❞ ولسوف أعطي جثث الفلسطينيين اليوم لطيور السماء وحيوانات الأرض❝ !!
مؤخرا عُرض الموسم الأول من مسلسل (House of David) أو (بيت داود) على منصة “Prime Video” التابعة لشركة أمازون، يُعيد سرد قصة داود من العهد القديم.
تم التركيز في المسلسل على صراع بني إسرائيل مع “الفلسطينيين” وتحالفهم مع “العماليق/الجبّارين” ضد بني إسرائيل، وانتصار الأخيرين عليهم، وهذا لا يمكن عزله عن السياق السياسي والإعلامي المعاصر، وخاصة الحرب الجارية على غزة مند أكتوبر 2023.
ولأن العمل درامي ديني مُستلهم من العهد القديم وموجّه لجمهور أمريكي وغربي، فإن توقيت عرضه وبنية السرد فيه يحملان دلالات رمزية وسياسية تحتاج تفكيكًا دقيقًا:
سياق السرد التوراتي وتوظيفه:
في السردية التوراتية “الفلسطينيون/Philistines” يُقدَّمون كأعداء أبديين لبني إسرائيل، يتحالفون مع “العماليق/ giants” أو “الجبّارين/Nephilim ” في مواجهة “شعب الله المختار”، بينما يظهر “داود” كمنقذ شاب يمثل الخير والإرادة الإلهية.
في المسلسل، يجري استحضار هذا النموذج بصريًا ودراميًا بطريقة شديدة التأثير، تُعيد إنتاج ثنائية الخير والشر على نحو شديد الفاعلية رمزيًا.
التأثير على المتلقي الغربي:
ترميز المعركة الحالية: عرض قصة تاريخية يظهر فيها “بنو إسرائيل” في موقف الضعف، بينما “الفلسطينيون” والجبّارين هم التحالف العدواني، يُعيد تشكيل الوعي الرمزي للجمهور، بحيث يرى المعركة الحالية في غزة امتدادًا لصراع ديني وتاريخي قديم.
إضفاء الشرعية اللاهوتية: يعزز المسلسل، عبر التأثير غير المباشر، سردية أن “إسرائيل” المعاصرة تواجه تهديدًا وجوديًا مشابهًا لما واجهه “داود” ما يخلق تماهٍ رمزي بين “جيش إسرائيل الآن” و”داود القديم”، وبين “الفلسطينيين الآن” و”الفلسطينيين التوراتيين”، رغم الفارق التاريخي الهائل.
دلالة التوقيت:
يجري عرض المسلسل في ذروة الحرب في غزة، وهي حملة عسكرية تُوصف عالميًا بأنها تطهير عرقي أو إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، واستحضار قصة انتصار “داود” على “الفلسطينيين” آنذاك، يتقاطع مع هذه اللحظة لتقديم “نموذج تأييدي رمزي” للسلوك العسكري الإسرائيلي الحديث.
المسلسل لا يقدم فقط مادة دينية، بل يشارك في حرب سرديات متكاملة، تُعيد تشكيل الخريطة الأخلاقية للصراع، بحيث يُمسَخ الفلسطيني المعاصر إلى “جالوت” رمزي، وتُمنَح إسرائيل شرعية الدفاع الإلهي.
دلالة شيطنة الخصم:
في النصوص التوراتية “الجبّارون/النيفيليم” هم كائنات شريرة عملاقة، تمثل العنف البدائي المُدمر، واستحضارهم في المسلسل بوصفهم حلفاء للفلسطينيين يُضخم من دلالة “الشيطنة” و”الخطر الوجودي”.
هذا يُسقط ضمنيًا على حلفاء غزة (إيران، حزب الله، الحوثيين)، وكأن المعسكر المقابل يمثل “تحالف شرّ خارق” ضد الخير، ما يمنح “الانتصار الإسرائيلي” في السردية الفنية بعدًا أسطوريًا خلاصيًا.
تبرير لا أخلاقي للعنف باسم التاريخ
من خلال خلق تقاطع بين العنف المعاصر والنص المقدس، يُعاد إنتاج “عقيدة داودية” تُبرر استئصال الخصم باسم الإرادة الإلهية. وهذه الآلية تُستخدم كثيرًا في الإعلام الديني الصهيوني لشرعنة الحروب والاحتلال، وهذا المسلسل يندرج ضمن هذه الفئة من الأعمال، رغم أنه يُقدَّم تحت غلاف “الدراما الملحمية”.
مسلسل (House of David) أو (بيت داود) لا يُعيد فقط سرد قصة توراتية، بل يشارك بقوة في صياغة خطاب رمزي موازٍ للحرب القائمة في غزة، وذلك بتقديم الفلسطينيين كأعداء أبديين متوحشين، وتحالفهم مع قوى خارقة شريرة، وانتصار “الخير الإسرائيلي” عليهم، يُساهم في شرعنة السردية الإسرائيلية المعاصرة، ونزع الشرعية الأخلاقية عن مقاومة الفلسطينيين، وإعادة بناء تصور ديني وسياسي للصراع يخدم المنظور الصهيوني.
ولذا فإن توقيت عرض المسلسل ليس بريئًا، بل جزء هو من معركة ثقافية رمزية متكاملة، يتم فيها استخدام الترفيه والمقدس كأدوات دعائية ناعمة لتعزيز مشروع الهيمنة الإسرائيلي.
تكلفة الإنتاج:
مصادر غير مؤكدة ذكرت أن تكلفة إنتاج المسلسل بلغت 100 مليون دولار، لكن المصادر المؤكدة تشير إلى أن أمازون قدمت دعماً مالياً كبيراً للمسلسل، ما يُعد غير مسبوق في مجال الإنتاج الديني، ولكن دون تحديد رقم دقيق.
وقد حقق المسلسل نجاحًا جماهيريًا ملحوظًا، حيث جذب 22 مليون مشاهد خلال أول 17 يومًا من عرضه، ما جعله يحتل المرتبة الثانية في قائمة أكثر الأعمال مشاهدة على منصة Prime Video.
نقلا عن الباحث حسن قطامش.
https://x.com/HasanQatamish/status/1921593551244198185?t=nUXtYZQ6_gQHN9aVrn8yNw&s=19
اترك تعليقاً