اليوم الذي أشعل شعلة الحرية: ذكريات شخصية عن مظاهرة الطلاب الأويغور في 15 يونيو

IMG 20250626 093336 313

منذ عام 1408هـ (1988م)، يُحتفل سنويًا بيوم 15 يونيو/حزيران باعتباره يومًا هامًا للأويغور وكل من يُقدّر الحرية والعدالة، فهو ذكرى مظاهرة الطلاب، إحدى أكثر أعمال المقاومة التي لا تُنسى في تاريخ الأويغور. وقد ذكّرت عودتها السابعة والثلاثين عام 1446هـ (2025م) العالم مجددًا بأن ما حدث في ذلك اليوم لم يكن مجرد حلقة في احتجاج قاده الشباب، بل كان نقطة تحول في نضال شعب الأويغور من أجل الحرية في تركستان الشرقية.

دولكون عيسى وزملاؤه عندما طردوا من جامعة تركستان الشرقية المحتلة في 1409هـ (سبتمبر/أيلول 1988م). في ذلك الوقت، كنتُ طالبًا جامعيًا في أوائل العشرينيات من عمري. لم تكن قيادة هذه الحركة مجرد واجب، بل شرفًا. حتى الآن، أتذكر حماسة تلك الأيام وألمها كما لو كانت بالأمس. بهذه الرسالة، أودُّ أن أُشيد بروح ذلك اليوم، وأن أُشيد بزملائي الناشطين، والقادة الذين فقدناهم، وشجاعة شعب الأويغور.

انطلقت شرارة الاحتجاج بعد سنوات من التمييز الممنهج وإذلال الطلاب الأويغور. في 1408هـ (5 مايو/أيار 1988م)، كُتبت عبارات عنصرية ومهينة على جدران حمام قسم الفيزياء بجامعة تركستان الشرقية في أورومتشي. تضمنت العبارات شعارات بذيئة مثل: “لنجعل رجال الأويغور عبيدًا، ولنحوّل فتياتهم إلى عاهرات”.

رغم بشاعة هذه الحادثة، التزمت إدارة الجامعة وسلطاتها الصمت. حاول الطلاب الأويغور التعبير عن مخاوفهم عبر القنوات القانونية والرسمية، مقدمين عرائض وملتمسين الحوار. لكن جميع محاولاتهم رُفضت أو تجاهلت. وأصبح من الواضح أن الصمت لم يعد خيارًا.

في صباح يوم 15 يونيو/حزيران، تجمع آلاف الطلاب في جامعة تركستان الشرقية لتنظيم “مسيرة ضد التمييز العرقي”. ثم تدفقوا إلى الشوارع رافعين لافتات وشعارات: “نحتج على التمييز العرقي!”، “عاشت حقوق الإنسان !”، “نحتاج إلى المساواة في الحقوق”، “لا لسياسات الاستعباد الصينية!”.

امتلأت الشوارع ليس فقط بغضب الشباب، بل أيضًا بدعم الشعب. بكى البعض وهم يعانقون المتظاهرين الشباب. لم يكن هذا مجرد احتجاج، بل كان نضالًا من أجل الكرامة.

تشكيل اتحاد الطلاب للعلوم والثقافة

لم تكن هذه الحركة عفوية. ففي عام 1407هـ (1987هـ)، كان الطلاب الأويغور في جامعة تركستان الشرقية قد أسسوا هيكلًا منظمًا: اتحاد الطلاب للعلوم والثقافة. كنتُ رئيسًا له. وكان نائباي روشان عباس والمرحوم أبليميت ميمت. وكان أميننا العام واريس أبا بكري، الذي توفي بشكل مأساوي في معسكر اعتقال صيني في 1441هـ (نوفمبر 2019م).

لم تقتصر جهود اتحادنا على الجوانب الأيديولوجية فحسب، بل شملت جوانب عملية أيضًا. أرسلنا معلمين متطوعين إلى المناطق المحرومة، ونظمنا دورات ثقافية وقانونية، وأقمنا معارض صور، وعززنا التثقيف الوطني من خلال المسرحيات والمحاضرات والفعاليات الفنية. أطلقنا حركة لتعزيز وعي الشعب الأويغوري وروحه.

القمع في الصين: الصمت القسري

هزّت احتجاجات 15 يونيو/حزيران السلطات الصينية. ورغم قمعها، إلا أن تأثيرها استمر. وُصفت هذه الحادثة بـ”حادثة 15 يونيو/حزيران”. بصفتنا قادة طلابيين، استُهدفنا للتحقيق. راقبنا واستجوبنا وضايقنا مئات من كبار المسؤولين وضباط الشرطة.

كانت كل خطوة نخطوها تحت المراقبة. وُضعتُ قيد الإقامة الجبرية. بعد أربعة أشهر من الاستجواب، طُردت أنا وواريس أبا بكري من الجامعة. ونُقل آخرون إلى مناطق ريفية بعد التخرج، وحُرموا من العمل. ولا يزال الكثيرون منهم تحت رقابة الدولة حتى اليوم. لقي واريس حتفه في أحد المعسكرات. أما أنا، فقد تمكنت من الفرار إلى الخارج عام 1414هـ (1994م) ونلت حريتي.

اليوم: مواجهة إبادة جماعية مستمرة

ما بدأ تمييزًا في ثمانينيات القرن الماضي، تفاقم الآن ليتحول إلى إبادة جماعية شاملة. يُسجن ملايين الأويغور وغيرهم من الشعوب التركية في معسكرات الاعتقال الصينية، ومراكز العمل القسري، والمدن التي تحولت إلى سجون مفتوحة. هُدمت المساجد، وحُظرت مدارس القرآن الكريم، وتشردت العائلات. تُمحى ثقافتنا وهويتنا بشكل ممنهج.

وهذا ليس مجرد استيعاب، بل هو إبادة جماعية.

كما رفعنا أصواتنا عام 1408هـ (1988م)، علينا أن نرفعها مجددًا اليوم. صمت العالم لا يُغذّي إلا القمع. والصمت مشاركة في الجريمة.

دروس لليوم والغد

29 شوال 1408 (15 يونيو 1988م) ليس مجرد ذكرى، بل خارطة طريق للحاضر والمستقبل. في ذلك اليوم، نهض شباب الأويغور شامخين من أجل الحرية، متحدّين الإذلال رافضين الخضوع للقمع. لا تزال تلك الروح حية في قلوب شعبنا اليوم. الحرية ليست امتيازًا، بل حقٌّ إنسانيٌّ أساسي. المطالبة بها ليست جريمة، بل واجبٌ أخلاقي.

Bitter Winter.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا