خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتحديداً في زيارته للسعودية عام 1438هـ (2017م)، أعلنت الإدارة الأمريكية عن صفقة ضخمة مع السعودية بلغت قيمتها 450 مليار دولار، شملت استثمارات متنوعة، كان أبرزها صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار. هذه الأرقام قُدمت حينها كدليل على نجاح سياسة ترامب الخارجية وتعزيز الاقتصاد الأمريكي.
لكن مع مرور الوقت، ظهرت تساؤلات كثيرة حول مدى واقعية هذه التعهدات. فبحسب تقارير متعددة، بما فيها تقارير لوكالات مثل رويترز وأكسيوس، لم يتجاوز التنفيذ الفعلي للصفقات الدفاعية حدود 14.5 مليار دولار بحلول عام 2018، أي ما يعادل 13% فقط من الرقم المعلن لصفقة الأسلحة. أما بقية المبلغ (340 مليار دولار تقريباً)، فلم تظهر أدلة موثوقة على توقيع أو تنفيذ مشاريع ملموسة ضمن إطاره.
هذه الفجوة بين التعهدات والواقع أثارت شكوكًا في الكونغرس الأمريكي، خاصة بعد أن استخدمت إدارة ترامب إعلانًا “طارئًا” لتجاوز رقابة الكونغرس على صفقات أسلحة بقيمة 8.1 مليار دولار لصالح السعودية ودول أخرى. لاحقًا، فتح المفتش العام لوزارة الخارجية تحقيقًا في مدى قانونية تلك الإجراءات، وأكد أن العملية كانت قانونية من الناحية الشكلية، لكنها لم تراعِ بدرجة كافية المخاطر المدنية المرتبطة بتلك المبيعات.
كما أثار إقالة المفتش العام نفسه من قبل إدارة ترامب مزيدًا من الشكوك، ودفع بعض لجان الكونغرس إلى فتح تحقيق أوسع في خلفيات هذه الصفقات ومدى شفافية الإجراءات.
في المحصلة، ورغم الأرقام البراقة التي رافقت إعلان صفقة القرن بين السعودية وإدارة ترامب عام 1438هـ (2017م)، فإن التنفيذ الفعلي لها كان محدودًا نسبيًا، وشابته أسئلة سياسية وقانونية كثيرة، ما يجعل من تلك التعهدات نموذجًا واضحًا للفجوة بين الدعاية السياسية والواقع التنفيذي.
اترك تعليقاً