أدرك زعماء اليهود مبكرا أهمية اللوبيات في تغيير سياسات الدول لصالح يهود العالم، فعملوا بقوة وسعوا بكل جد لاستغلال أي ثغرة للتسلل من خلالها ليتغلغلوا داخل أنظمة الحكم المستهدفة، والتقرب من صانعي القرار، والسيطرة عليهم بالمغريات المختلفة لتوجيههم سياسيا لخدمة أهداف اليهود.
إن للوبيات الصهيونية أهمية كبرى داخل الدول فقد أثبتت فاعليتها، في خدمة مشاريع اليهود المستقبلية ونزولا عند هذا تدرجت سياسية اليهود الخفية من استغلال أصحاب المناصب المؤثرة في الدول إلى سياسة التدخل في شؤون الدول ذاتها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
عمليا تغلغلت اللوبيات الصهيونية بشكل كبير في الدول الأوربية ودول الأمريكتين، ساعدها على ذلك الأمر أنها تعمل ضمن منهجية متسلسلة بالاعتماد على ثلاثة أبعاد وهي الأسلوب والحركة والتوقيت وهذه الأبعاد مجتمعة جعلت اللوبيات تتطور تبعاً للتطور الدولي، وتتكيف مع الظروف السياسية والتحولات الإقليمية،
كما وتستغل هذه اللوبيات أي محفل دولي لتكون حاضرة بقوة ومؤثرة في المشهد،
فلا غرابة أن نرى زعماء العالم المنافق.. في كل محفل يتبنون السرديات الصهيونية الكاذبة، بل تعدى الأمر لأن يصبح هؤلاء ناطقون باسم الجيش الصهيوني كل منهم يبرر الإجرام اليهودي بطريقته، ومع كل حدث ونازلة يبدأ هؤلاء بمعزوفة “معاداة السامية” فالزعماء الأمميين كما يظهر مبدعين في التلاعب بمواطنيهم فلا يكاد يمر يوم إلا ويستجرون فيه عواطف شعوبهم بالتذكير بمظلومية اليهود عبر التاريخ وإحياء الذاكرة الجمعية للشعوب الغربية بذكر المحرقة اليهودية “الهولوكوست”
وهذا لشحذ همم مواطني هذه البلاد وتجيشهم لدعم اليهود الأبرياء!! على حد زعمهم، هذه الدعاية وجدت رواجا عند كثير من الغربين لأن الإعلام الغربي ما فتئ يروج لفرية أن اليهود “حمائم سلام” وأنهم لا يزالون يعانون من العنصرية والتمييز بين الشعوب، إن الأمر ينبئ بشيء خطير ألا وهو أن اليد اليهودية تصنع صنيعها في السياسة الدولية وتتحكم كذلك في الإعلام الغربي، كما لا يخلو الأمر من تأثير “للدولة العميقة” داخل هذه الدول.
سياسة اللوبي الصهيوني في العمل تعتمد على التخادمية السياسية، وتبادل المنافع الاقتصادية، فالأثرياء اليهود بدورهم يدعمون المرشحين لرئاسة الدول الفاعلة بكل ما يلزمهم للوصول للحكم، إما بطريقة شفافة وإما بطرق ملتوية، في مقابل ذلك يتعهد المرشحون بدعم اليهود سياسيا في المحافل الدولية، ودعم اليهود على الصعيد العسكري بمختلف الأسلحة التي تضمن تفوق الدويلة العبرية عسكريا على الدول المحيطة بها، فضلا عن إعانة اليهود في حروبهم العدائية وتدخلاتهم السافرة في “الشرق الاوسط”.
في سياقات السياسة الحالية نلاحظ أن اللوبي الصهيوني يتركز نشاطه في الدول صاحبة القرار العالمي والتي لها تأثير فاعل في المشهد الدولي، ويلاحظ أيضا أن اللوبي الصهيوني في الدول المؤثرة يكون كثير العدد، سريع الحركة، ذؤوب العمل.
في وقتنا الحاضر تعتبر أمريكا متحكمة لحد كبير في السياسات الدولية ومهيمنة على عديد من الدول، ويطلق فقهاء السياسة على هذه الهيمنة الأمريكية على السياسة العالمية مصطلح “القطبية الواحدة” وقد جرت عدة محاولات متواضعة من بعض الدول الكبرى لإنشاء “نظام عالمي متعدد الأقطاب” تكون أقطابه روسيا والصين والهند، إلا أن النجاح للوصول “للقطبية المتعددة” تحتاج إلى جهد تراكمي كبير، فالأمر لا زال بعيد، نجاح أمريكا في المحافظة على “القطبية الواحدة” يعود لعقود خلت فمنذ انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأمريكا تعد العدة والعتاد للهيمنة على العالم وتسارع من قوتها التضخمية وفق استراتيجية شاملة تصاعدية للارتقاء على كافة الأصعدة وقد ساعدها على هذه الهيمنة عدة أمور:
- أنها تمتلك القوة العسكرية والمقومات الحربية، التي تحقق لها التفوق العسكري العالمي على غيرها، فأمريكا لها في الشرق الأوسط وحده، عشرات القواعد التي تعج بالجنود وتتراكم بداخلها الأسلحة الثقيلة.
- كما تمتلك النفوذ السياسي في الكثير من الدول لتثبيت ما تريد من قواعد سياسية وأي دولة تعارض الرغبة الامريكية يتم ابتزازها عبر قطع المساعدات المالية والعسكرية والاقتصادية عنها أو بالتلويح بعصا العقوبات أو الاتهام بدعم التطرف.
- كما تمتلك أمريكا العديد من المنظومات الإعلامية الكبيرة المؤثرة، والتي تساعدها في صناعة رأي عام موالي لسياسة مرغوبة أمريكيا، أو صناعة راي عام معارض لسياسة لا ترغبها أمريكا في هذا العالم البائس.
لهذه الأسباب وغيرها من خفايا السياسة وجد اليهود في أمريكا ضالتهم المنشودة، لتحقيق الكثير من الأهداف المَرُومَة، على المنظور القريب أو البعيد، وكان مخطط اليهود في السيطرة على أمريكا سياسيا يعتمد على المنفعة والتخادم.
وفق هذه “التبادلية التخادمية” والمنفعة المصلحية “الذرائعية”.. يسارع اللوبي الصهيوني بالدعم المالي السخي للمرشحين المحتملين والأكثر حظوظا للفوز بالسباق الانتخابي لرئاسة “الولايات المتحدة الأمريكية” ، لا سيما القادة الأمريكيين الإنجيلين الذين تأدلجوا بأيديولوجيات “مِيشْحَاْنِيَة” وهؤلاء هم الأكثر تطرفاً ودعماً لليهود، لهذا يدعمهم اللوبي الصهيوني بقوة وذلك بعدة طرق للوصول إلى الحكم:
- الدعم المطلق من طبقة الأثرياء
إن كثيراً من طبقة الأثرياء الأمريكيين من أصل يهودي وهؤلاء يرتبطون بعقيدتهم التوراتية ارتباطا قويا بل وعضويا، ولأن اللوبي الصهيوني يسعى لبناء “دولة عبرية كبرى” وإحياء ملك داوود من جديد فواقعياً سينتمي لهذا اللوبي أثرياء اليهود، وبناء على ذلك فطبقة الأثرياء يطبقون تعليمات زعماء اليهود “المملوكين” بحذافيرها، في دعم مرشح مرغوب اسرائيلياً.
- الدعم الإعلامي اللامتناهي
الأمر الذي لا تعلمه أن كثير من الشبكات الإعلامية الأمريكية الفاعلة مملوكة لليهود،
وحدث مثل السباق الرئاسي الأمريكي يعتبر الحدث الأبرز عالميا والأهم عند اليهود وسياسيهم بعد الأمريكيين أنفسهم بل قد يزيد، لذا يسارع زعماء اليهود بالإيعاز للإمبراطورية الاخطبوطية الإعلامية بتنظيم الحملات الاعلامية لدعم المرشح الذي يرتضيه اليهود.
- الحملات التثقيفية المركزة
وهذا الأمر يتم عبر حملات تثقيفية مركزة يقوم بها المثقفون وأساتذة الجامعات الكبار والمؤثرين الاجتماعيين من أصل يهودي في دعم المرشح الذي سيحقق لليهود أهدافهم الإستراتيجية وطموحاتهم المستقبلية.
مكمن الخطورة يتمحور حول معرفة اليهود وعلمهم المسبق بمن سيفوز في السباق الانتخابي، ولهذا فالإعلام اليهودي يروج بشكل مقصود لتلك المعرفة المسبقة ويبشر بالفائز بالرئاسة الأمريكية فور بدء السباق الانتخابي، الأمر جد غريب، كيف عرفوا؟.. أو كيف علموا؟.. هذا السؤال أجاب عنه أحد ثعالب السياسة قائلا: اللوبي اليهودي هو من يختار للأمريكيين من يحكمهم.
معيشيا يشعر الأمريكيون بالرخاء الاقتصادي نوعا ما، اعتقادا منهم أن المرشح قد صَدَقَ وحَقَقَ وعوده الانتخابية، وهذا الأمر مغاير للحقيقة تماما، فالرخاء المزيف الذي يشعر به الأمريكيون يأتي في سياقات الدعم المشروط من قبل اليهود وسيطرة شبه كاملة منهم على الاقتصاد الأمريكي،
وهذا الازدهار الذى نراه ناتج عن مساهمة الأثرياء اليهود بشكل كبير في دعم هذا الازدهار، وليس ناجم عن إدارة المرشح الرئاسي للمقدرات السيادية بشكل جيد، كما يتوهم غالبية الشعب الأمريكي، هذا الشعور المخالف للحقيقة جاء كنتيجة للتأثيرات التطبيقية التراكمية لنظرية “الوعي المُعَلب” وهذا الوعي عبارة عن حقن عقول المستهدفين بالوعي الزائف خدمةً لأهداف محددة مقصودة، ولا أدل على ذلك من زيف ..اعتقاد الأمريكي أن بلده مستقل وسيادي ويحكم العالم، ولكي تتضح الرؤية للقارئ:
فإن المرشح إذا جاء على غير هوى اليهود أو أخل بشروطه مع اليهود، فيتم سحب الاستثمارات الاقتصادية من البلد وتعطيل مشاريع الازدهار وايقاف عجلة التطور الاقتصادي التي يقودها أثرياء اليهود، مع ما يصاحب ذلك من حملات إعلامية تشويهية تستهدف شخص الرئيس، وتسريب فضائحه السياسية والأخلاقية بل ويتعدى الأمر إلى فضائح تخص عائلته ودائرته المقربة، لتأليب الشارع عليه، فينقلب الرخاء إلى تقشف يتبعه تظاهر وتخريب، ويتحول الأمن إلى سرقة وقطع للطرقات.. ونلاحظ أن كل تصريح لزعيم غربي ينتقد فيه ممارسات اليهود حتى ولو تلميحا، يتبع تصريحه بأيام قليلة انطلاق للمظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات والتغيير، من يحرك هذه الجموع؟؟ ومن يحفزها للخروج بهذه السرعة؟؟
غياث الدين الأسدي.
اترك تعليقاً