الفاشر تحت الحصار: مجاعة ونزوح وصرخة منسيّة

2025 01 25T193529Z 1910055206 RC2ZGCARFB30 RTRMADP 3 SUDAN POLITICS

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ السودان الحديث. فبعد شهور من الحصار والاقتتال، غرقت المدينة في مجاعةٍ خانقة، وسط نزوحٍ جماعيّ وانهيارٍ كامل للخدمات، بينما يشتكي الأهالي من تجاهلٍ دوليّ وصمتٍ من منظمات حقوق الإنسان أمام ما يصفونه بـ«جرائم حرب ممنهجة».

حصار ومجاعة تمتدان

تؤكد تقارير ميدانية أن ما يقارب ربع مليون مدني ما زالوا محاصرين داخل الفاشر، وسط نقصٍ حاد في الغذاء والدواء. الأسواق دُمّرت، والطرقات قُطعت، فيما توقفت أغلب المستشفيات عن العمل بسبب نفاد الوقود والإمدادات الطبية.
يقول أحد السكان:

«نحن نعتمد على العلف، ليس لدينا خيار آخر… العالم لا يسمعنا.»

وبحسب منظمات إنسانية، يعاني عدد كبير من الأطفال والنساء الحوامل من سوء تغذية حاد، فيما بدأت مؤشرات المجاعة بالظهور في الأحياء الشرقية للمدينة والمخيمات المحيطة بها.

نزوح هائل ومعاناة في العراء

قدّرت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية عدد النازحين من شمال دارفور بأكثر من مليون شخص، فيما تجاوز عدد النازحين داخلياً في السودان عشرة ملايين.
النازحون يفترشون الأرض في العراء، بلا مأوى أو غذاء كافٍ، مع انتشار الأمراض والأوبئة كالكوليرا والملاريا نتيجة غياب المياه النظيفة والخدمات الصحية.

«الناس يختبئون في حفر تحت الأرض لتجنّب القصف… والموت من الجوع صار أقرب مما نتصوّر»

يقول شاهد عيان من داخل أحد مخيمات النزوح شرق الفاشر.

انتهاكات وجرائم مروّعة

وثّقت منظمات حقوقية عديدة انتهاكات واسعة النطاق نُسبت إلى قوات الدعم السريع، من بينها:
• القصف العشوائي لمناطق مأهولة بالسكان.
• استهداف المستشفيات ومراكز الإغاثة.
• عمليات نهب وخطف واغتصاب جماعي.
• تهجير قسري لسكان قرى بأكملها.

منظمة «هيومن رايتس ووتش» ومنظمات طبية دولية طالبت بفتح تحقيقات عاجلة ومستقلة في تلك الانتهاكات، محذّرةً من أن ما يجري في دارفور «قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية».

السودان المنسيّ

على الرغم من فداحة الوضع، تشكو المنظمات المحلية من ضعف الاستجابة الدولية ونقص التمويل الإنساني.
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية للسودان ممولة بأقل من 30٪ فقط، ما يجعل ملايين المحتاجين بلا دعم كافٍ.
الناشط الحقوقي عبد الرحمن سليمان يقول:

«العالم يتحدث عن أوكرانيا وغزة، وينسى أن هناك ملايين السودانيين يموتون بصمت. نحن منسيّون حتى من ضمير الإنسانية.»

نداءات عاجلة

يطالب النازحون والجهات الحقوقية بـ:
• فتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء.
• وقف فوري لإطلاق النار في دارفور.
• تحقيق دولي محايد في الانتهاكات ضد المدنيين.
• رفع مستوى التمويل الدولي للمنظمات العاملة في السودان.

الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي جددوا دعوتهم إلى احترام القانون الإنساني، إلا أن الاستجابة الميدانية ما تزال محدودة في ظل استمرار المعارك وانعدام الأمن.

الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة منكوبة، بل رمز لمعاناة أمة بأكملها. ملايين الأرواح بين الجوع والنزوح والرصاص، بينما يظل السودان في هامش الاهتمام العالمي.
الإنسانية، كما يقول أحد المتطوعين في المدينة.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا