يقول جلال الدين كشك في كتابه “ودخلت الخيل الأزهر” متحدثا عن أهمية تفسير التاريخ والاعتبار منه: «والخلاف حول تفسير التاريخ ليس ظاهرة ترف، ولا هو مجرد خلاف حول تفسير الماضي، بل هو في الدرجة الأولى خلاف حول الطريق إلى المستقبل.. والأمم دائمًا تهرع إلى تاريخها، في لحظات محنتها – تستمد منه الإلهام والدعم النفسي، بينما يلجأ خصومها دائمًا إلى تزييف التاريخ وتشويهه لتضليل الحاضر وإفساد الطريق إلى المستقبل.»
وكم من دروس قيمة يمكن أن نستخلصها من الثورة الفرنسية؛ فالحال متقارب، وتنكيل فرنسا بمسلمي الجزائر لا يختلف كثيرًا عن تنكيل الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه بأهل غزة… وكأن التاريخ يعيد نفسه! حتى ليخيل إليك أنك لو بدلت اسم فرنسا بإسرائيل، لظننت أن البشير الإبراهيمي قد كتب هذا المقال في عصرنا.
وهذه دعوة للمسلمين ليدرسوا التاريخ ويتفكروا به، ويستخلصوا العبر منه ويحرصوا على عدم تكرار أخطاء الماضي؛ فالأمة التي تنسى مجازرها وما حلّ بها، تفتح للعدو بابًا ليعيدها عليها، مرة بعد مرة.
مقدمة المؤلف حذيفة صبّان (أبو زرعة الجزائري)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا مقال للعلامة الأديب محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله كتبه سنة ۱۹۵۹ بالقاهرة بعد أربع سنوات من اندلاع ثورة التحرير الجزائرية، كتبها وقد حمي وطيس الحرب وكشفت فرنسا الدموية عن وجهها البشع بارتكابها المجازر البشرية والإبادة الجماعية لشعب أعزل وكشرت عن أنيابها التي لطالما غطتها تحت قناع الحضارة والحرية والمساواة، فسقط القناع عن فرنسا أو بعبارة أدق ألقت فرنسا هذا القناع اللعين لأنها أيقنت بزوالها من هذه الأرض ورأت بعينها الكنز يضيع من بين أيديها ولم يبق لها أمل في استعادته لذلك انتقمت من هذا الشعب الحر الذي تجرأ وقال لا للاحتلال فكانت الضريبة مليون ونصف شهيد في سبيل الحرية وطرد المحتل الغاصب من الأرض.
لكن الذي جلب انتباهي في هذا المقال هو الشبه العجيب بين الثورة الجزائرية وطوفان الأقصى، وهو توافق في أسباب الحرب وسياقها ومقدماتها وظروفها ومعطياتها، والشبه ظاهر بين الاحتلال الفرنسي والصهيوني، وبين حالة الجزائريين والفلسطينيين، وكأن الإبراهيمي أرسل إلينا رسالة عن واقع القضية الفلسطينية في يومنا هذا بلغة زمانه ذاك، قاصدا إعطاءنا درسا مهما في منهجية قراءة التاريخ وكيفية الاستفادة منه عمليا، وإن كان هناك فروق بين الثورة الجزائرية والفلسطينية فهي الفرق الواسع بين حالة المجاهدين الجزائريين الذين كانوا يجابهون فرنسا الإمبراطورية التي كانت تحتل نصف العالم، مع قلة عددهم وضعف خبرتهم فقد كانوا يجابهون طائرات فرنسا الحربية ودباباتها ببنادق الصيد! أين هذا مما عليه المقاومة الفلسطينية اليوم التي تمتلك ترسانة عسكرية وعدة في السلاح ما لا تمتلكه دول في المنطقة!
فما عليك في هذا المقال إلا أن تجعل في موضع فرنسا إسرائيل، وفي موضع الجزائر فلسطين، لعلنا نستبصر من الماضي حاضرنا، فنستخلص فيه معالم المستقبل وترتسم لنا خريطة التحرير إن شاء الله.
لقراءة الكتاب، من هنا:




اترك تعليقاً