رسالة من أحد سكان الشيشان المحتلة:
كانت والدتي في السابق تنظر إلى المجاهدين بعين الشك والتوجس، لكن بعد مرور سنوات بدأت ألحظ تغيّر نبرتها، إذ تتحدث عن إخوتنا في ذلك الزمن بعبارات يملؤها الثناء والتقدير.
تأملت في الأمر، وربما يكون الله، من خلال واقعنا الحالي، يفتح قلوب شعبنا ويغرس في نفوسهم أفكارًا ونيّات جديدة تدرك أن الجهاد والمجاهدين كانوا في الحقيقة يقاتلون من أجلنا. يبدو أن هذا الإدراك بات يلامس عقول الكثيرين.
أما أنا، فقد ظللت مترددًا في الالتحاق بصفوف الإخوة، رغم أنني كنت شابًا بالغًا حينها. رأيت زملائي في الدراسة وأبناء قريتي ينضمون إليهم واحدًا تلو الآخر، لكن مشاهد استشهادهم تباعًا، وصعوبة ظروفهم المعيشية، لا سيما نقص المؤن، كانت كفيلة بإيقافي عن اتخاذ هذا القرار.
فضلًا عن ذلك، كنت الابن الوحيد لعائلتي، وكنت أخشى أن أكسر قلب والدتي بهذا الاختيار، وأن يقودني جهادي إلى الهلاك بدلًا من النجاة. أنتم أدرى بحجم المعاناة التي كنا نعيشها آنذاك. كنت مجرد شاب تائه بين الشكوك، يحمل في قلبه كراهية عميقة لقاديروف ولكل من له صلة به من قريب أو بعيد.
لطالما راودتني أفكار مؤرقة تقول: “لو كانوا على الحق، لنصرهم الله.” ومع تناقص أعدادهم يومًا بعد يوم، لا زلت أذكر كيف تابعت آخر معركة لجماعة هاكايف، وأتذكر جيدًا آخر مواجهة خاضها الإخوة في 4 ديسمبر 2014. ومنذ ذلك الحين، بدأ كل شيء يتلاشى تدريجيًا من ذهني.
واليوم، حين أرى ما يجري في وطننا، وأدرك إلى أي حال أوصلتنا موافقة شعبنا القسرية على الاحتلال، أجد نفسي أتساءل: لم نصل إلى هذا الوضع لأننا أهل صلاح وتقوى، بل لعل الله أراد أن يجعلنا نراجع أنفسنا ونتأمل في مواضع خطايانا.
أعتقد أن شعبنا، وأنا شخصيًا، قد أخطأنا في اختيار الطريق، وأخطأنا حين تركنا المجاهدين يقاتلون وحدهم دون عون أو نصرة.
حتى والدتي، التي كانت بعيدة كل البعد عن هذه المسائل، باتت اليوم تتحدث عن مجاهدي الأمس بعبارات يملؤها الإعجاب والحسرة، وهذا مؤشر على حدوث تحول عميق في الوعي الجمعي.
فالثورات لا تنفجر تدريجيًا، بل تنهض الشعوب فجأة وكأن يدًا خفية تحركها من الأعماق.
وباختصار، أؤمن أن أي أم، في أعماق قلبها، تتمنى لو أن ابنها مات في سبيل الله، إذا كان لا مفر من الموت في نهاية المطاف.
نقلا عن قناة نييسو الشيشانية.
اترك تعليقاً