الأويغور بين البحث عن الأمان وضغوط السياسة: كيف يُعامَل اللاجئون في دول ثالثة؟

202403asia thailand detainees

يواصل الأويغور، الأقلية المسلمة القادمة من إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية المحتلة)، البحث عن ملاذ آمن هربًا من الانتهاكات التي وثقتها تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، والتي وصفت بعضها بأنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. لكن رحلة الخروج من الصين لا تعني بالضرورة الوصول إلى برّ الأمان؛ ففي كثير من الدول الثالثة، يجد الأويغور أنفسهم أمام معاملة معقدة تتراوح بين الاحتجاز لسنوات والترحيل القسري، أو الحصول على حماية ناقصة لا تضمن لهم حياة كريمة.

مبدأ دولي غائب على الأرض

تؤكد المواثيق الدولية، وفي مقدمتها مبدأ “عدم الترحيل القسري”، على عدم جواز إعادة أي لاجئ إلى بلد يواجه فيه خطر التعذيب أو الاضطهاد. إلا أن التطبيق العملي لهذا المبدأ يواجه تعثرًا في دول عدة، حيث تتداخل الضغوط السياسية والاعتبارات الأمنية مع حقوق الإنسان الأساسية.

من أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في تايلاند، حيث احتُجز العشرات من الأويغور منذ عام 2014 في مراكز الترحيل بدعوى مخالفة قوانين الهجرة. وبعد أكثر من عشرة أعوام من الاحتجاز القاسي، أقدمت السلطات التايلاندية في فبراير 2025 على ترحيل نحو 40 رجلاً إلى الصين، في خطوة أثارت موجة واسعة من الانتقادات الدولية.

منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وصفت العملية بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، محذرة من أن المرحلين قد يواجهون “التعذيب أو الاختفاء القسري أو السجن الطويل”.

بدائل محدودة ومعايير مزدوجة

في المقابل، نقلت بعض الدول عددًا محدودًا من النساء والأطفال الأويغور إلى تركيا ودول أخرى، حيث حصلوا على حماية نسبية. غير أن هذه الحماية غالبًا ما تكون ناقصة، إذ يعيش اللاجئون في أوضاع غير مستقرة قانونيًا، ويواجهون قيودًا على التنقل والعمل وسبل العيش.

ويرى مراقبون أن الدول التي تستقبل الأويغور تواجه معادلة صعبة: بين احترام التزاماتها الحقوقية من جهة، والحفاظ على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع بكين من جهة أخرى.

أصوات دولية تنتقد

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين تايلانديين شاركوا في عمليات الترحيل، في حين جددت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دعواتها إلى احترام حقوق الأويغور وتوفير الحماية الكاملة لهم في الدول التي يقيمون فيها.

ومن الواضح أن سياسات الإدارة الأمريكية بشأن الأويغور ليست من منطلق إنساني أو لتحقيق عدالة إنما لمناكفة الصين في صراع دولي معلوم.


وحتى الآن، لا تزال الفجوة قائمة بين الأقوال والأفعال، فيما يبقى مصير آلاف الأويغور عالقًا في دائرة الغموض.

ما الذي يُطلب من الدول الثالثة؟

يطالب المدافعون عن حقوق الإنسان بتبني خطوات عاجلة، من بينها:

  • الاعتراف بالأويغور كلاجئين ومنحهم وضعًا قانونيًا واضحًا.
  • وقف جميع عمليات الترحيل القسري إلى الصين.
  • توفير برامج إعادة توطين في دول آمنة تلتزم بالقانون الدولي.
  • ممارسة ضغط دبلوماسي على الحكومات التي تتعاون في إعادة الأويغور قسرًا إلى بكين.

رحلة الأويغور إلى دول ثالثة تكشف عن مأساة مضاعفة: هروب من اضطهاد إلى مستقبل مجهول. وإذا لم تلتزم الدول الثالثة بواجباتها الإنسانية والقانونية، فإن اللاجئين سيبقون عالقين بين مطرقة الانتهاكات في وطنهم وسندان المصالح السياسية في الدول المضيفة.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا