في 4 جمادى الثاني 1447هـ (الخامس والعشرين من نوفمبر عام 2025م)، وضعت حكومة ولاية آسام بين يدي أعضاء مجلسها التشريعي التقارير التي ظلت حبيسة الأدراج طويلاً، والمتعلقة بأحداث العنف عام 1403هـ (1983م) التي أفضت إلى مجزرة نيلي.
وقد شملت الوثائق المقدمة تقرير لجنة تيواري الرسمي، وتقرير لجنة ميهتا غير الرسمي، وهما ثمرتا تحقيقين منفصلين في ملابسات المجزرة وما رافقها من عنف خلال فترة الانتخابات.
كما وُزِّعت النسخ المطبوعة والرقمية لكلا التقريرين على جميع أعضاء المجلس البالغ عددهم 126 عضواً، في سابقة تُسجَّل في تاريخ آسام، إذ لم يكن متاحاً في السابق سوى نسخة وحيدة محفوظة لدى رئيس المجلس.
وقعت المجزرة في 5 جُمادى الأولى 1403هـ (الثامن عشر من فبراير عام 1983م) في وسط آسام ــ وكانت آنذاك ضمن مقاطعة ناغاون، وأضحت اليوم جزءاً من مقاطعة موريغاون ــ حين شنّت حشود غاضبة هجوماً على قرى يغلب عليها المسلمون من أصول بنغالية، فطالت أربع عشرة قرية، منها قرية نيلي، مخلفةً ما يزيد على 2000 قتيل، بل إن تقديرات غير رسمية رفعت العدد إلى 3000 قتيل. وأُحرِقت مئات المنازل، وتشرّد ما يقرب من ثلاثمائة ألف إنسان.
وتفيد السجلات التاريخية وشهادات الناجين بأن العنف استمر لساعات طوال، إذ عمدت الحشود إلى إغلاق منافذ الهرب، وإحراق البيوت، واستهداف كل من حاول الفرار.
أُفيد بأن مسؤولي القوة المركزية للشرطة لم يصلوا إلا مع حلول المساء، بعد أن وُجِّهت إلى السلطات المحلية اتهامات بتأخير الاستجابة أو توجيه جهود الإغاثة وجهةً خاطئة.
وما استجدّ هذا الأسبوع هو عودة التدقيقين السياسي والشعبي، إذ أعادت الحكومة، بوضعها التقريرين رسميًا على السجل، فتح الملف للنقاش، وهو مطلب طالما نادى به الناجون ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.
غير أنّه، وعلى الرغم من أهمية الخطوة، لم يُجرَ أي نقاش أو مناظرة رسمية بشأن مضمون التقريرين خلال دورة المجلس الحالية، وفق ما أعلنته قيادة الولاية.
يختلف التقريران اختلافاً بيّناً في ما خلصا إليه؛ إذ يعزو تقرير لجنة تيواري الرسمي أسباب العنف إلى توتراتٍ مزمنة تتصل بقضايا «الأجانب، واللغة، والأرض»، مسلطاً الضوء على الإخفاقات الإدارية والاحتقانات الطائفية المسبقة.
ويشير التقرير إلى أنّ سياسة التحريض والدعوات المشعِلة التي سبقت انتخابات عام 1983 مهّدت لوقوع المأساة.
أمّا تقرير لجنة ميهتا، فيُركّز على انهيار منظومة القانون والنظام، وتقصير الإدارة، وعجزها عن حماية المجتمعات الهشّة، محمّلاً أجهزة الدولة المسؤولية، وداعياً إلى إنصاف الناجين وتحقيق العدالة والمساءلة.
وعلى مدى عقود، ظلّ الناجون ونشطاء الحقوق يشكون من أنّ حقيقة ما جرى في نيلي قد وُوريت مع طيّ ما يقرب من 688 دعوى رُفعت بعد المجزرة؛ فأُغلقت 378 منها بدعوى «انعدام الأدلة»، بينما لم تبلغ بقيتها مرحلة الادعاء العام، ولم يُدان أحد قط.
وبطرح هذين التقريرين على بساط البحث، يأمل الناجون في استئناف التحقيقات، وإمكانية جبر الضرر، والوصول إلى مواجهةٍ علنية أكثر شمولاً مع الحقيقة. وتؤكد أصوات المجتمع المدني أنّ مجرد عرض التقريرين لا يكفي؛ بل لا بدّ من مناقشتهما، وتعويض المتضررين، ومنع تكرار المآسي مستقبلاً.
غير أنّ بعض المنتقدين يرون في توقيت الخطوة، قبيل انتخابات مجلس آسام لعام 2026، بعداً سياسياً، معتبرين أنّ إعادة فتح سجلّ المجزرة قد يُذكي التوترات الطائفية ويؤثّر في المزاج الانتخابي.
Muslim mirror.



اترك تعليقاً