أن ترامب تدخّل قبل ستة أشهر من الانتخابات وأبلغ الجمهوريين أنه سيخوض ضد كل من يصوّت لصالح مشروع قانون الحدود، بحجة أن البلاد باتت «مدمنة على مشكلة الهجرة». وقد فشل مشروع قانون أمن الحدود، المدعوم من الحزبين، في اجتياز مجلس الشيوخ في 1445هـ (فبراير 2024م) رغم حصوله في البداية على تأييد من الجانبين.

وتحدّث هانتر بايدن خلال المقابلة عن معاناته الشخصية مع الإدمان والتحديات القانونية التي لاحقته، مستعرضًا صراعه الطويل مع إدمان مخدّر الكوكايين وتعاطي الكحول، وهي معاناة جرت على مرأى من الرأي العام لسنوات عدة. ففي 1445هـ (يونيو 2024م)، أدانته هيئة محلفين في ولاية ديلاوير بثلاث تهم جنائية تتعلق بحيازة سلاح ناري، على خلفية شرائه مسدسًا من طراز «كولت» عيار .38 عام 1439هـ (2018م)، بعد أن قدّم بيانات كاذبة في استمارات فيدرالية بشأن تعاطيه للمخدرات.

وفي 1446هـ (سبتمبر 2024م)، وقبيل انطلاق محاكمته المرتقبة في ولاية كاليفورنيا، أقرّ هانتر بايدن بالذنب في قضايا تهرّب ضريبي على المستوى الفيدرالي. ولاحقًا، أصدر الرئيس السابق جو بايدن عفوًا عن نجله في 1446هـ (الأول من ديسمبر 2024م)، شمل جميع الجرائم المرتكبة خلال الفترة الممتدة من 1 يناير 2014 حتى 1 ديسمبر 2024. وخلال مرحلة إدانة هانتر في قضية السلاح، شدّد الرئيس بايدن علنًا على دوره لا بصفته رئيسًا فحسب، بل أبًا أيضًا، معربًا عن فخره بتعافي ابنه وقدرته على الصمود وتجاوز المحن.

وكشف نجل الرئيس السابق خلال المقابلة أنه يرزح تحت ديون تُقدَّر بنحو خمسة عشر مليون دولار، مؤكدًا أنه لا يدري كيف سيتمكن من سدادها. وأوضح هانتر بايدن أن عائلته لا تمتلك ثروة متوارثة عبر الأجيال، رغم سنوات عمله في أنشطة تجارية متعددة، من بينها عضويته في مجلس إدارة شركة الطاقة الأوكرانية «بوريسما هولدينغز». وقد أثار هذا الإفصاح تساؤلات بشأن إدارته المالية، في ضوء ما حققه سابقًا من مداخيل عبر مشاريعه المختلفة.

كما عبّر هانتر بايدن خلال البودكاست عن ارتباكه إزاء انتمائه السياسي، قائلًا إنه لم يعد متأكدًا حتى من كونه ديمقراطيًا. وأبدى استياءه من الأصوات التي دفعت والده إلى التخلي عن حملة إعادة الترشح، موجّهًا انتقادات مباشرة لمقدّم شبكة «سي إن إن» جيك تابر، وللممثل جورج كلوني، بسبب دورهما — بحسب وصفه — في التأثير على قرار الرئيس بايدن الانسحاب من سباق انتخابات 1446ه (2024م). وكان الرئيس السابق قد أعلن انسحابه في يوليو 2024، عقب ضغوط من قيادات في الحزب الديمقراطي أعربت عن قلقها من أدائه في المناظرات وتراجع أرقامه في استطلاعات الرأي.

وتطرّقت المقابلة أيضًا إلى قضية حاسوب هانتر بايدن المحمول، الذي أثار جدلًا واسعًا خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 1441هـ (2020م). وأكد هانتر بايدن أنه لا يوجد جهاز حاسوب بالمفهوم الحقيقي، واصفًا ما تم تداوله بأنه مزيج مفبرك من معلومات رقمية جُمعت من بيانات مسروقة. ومع ذلك، أقرّ لاحقًا في المقابلة بأن الحاسوب احتوى على سجلات تُظهره كمدمن مخدرات في أسوأ مرحلة من حياته. وكانت صحيفة «نيويورك بوست» أول من نشر تقارير عن رسائل إلكترونية يُزعم أنها من الحاسوب في أكتوبر 2020، وهي قصة قُمعت مبدئيًا على منصات التواصل الاجتماعي.

وقد روّج شون رايان للحلقة عبر منصة «إكس»، المعروفة سابقًا بتويتر، داعيًا الجمهور لمشاهدة الحلقة كاملة قبل إصدار أي حكم. وأوضح رايان أنه منفتح للاستماع إلى جميع الأطراف، وأنه لا يتفق مع كل ما يقوله هانتر بايدن، تمامًا كما لا يتفق هانتر مع كل ما يقوله هو. وشدّد مقدم البودكاست على أهمية مثل هذه الحوارات في إثراء النقاش العام.

وقد حظيت المقابلة باهتمام واسع عبر وسائل الإعلام التقليدية والبديلة على حد سواء. وانتقد بعض المعلقين شون رايان لعدم مواجهته بعض الادعاءات التي أطلقها هانتر بايدن بشكل أكثر حزمًا خلال الحوار المطوّل، في حين أشاد آخرون بالحوار المفتوح بوصفه مثالًا على التواصل العابر للأحزاب في بيئة سياسية تتسم باستقطاب متزايد.

ووصف هانتر بايدن شعوره بالغضب من منظور الابن لا من منظور العامل السياسي، مؤكدًا أنه لا يوجد من يهرع لإنقاذه، في إشارة إلى استيائه من تحويل معاناته الشخصية إلى مادة سياسية خلال فترة رئاسة والده. وكشفت هذه التصريحات التوتر بين دوره كابن للرئيس وهويته الشخصية المستقلة عن السياسة.

تُعدّ التصريحات الصريحة غير المألوفة حول رئاسة والده خروجًا عن الولاء العائلي المعتاد الذي يظهره أقارب الرؤساء عادةً، إذ يتجنب أبناء الرؤساء في العادة انتقاد إدارات آبائهم علنًا، مما يجعل تقييم هانتر بايدن الصريح ملحوظًا. ولاحظ المراقبون السياسيون توقيت المقابلة، التي جاءت بعد أسابيع قليلة من مغادرة والده المنصب، وبعد تلقيه العفو الرئاسي المثير للجدل مباشرةً.

وقد بُثّت المقابلة في وقت تستعد فيه عائلة بايدن لحياة ما بعد البيت الأبيض عقب تنصيب دونالد ترامب في 20 يناير 2025. وغادر الرئيس السابق بايدن منصبه وهو يحمل معدلات موافقة تراجعت بشكل كبير مقارنة ببداية رئاسته، مع اعتبار انسحاب القوات من أفغانستان وسياسات الهجرة من أكثر الجوانب انتقادًا في إدارته. وتعكس تصريحات هانتر بايدن العلنية الانتقادات الأوسع التي أطلقها الجمهوريون وبعض الديمقراطيين تجاه هذه السياسات.

يشغّل شون رايان أحد أشهر البودكاستات في الولايات المتحدة، حيث يجري بانتظام مقابلات مع شخصيات سياسية، وقدامى المحاربين العسكريين، وأعضاء أجهزة الاستخبارات، والمعلّقين الثقافيين. واصفًا نفسه بالمنفتح على وجهات نظر مختلفة، رغم وصف بعض وسائل الإعلام الرئيسية له بأنه مؤثر في حركة «ماجا» (MAGA)، أشار رايان إلى أنه يختلف مع الحركة السياسية المذكورة أقل فأقل مع مرور الوقت، لكنه يرفض الوسم الملقب به.

وسمح تنسيق المقابلة التي استمرت خمس ساعات بمناقشة موسّعة لمواضيع نادرًا ما تُطرح في المقابلات الإعلامية التقليدية. وقد كشف هانتر بايدن عن مآسي الطفولة، وإدمانه للمواد المخدّرة، ومسار تعافيه، وتجربته في نشأة سياسية كابن لسيناتور ونائب رئيس طويل الخدمة قبل أن يصبح جو بايدن رئيسًا. ومثّل الحوار أوسع دفاع علني لهانتر بايدن عن أفعاله، وأشمل نقد له حتى الآن لرئاسة والده.

News Ghana

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا