قال مبعوث أمريكي رفيع المستوى يوم الثلاثاء إن الحكومة اللبنانية ستقدم خطة في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمحاولة إقناع حزب الله بنزع سلاحه، على الرغم من أن تصريحاته بشأن تطورات اليوم طغت عليها تحذيراته التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق للصحفيين اللبنانيين بـ “التصرف بشكل حضاري” لا بطريقة “حيوانية”.
وقال توماس جيه براك جونيور، أحد المبعوثين الرئيسيين للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، بعد وصوله إلى مؤتمر صحفي حاشد في بيروت: “في اللحظة التي تبدأ فيها هذه الأمور في التحول إلى فوضى حيوانية، سنكون قد انتهينا”.
وقال براك “تصرفوا بطريقة حضارية، وتصرفوا بلطف، وتصرفوا بتسامح ــ لأن هذه هي المشكلة فيما يحدث في المنطقة”.
أثار براك، الذي تحدث مع الصحفيين بعد لقائه بالرئيس اللبناني، جوزيف عون، إدانةً لاذعةً في لبنان بسبب تعليقاته.
اتهمه الصحفيون والمعلقون اللبنانيون بإحياء شعاراتٍ من الحقبة الاستعمارية، بينما انتشرت الانتقادات والوسوم الساخرة بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من عباراتٍ ساخرةٍ حول كلمة “حيواني” إلى سخريةٍ من مبعوثين أجانب يتحدثون باستخفافٍ مع اللبنانيين.
بالنسبة للكثيرين في لبنان والعالم العربي، فاقمت التصريحات المقلقة للمبعوث الأمريكي رفيع المستوى من الغضب إزاء الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال حرب قطاع غزة.
كما رأى البعض في هذه التصريحات أحدث دليل على تنامي سيطرة واشنطن على لبنان في أعقاب حرب إسرائيل المدمرة العام الماضي مع حزب الله المدعوم من إيران.
وسط هذه الضجة، أصدر مكتب الرئاسة اللبنانية بيانًا أعرب فيه عن “أسفه للكلمات” التي استخدمها “أحد ضيوفنا”.
كما أدانت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، وهي الجمعية المهنية الرسمية للصحفيين في البلاد، هذه التصريحات، ودعت براك ووزارة الخارجية إلى تقديم اعتذار علني.
ولم ترد وزارة الخارجية على طلب التعليق فورًا.
وجاءت ردة الفعل ضد براك في وقت حساس بشكل خاص بالنسبة للبنان، في الوقت الذي تواجه فيه الدولة المحاصرة انقسامات متزايدة بشأن الدعوات إلى نزع سلاح حزب الله.
في الأشهر الأخيرة، واجهت الحكومة اللبنانية الجديدة ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة ودول الخليج لاستكمال نزع سلاح حزب الله، وفقًا لما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر.
ورغم صعوبة هذه الخطوة، إلا أنها تُعتبر أساسيةً لتأمين مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية اللازمة لإعادة إعمار البلاد بعد أعنف حرب شهدها لبنان وأكثرها تدميرًا منذ عقود.
والتقى براك، برفقة أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي ومبعوثة أمريكية رفيعة المستوى أخرى هي مورغان أورتاغوس، مع مسؤولين لبنانيين يوم الثلاثاء، بعد يومين من محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
في بيان نادر يشيد بالقرار المهم الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بمحاولة نزع سلاح حزب الله، أشار مكتب نتنياهو يوم الاثنين إلى أن إسرائيل ستبدأ الانسحاب من جنوب البلاد، حيث تحتفظ بعدد قليل من المواقع العسكرية، إذا قام الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله.
قال براك يوم الثلاثاء: “ما قالته إسرائيل الآن هو: لا نريد احتلال لبنان. نحن سعداء بالانسحاب من لبنان، وسنلبي توقعات الانسحاب هذه بخطتنا حالما نرى الخطة الفعلية لنزع سلاح حزب الله”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كلفت الحكومة اللبنانية الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية هذا الشهر، وهي خطوة لم تكن في الحسبان في السابق، مما دفع الجماعة المسلحة إلى التحدي.
أكد قادة حزب الله مرارًا وتكرارًا أنهم لن يفكروا في نزع سلاحهم حتى انسحاب القوات الإسرائيلية من البلاد، مما أثار مخاوف من أن لبنان قد يكون على شفا اضطرابات أهلية. وكانت الجماعة قد دعت إلى احتجاجات ضد خطة الحكومة هذا الأسبوع، لكنها عُلّقت لاحقًا.
لا يزال جزء كبير من لبنان في حالة دمار بعد الحرب الأخيرة، وخاصةً مناطق جنوب البلاد التي تضررت بشدة ، حيث يمارس حزب الله سيطرة فعلية منذ فترة طويلة.
وفي محاولة واضحة لتقديم حوافز، صرّح براك يوم الثلاثاء بأن السعودية وقطر مستعدتان للاستثمار في منطقة اقتصادية في جنوب لبنان من شأنها أن توفر فرص عمل لأعضاء حزب الله إذا ألقى الحزب سلاحه.
قال براك : “لا بد من تدفق الأموال إلى النظام المالي. وستأتي الأموال من الخليج”.
اترك تعليقاً