يستعرض هذا التقرير نشاط الزلازل على الصعيد العالمي خلال عامي 1445-1446هـ ما يقارب: (2024 و2025م)، من خلال تحليل توزع الهزات بحسب مدى شدتها ومقارنتها بين العامين، بالإضافة إلى توزيعها الجغرافي في الدول الأكثر تعرضًا. ويشمل ذلك الاطلاع على الفئات الكبرى للزلازل (من 4.0 إلى 9.9) ونسب حدوثها، وكذلك تصنيف الدول التي شهدت أكبر عدد من الهزات وبيان التغيرات الملحوظة في أنماط النشاط الزلزالي.
ثم ينتقل التقرير إلى دراسة موسّعة عن زلزال 1447هـ (أغسطس–سبتمبر 2025م) في شرق أفغانستان، الذي سجلت فيه هزات رئيسية بلغت حدتها 6.0 وما فوق، وأدى إلى آلاف الضحايا والجرحى وأعاق عمليات الإغاثة في المناطق الجبلية الوعرة. ويحلل التقرير تطور حصيلة القتلى والجرحى عبر الأيام، والولايات والمحافظات الأكثر تضررًا، والتحديات اللوجستية والإنسانية التي واجهت فرق الإنقاذ، إضافةً إلى استجابة المجتمع الدولي واحتياجات الإغاثة العاجلة.
أخيرًا، يبحث التقرير في السياق الزلزالي والمخاطر الطبيعية في السودان، حيث ينخفض معدل حدوث الزلازل إلى نشاط خفيف إلى متوسط مع حوادث نادرة لا تتجاوز درجة 5.0 في العادة، مقابل ارتفاع مخاطر الانهيارات الأرضية والفيضانات الموسمية. ويتناول بالتفصيل كارثة انهيار التربة التي اجتاحت قرية طرسين بجبال المرة في ربيع الأول 1447هـ (نهاية أغسطس 2025،م) مبرزًا خلفياتها المناخية والجيولوجية، وتأثير النزاع المسلح على صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، إضافةً إلى توصيات لتعزيز الاستعداد والتخفيف من مخاطر الكوارث الطبيعية في المستقبل.

يبرز هذا الرسم البياني توزيع الزلازل حول العالم حسب درجات شدتها (المقياس اللوغاريتمي لريختر) للعامين 2024 و2025، حيث تُقارن أعداد الهزات لكل فئة من فئات الشدة بين هذين العامين.
يتضح من الرسم أن الغالبية العظمى من الزلازل تقع ضمن الفئتين (4.0–4.9) و(5.0–5.9)، إذ يتجاوز عدد الهزات في الفئة الأولى عشرة آلاف هزة في كل عام، مع تفوق طفيف لعام 2024 على 2025. بينما العدد في الفئة الثانية (5.0–5.9) أقل بكثير لكنه ما يزال يمثل المئات إلى آلاف الهزات سنويًا. أما الفئات الأعلى (6.0–6.9)، (7.0–7.9)، و(8.0–9.9)، فعددها محدود جدًا، ما يعكس نُدرة الهزات شديدة القوة على مستوى العالم بالمقارنة مع الزلازل المتوسطة والخفيفة.
تؤكد هذه البيانات أن الزلازل القوية للغاية (7 فما فوق) قليلة ومتباعدة، بينما الزلازل المتوسطة والخفيفة تحدث بكثافة سنويًا، مما يفسر توزيع المخاطر على السكان والأبنية في المناطق الزلزالية.

تُظهر هذه الرسمة الإحصائية الدول الأكثر تعرضًا للزلازل في العالم خلال عام 1445-1446هـ (2024م) من حيث عدد الهزات المسجلة، حيث تم ترتيب البلدان وفقًا لعدد الزلازل التي حدثت فيها من الأعلى إلى الأقل.
يتصدر المكسيك القائمة بأكثر من 2,000 زلزال مسجل في العام، تليها إندونيسيا بنحو 1,900 هزة، ثم اليابان بـ1,600 زلزال تقريبًا. الدول التي تأتي بعد ذلك مثل الفلبين، تشيلي، غواتيمالا، تايوان، بابوا غينيا الجديدة، بيرو، والصين جميعها شهدت ما بين 600 إلى 1,000 زلزال تقريبًا خلال نفس الفترة.
هذا الترتيب يُوضح أن كبرى الدول الواقعة على خطوط النشاط الزلزالي (مثل حزام النار في المحيط الهادئ) هي الأكثر تعرضًا للهزات الأرضية سنويًا، بينما تقل الأعداد تدريجيًا في الدول التي تبعد عن المناطق النشطة تكتونيًا. ويمكن ملاحظة أن جميع هذه الدول تقريبًا تقع بالقرب من صفائح قارية نشطة، مما يفسر كثرة الزلازل فيها.

