صور الأقمار الصناعية تُظهر أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت مذبحة في مدينة الفاشر

photo 2025 12 06 09 48 50

ما يصل إلى 150,000 من سكان الفاشر مفقودون منذ سقوط عاصمة شمال دارفور بيد قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

تبدو مدينة الفاشر السودانية كـ«مسرح جريمة ضخم»، مع تراكم أكوام كبيرة من الجثث في شوارعها، فيما تعمل قوات الدعم السريع شبه العسكرية على تدمير الأدلة التي تكشف حجم مجزرتها.

بعد ستة أسابيع من سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، تشير التحليلات إلى أن الجثث قد جُمعت في عشرات الأكوام تمهيداً لدفنها في مقابر جماعية أو إحراقها في حفر ضخمة.

ومع استمرار إغلاق عاصمة ولاية شمال دارفور أمام الخارج، بما في ذلك محققي جرائم الحرب التابعين للأمم المتحدة، كشفت صور الأقمار الصناعية عن شبكة من الحفر المحروقة والجماعية حديثة الحفر يُعتقد أنها مخصصة للتخلص من أعداد كبيرة من الجثث.

بينما لا يزال العدد النهائي للقتلى غير واضح، أُطلع نواب بريطانيون على إحاطة تفيد بمقتل ما لا يقل عن 60,000 شخص في الفاشر.

وقالت سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية في مجلس العموم: «تلقّى الأعضاء إحاطة خاصة حول السودان، حيث ذكر أحد الأكاديميين: ‘تقديرنا الأدنى هو مقتل 60,000 شخص هناك خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.’»

ما يصل إلى 150,000 من سكان الفاشر لا يُعرف مكانهم منذ سقوط المدينة بيد قوات الدعم السريع. ولا يُعتقد أنهم غادروا المدينة، ويأتي هذا التطور المروع وسط تكهنات متزايدة الكآبة حول مصيرهم.

وقال ناثانيال ريموند، مدير مختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل، الذي يتابع صور الأقمار الصناعية للفاشر عن كثب، إن المدينة خالية بشكل مخيف، إذ أصبحت الأسواق التي كانت تعج بالحركة مهجورة الآن.

وتشير أحدث تحليلات جامعة ييل إلى أن الأسواق لم تعد مستخدمة إلى درجة أنها بدأت تغطيها النباتات، وأن جميع الماشية يبدو أنها أُخرجت من المدينة، التي كان عدد سكانها 1.5 مليون قبل بدء الحرب في 1444هـ (أبريل 2023.م)

وقال ريموند: «بدأت المدينة تبدو كثيراً كمسلخ».

ولم يتمكن أي خبير أو وكالة من توضيح مكان عشرات الآلاف من السكان المفقودين منذ أن سقطت الفاشر – آخر معقل رئيسي للجيش في المنطقة – في 26 أكتوبر بعد حصار قاسٍ استمر 500 يوم من قِبل قوات الدعم السريع تسبب في مجاعة.

وتحدثت صحيفة الغارديان إلى مصادر وصفت احتجاز سكان الفاشر في مراكز اعتقال بالمدينة، رغم أن أعداد المحتجزين ما تزال صغيرة.

photo 2025 12 06 09 48 50

تُظهر صور الأقمار الصناعية من 1447هـ (أغسطس 2025م)، على اليسار، دلائل على حركة الأسواق والمركبات حول الفاشر، بينما تُظهر صورة أُخذت في 17 نوفمبر 2025، على اليمين، عدم وجود أي علامات للحياة في المدينة. الصورة: من مختبر البحوث الإنسانية/مدرسة ييل للصحة العامة.

وقد وعد مسؤولو قوات الدعم السريع بالسماح للأمم المتحدة بدخول الفاشر لتقديم المساعدات والتحقيق في الفظائع، لكن حتى الآن تظل المدينة خارج نطاق المنظمات الإنسانية وكذلك المسؤولين الأمميين.

ويُفهم أن قوافل المساعدات في حالة انتظار في المدن والبلدات المجاورة بينما تستمر المفاوضات للحصول على ضمانات أمان من قوات الدعم السريع. وحتى الآن، رفضت الجماعة شبه العسكرية، التي دخلت عامها الثالث من الحرب مع القوات المسلحة السودانية، تقديم أي ضمانات.

وقال مصدر من الأمم المتحدة: «هناك حاجة لتقييم أمني قبل أن نخطط لإرسال المساعدة. في الوقت الحالي، لا يوجد أي ضمان لعبور آمن أو حماية المدنيين أو العاملين في المجال الإنساني أو الأصول الإنسانية».

وبالرغم من عدم اليقين بشأن عدد السكان الذين قد يكونون أحياء داخل الفاشر، تعتبر الحاجة لوصول المساعدة إلى المدينة حرجة، مع الإبلاغ عن مستويات «مذهلة» من سوء التغذية بين من تمكنوا من الفرار. وقد أعلن خبراء دوليون أن المدينة في حالة مجاعة.

قال ريموند إن بعض السكان، الذين فقد فريقه الاتصال بهم لاحقاً، تواصلوا معهم خلال اليومين الأولين للهجوم، مُبلغين عن مقتل ما يصل إلى 10,000 شخص.

ويعتقد خبراء حقوق الإنسان الآن أن الفاشر من المرجح أن يكون أسوأ جريمة حرب في الحرب السودانية، التي تميّزت بالفعل بارتكاب فظائع جماعية وتطهير عرقي.

وخلال 32 شهراً من الحرب المدمرة، تمزق البلد، حيث قُتل ما يصل إلى 400,000 شخص ونزح ما يقارب 13 مليوناً. وقد تسبب الصراع في أكبر أزمة إنسانية في العالم.

وفي الوقت نفسه، تكررت الدعوات لإجراء تحقيق شامل في هجوم قوات الدعم السريع على مخيم الزمزم للنازحين، على بُعد سبع أميال (12 كم) جنوب الفاشر، قبل ستة أشهر.

ويُوثّق تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية كيفية استهداف قوات الدعم السريع للمدنيين، وأخذ رهائن، وتدمير المساجد والمدارس خلال هجوم واسع النطاق على مخيم الزمزم، وقد طالبت التحقيق مع القوات «بجرائم حرب».

المصدر: صحيفة الغارديان البريطانية.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا