ما الذي يجعل ساحة التواصل تضج بالحديث عن عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني؟

image 130 768x432 1

ما الذي يجعل ساحة التواصل تضج بالحديث عن عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني؟

لماذا أصبح عمدة مدينة أمريكية بهذا الاهتمام العالمي، بشكل غير مسبوق؟ وهل هذا التفاعل يعتبر طبيعيا أم مبالغا فيه؟

حسنا، نيويورك ليست مدينة عادية، فهي العاصمة الأمريكية الاقتصادية والثقافية والإعلامية، وواحدة من أهم المدن في العالم.
أي تغيير في قيادتها ينعكس على قضايا الاقتصاد، الهجرة، الأمن، والاستثمار العالمي. فالعمدة هناك يدير ميزانية تفوق ميزانيات بعض الدول الصغيرة.

وقد يكون منصب عمدة نيويورك منصة انطلاق نحو السياسة الوطنية في الولايات المتحدة؛ فقد استخدمه عدد من السياسيين الأمريكيين نقطةَ بدايةٍ لمسيرتهم الأوسع، مثل مايكل بلومبرغ ورودي جولياني بعد أحداث 11 سبتمبر، ولذلك يُنظر إلى فوز أي عمدة جديد كإشارة إلى الاتجاهات السياسية المستقبلية في البلاد.

ولعل أكثر ما يجعله مهما، كون التصدر هذه المرة كان لسياسي معارض للرئيس الأمريكي ترامب، لكن يجب أن ننتبه لأمر مهم جدا.

لقد رافق تغطية خبر فوز عمدة نيويورك الجديد، تضخيم إعلامي له أسبابه:

في مقدمتها سرعة الانجرار لما يشغل الإعلام الأمريكي الذي حول قصة هذا الفوز لدراما، مع أن أمريكا تعرف منذ عقود التنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين وكلاهما عاملان مخلصان لأمريكا ومعاديان لنهضة المسلمين! وحتى الشخصية المتصدرة اليوم تحت الأضواء، متشربة لليبرالية أكثر من الأمريكيين أنفسهم، وقد سبق أن أثار الإعلام خبر صعود إلهان عمر ورشيدة طليب على أنه نصر للإسلام وها قد توارت أخبارهما في زحام، ولم يعتذر أولئك الذين صدعوا المنابر بنصر مزعوم للإسلام! دون أن نرى له أثرا.

يتكرر الأمر اليوم، ولكن بمفعول إعلامي مضاعف، من جهة للضخ الإعلامي التابع للإعلام الأمريكي.

ثم لبعض التيارات التي تبحث عن أي خبر يتعلق بفلسطين فتصنع أوهاما وتربط جسورا من خيال عن نصر لفلسطين! لمجرد تقلد اشتراكي ديمقراطي منصب عمدة مدينة أمريكية، وكأن منظومة الحكم في أمريكا بهذه الهشاشة والتفلت حتى يطمع البعض في أن العمدة الجديد بصلاحية زمن محدودة، سيتجاوز الحدود الحمراء للدولة الأمريكية!

وهذا الضخ يلتقي مع ضخ إعلامي موازي من أطراف تستفيد من هذا التضخيم الذي يضلل الناس ويصنع تصورات قاصرة ويخفي أهم جزء في الحقيقة!

الاهتمام بفوز عمدة نيويورك أكبر من حجمه الواقعي سياسيًا، ولكنه قدم دليلا عن كيف يقود الإعلام الجماهير ويشغلهم، بينما أهل غزة لا يزالون يترقبون دخول الشتاء في توجس وخيفة، والمسعور اليهودي، يضرب بحرية لا يجد له ردعا ولا اعتراضا، يتحرك في المنطقة بسيادة مطلقة وبتواطؤ دولي خبيث.
وأما السودان، فلا بواكي له، وإن كانت مساحات المقابر الجماعية تتسع في رصد الأقمار الصناعية، فليس هناك مصالح استراتيجية للعالم الغربي يُخشى عليها وتستدعي النفير والاستعراض!

البطولة حقيقة اليوم هي في الصمود أمام سيل الانجرار الإعلامي، والحذر من التبعية الساذجة والتصفيق الأعمى لكل ما يصفق عليه الآخرون!

نتحدث عن ضرورة صناعة الوعي؟ وما فضحته مواقع التواصل من ضعف الوعي يندى له الجبين!

هذا الزمن أكثر زمن توالت فيه الفتن، والمرعب أنها لا تزال تشتد، بينما الناس تتعلق بكل قشة وتترك خلفها دينها العظيم مهمشا، ولا نزال نتساءل لماذا تتداعى علينا الأمم؟ ولم كل هذا الطغيان!
اللهم سلم..!

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا