كتب الصحفي العراقي عثمان المختار عبر منصة إكس: ذهبت قبل نحو شهرين إلى مناطق الشمال السوري، وأمضيت هناك ثلاثة أيام، في إدلب وأعزاز وأريحا وسرمدا وحارم ومنبج، ومناطق أخرى من ريف حلب.
وجدت بين العراقيين هناك، طبيب غدد وأورام معروف في فترة التسعينيات بمنطقة نفق الشرطة ببغداد، عمره الآن 69 عامًا، يعيش مع زوجته المريضة وابنه.
ووجدت أستاذًا جامعيًا سابقًا في كلية العلوم – جامعة بغداد. ووجدت صاحب أشهر متجر لبيع اللحوم والدواجن في الموصل. وعثرت على مدرسة لغة إنكليزية متقاعدة من أهل الحمدانية، وطبيبة أسنان مع زوجها المهندس المدني وأطفالهم.
كلهم هربوا من مدنهم: الموصل، والبعّاج، والشرقاط، وربيعة، والقائم، والرطبة، والرمادي، ومناطق أخرى، مع اشتداد المعارك عام 1437هـ (2016م).
توجهوا إلى سوريا أملًا بالوصول إلى تركيا، خوفًا من مصيرٍ مماثل لآلاف العراقيين السنّة الذين اعترضت طريق نزوحهم المليشيات الشيعية وقتلتهم بالجملة قبل وصولهم إلى بغداد ودفنتهم بمقابر جماعية.
عُلِّق هؤلاء جميعًا على الحدود مع تركيا منذ 1438هـ (نهاية عام 2016م)، ووجدوا أنفسهم أمام مقصلة نظام حكمٍ شيعي متطرف، اعتبرهم إرهابيين، وحرمهم من العودة إلى وطنهم، ومن الحصول على وثائق، أو حتى محاكمة قضائية نزيهة.
في أيام حكومة عادل عبد المهدي عام 1439هـ (2018م)، وضمن إطار طائفي تنكيلي بالعراقيين السنّة، اعتُبر كل من يتواجد ويعيش في سوريا “إرهابيًا” أو “عائلة داعشية”.
العراقيون في الشمال السوري لا تأتيهم “دولارات من أهلهم” كما تقول الإشاعة الدارجة هناك، لذا أغلبهم الآن محرومون من مساعدات المنظمات الإغاثية.
والعراقيون في الشمال السوري ذاقوا ما ذاقه أهل غزة الآن، لكن الفارق أنهم يعانون مثْلهم منذ سنوات عديدة: مرض وسوء تغذية، وغربة وانعدام تعليم ورعاية.
ما يحدث للعراقيين في سوريا منذ سقوط نظام الأسد ولغاية الآن، يستدعي مراجعة، مراجعة على مختلف الصُعُد، وأولها إنسانية، من قبل الإدارة الجديدة. حيث كان المأمول أفضل من أخوة الدم والجيرة.
للأسف تسمع وتقرأ بعض التعليقات وكأنها صادرة من مليشيا إيرانية، وليست من سوري ذاق ما ذاقه أهل العراق.
اترك تعليقاً