توضح هذه الصورة أبرز الزلازل القوية التي حدثت عالميًا خلال عامي 1445-1446هـ (2024 و2025م) وذلك حسب شدة كل زلزال وتاريخ وقوعه وموقعه الجغرافي.
الرسم يعرض الزلازل التي تجاوزت شدتها مستوى 7.0 على سلم ريختر، حيث تظهر كل نقطة باسم الدولة وتاريخ وقوع الهزة. النقاط الزرقاء تُمثل الزلازل في عام 2024، والنقاط الحمراء تُمثل أحداث 2025.
من خلال الرسم، يمكن ملاحظة أن معظم الزلازل الكبيرة في عام 2024 كانت في دول تقع ضمن الحزام الناري مثل اليابان، تايوان، تشيلي، وفانواتو، بينما سجل عام 2025 زلازل قوية جدًا مثل زلزال روسيا (كامشاتكا) الذي بلغ شدته 8.8، وزلزال ميانمار وهندوراس وأنتاركتيكا، وكلها أحداث بارزة من حيث القوة والتأثير.
الرسمة تعطينا صورة مفصلة عن توزيع الزلازل القوية زمنيًا وجغرافيًا وتبرز أن الزلازل الأعلى شدة حدثت بوضوح في عام 2025 مقارنة بعام 2024، مما يدل على تباين سنوي في النشاط الزلزالي حول العالم.

يعرض هذا الرسم البياني مقارنة بين عدد الزلازل المسجلة في أربع دول رئيسية (المكسيك، إندونيسيا، اليابان، تشيلي) خلال عامي 2024 و2025.
نلاحظ أن هناك زيادة كبيرة جدًا في عدد الزلازل في عام 2025 مقارنة بعام 2024 في جميع الدول المذكورة، وخاصة في المكسيك التي ارتفع فيها العدد من حوالي 2,000 هزة في 2024 إلى أكثر من 17,600 هزة في 2025. وفي إندونيسيا ارتفع العدد من نحو 1,900 إلى 5,700، وفي اليابان من 1,600 إلى 4,000، وفي تشيلي من 900 إلى 2,300 زلزال تقريبًا.
هذا الارتفاع الكبير قد يرتبط بتحسن وتوسع شبكات الرصد الزلزالي أو نشاط تكتوني غير معتاد في تلك الدول هذا العام. ويظهر من الرسم أن جميع هذه الدول تقع ضمن مناطق ذات نشاط زلزالي متكرر على مستوى العالم، خصوصًا المكسيك التي احتلت المركز الأول بفارق كبير عن باقي الدول في 2025.
الرسمة تعكس تباينًا سنويًا ملحوظًا في أعداد الزلازل وتوضح أهمية الاستعداد المستمر في هذه الدول لمواجهة الكوارث الزلزالية.
زلزال أفغانستان

يعرض الرسم البياني تطوّر عدد الضحايا (الوفيات والإصابات) الناتجة عن سلسلة الزلازل التي ضربت أفغانستان في نهاية أغسطس وبداية سبتمبر 2025، وذلك خلال عدة أيام.
يوضح الخط الأزرق تصاعد عدد الوفيات من حوالي 800 في بداية الحدث إلى ما يزيد عن 2,200 بحلول 4 سبتمبر، ثم يستقر العدد تقريبًا حتى اليوم التالي، ما يدل على انتهاء عمليات الإنقاذ الكبرى. بينما يُظهر الخط الأحمر عدد المصابين (الإصابات)، الذي بدأ بحوالي 2,800 مصاب وواصل الارتفاع تدريجيًا حتى وصل إلى حاجز 4,000 مصاب في 5 سبتمبر.
الرسم يوضح كيف أن أعداد الضحايا ارتفعت كلما تقدمت فرق الإنقاذ في الوصول إلى المناطق المتضررة، ويُبرز حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن هذا الزلزال، خاصة في ظل صعوبة الوصول إلى الأماكن المنكوبة والغالبية من الإصابات في المناطق الجبلية النائية.

يُوضح هذا الرسم البياني حجم التزامات المساعدات المالية (بالدولار الأمريكي) التي قدمتها المنظمات والدول المختلفة لدعم جهود الإغاثة بعد زلزال أفغانستان عام 2025.
من الرسم، يظهر أن أكبر مساهمة مالية جاءت من صندوق الأمم المتحدة للطوارئ (UN CERF) بقيمة 11 مليون دولار أمريكي، تليه منظمة الصحة العالمية (WHO) التي طلبت 4 ملايين دولار لدعم الاستجابة الصحية. المساعدات من المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي، كوريا الجنوبية، الهند، والإمارات كانت أقل بكثير وبلغت بين مليون دولار أو أقل لكل منها، مع بعض الدعم العيني مثل المواد الغذائية والخيام أو فرق الإنقاذ.
تعكس هذه الصورة أن غالبية التمويل والإمدادات تأتي من المنظمات الدولية والجهات الكبرى، بينما يظل الدعم المباشر من الحكومات متواضعًا نسبيًا، ما يؤكد أن الاستجابة للأزمات الكبرى تعتمد في الأساس على منظمات الأمم المتحدة والشركاء الدوليين.
النشاط الزلزالي في السودان

يعرض هذا الرسم البياني النشاط الزلزالي في السودان ما بين عامي 2024 و2025، حيث يُظهر تواريخ وأماكن وقوع الزلازل، مع توضيح شدة كل زلزال بالدرجات المختلفة.
يُبين الرسم أن معظم الزلازل التي وقعت في السودان تراوحت شدتها بين 4.0 و4.7 على مقياس ريختر، ولم يُسجل سوى زلزال واحد فقط تجاوز درجة 5.0 في الفترة المذكورة. الزلازل الأقل شدة (من 4.0 إلى 4.5) موضحة باللون الأزرق، والزلازل المتوسطة (من 4.6 إلى 5.0) باللون الأحمر، أما الزلزال الأقوى (5.0 وما فوق) باللون الأخضر.
يشير هذا التوزيع إلى أن السودان يُعد منطقة منخفضة إلى متوسطة النشاط الزلزالي، إذ أن جميع الهزات كانت بقوة معتدلة أو ضعيفة ولم تُسجّل أي زلازل عنيفة أو مدمرة خلال العامين. ويتركز معظم النشاط الزلزالي على الحدود الشرقية للبلاد وبالقرب من ساحل البحر الأحمر، ما يؤكد أن السودان بعيد عن خطوط الصدع النشطة مقارنة بدول أخرى في المنطقة.

يعرض هذا الرسم البياني بشكل دائري توزيع المخاطر الطبيعية في السودان، موضحًا النسبة التقديرية لكل نوع من أنواع الكوارث على إجمالي المخاطر.
يُظهر الرسم أن أخطر المخاطر الطبيعية في السودان هي الانهيارات الأرضية (35%) تليها الفيضانات (30%)، في حين أن مخاطر الزلازل أقل بكثير (20%). هناك أيضًا قسم مهم يمثل عامل الهشاشة البشرية مثل الفقر والصراعات والأزمات الاجتماعية بنسبة (15%)، مما يرفع من تأثير الكوارث الطبيعية عندما تحدث.
الرسم يوضح أن السودان، على الرغم من انخفاض خطر الزلازل، إلا أنه معرض بدرجة أكبر لكوارث الفيضانات والانهيارات، كما أن ظروف السكان والضعف الاقتصادي يزيدان من صعوبة الاستجابة الفعالة للأزمات، وهذا يفسر تكرار الكوارث وتأثيرها الكبير على المجتمعات المحلية.
الخاتمة
في ختام هذا التقرير، يتضح لنا أن الزلازل والكوارث الطبيعية تمثل تحديًا مستمرًا للبشرية، حيث تترك آثارًا عميقة على المجتمعات والبنى التحتية. شهدنا من خلال تحليل بيانات عامي 2024 و2025 أن الزلازل ذات الشدة المتوسطة والخفيفة تقع بوتيرة عالية حول العالم، بينما تبقى الزلازل الشديدة نادرة ولكنها تحمل خطرًا كارثيًا.
أما الدرس الأهم الذي توفره دراسة الحالات في أفغانستان والسودان، فهو تفاوت المخاطر الطبيعية بين الدول والتأثير الكبير للعوامل الجغرافية والاجتماعية والسياسية في تفاقم أو تخفيف أضرار الكوارث. تبقى الاستعدادات العلمية والتخطيط المدني، بالإضافة إلى التعاون الدولي، من أهم الوسائل للتقليل من الآثار المدمرة ولحماية الأرواح والممتلكات.
نحن بحاجة إلى تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، تطوير البنية التحتية المقاومة للكوارث، وتوفير الدعم للبلدان النامية والمناطق الضعيفة التي تعاني من هشاشة كبيرة نتيجة للنزاعات والفقر، وهو ما يلزم جهودًا متواصلة وشاملة لبناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامة أمام المخاطر الطبيعية.
اترك تعليقاً