يمن مونيتور: غلاء الإيجارات في تعز… بين لهيب التكاليف ومخاطر مناطق التماس

IMG 20250116 WA0000

يجلس علي سعيد على كرسي مهترئ بجانب نافذة مكسورة سبق أن اخترقته قذيفة الحرب قبل سنوات، لم يجد منزل للعيش فيه سوى هذا المنزل المتهالك في منطقة الجحملية شرقي تعز القريبة جدًا من جبهات الصراع الشرقية.

قال علي سعيد:” السكن هنا لم يكن اختياريًا، بل أنا مجبر عليه لأن هذا المنزل هو الذي أستطيع تحمله ماليًا، ظروف الحياة وغلاء الإيجارات في وسط المدينة أو المناطق الآمنة تجبرنا على السكن في مناطق نموت فيها ألف مرة”.

” عشتُ هنا أيام وسنوات مرعبة جدًا قبل الهدنة، أسمع الانفجارات يوميًا وتصل القذائف التي تهز الأرض من تحت قدمي. كل طلقة، كل قذيفة، تحمل احتمال أن تكون الأخيرة التي نسمعها”.

أما بعد الهدنة منذ عام 1443هـ (2022م). هدأت الحرب وخف القنص والقذائف، إلا أن حياتهم ما زالت محفوفة بالمخاطر. وأول تقدم لأي طرف من أطرف الصراع سيكون على رأس السكان في مناطق التماس الذين لجؤوا إلى هذه المناطق إما عودة لمنازلهم الأصلية التي كانوا قد هجروها بسبب الحرب وذهبوا للسكن في مناطق أكثر أمانا، أو لأن إيجارها يعد أقل نسبيًا من المناطق الأخرى.

ويضيف علي للموقع:” لا نستطيع الوصول للماء بسهولة، الطاقة الشمسية التي نملكها أصبحت متهالكة، ولا نستطيع فتح أغلب النوافذ لأنها مقابلة لقناص الحوثي، الأطفال يلعبون في الأزقة ولا يمشون في ساحة مكشوفة، في الليل، لا أستطيع النوم. أفكر في أسرتي، في ابني الذي يسألني: لماذا لا ننتقل إلى مكان أفضل؟ ولا أجد إجابة سوى الصمت”.

وتصل إيجارات المنازل في مدينة تعز إلى 300 ألف بالعملة الأجنبية، (السعودية، الدولار)، بينما تنخفض الإيجارات في مناطق التماس والقريبة من جبهات القتال أو قناصة الحوثي إلى (50_100) ألف ريال يمني.

أسباب ارتفاع الإيجارات

يرى عبد الرحمن البحر، خبير اقتصادي، أن ارتفاع الإيجارات في مدينة تعز يعود أولًا لعدم الإنشاء العمراني والتوسع الصناعي منذ بداية الحرب بسبب التدهور الاقتصادي الذي نعيشه نتيجة الحرب، مع زيادة الطلب على السكن نتيجة النزوح الداخلي من المناطق الخطيرة إلى المناطق الأكثر أمانًا.

ويشير البحر إلى أن الحرب دمرت العديد من المباني والمنازل وأن عدم وجود مشاريع إسكانية تعوض هذا النقص، بسبب ارتفاع تكاليف البناء التي تأثرت بارتفاع أسعار العملات الأجنبية، في ظل غياب السياسات المنظمة لسوق الإيجارات، أدى إلى استغلال المُلاك للوضع ورفع الأسعار بشكل مفرط”.

حياة خطرة

تسكن سهيلة، أم لثلاثة أبناء، في عصيفرة شمال مدينة تعز، وهي أول نقطة تحت سيطرة الحكومة الشرعية حيث لا يبعد منزلها عن مناطق الحوثي المهجورة سوى بعض خطوات، ويتمركز في مناطق الحوثي قناص التهم الكثير من أرواح أطفال هذا الحي منذ بداية الحرب.

تواصل حديثها سهيلة: “لا أستطيع أن أشعل النور الخافت بهذه الغرفة”. وتشير بيديها إلى الغرفة الأوسع في المنزل، “بل لا نستطيع حتى النوم، القناص يرمي طلقته فورا إن رأى أي ضوء، لقد سبق وقنص جارنا الذي دخل منزله فور إشعاله النور، وقد غادروا جميعهم إلى الريف ونزح الكثير من هنا، لكنهم بدأوا يعودون بسبب ارتفاع الإيجارات في وسط المدينة”.

وتظل سهيلة خائفة جدًا عند ذهاب ابنتيها إلى المدرسة إلى أن يعدن، لقد سبق ولم يعد العديد من الأطفال من مدارسهم أو من الأماكن التي كانوا يجلبون منها الماء، إما بسبب القناص، أو القذائف العشوائية أو الألغام، أما ابنها الأكبر الذي كان يحلم أن يصبح طبيبًا أصبح يجمع علب البلاستيك ليساعد أباه الذي يعمل في قيادة دراجة نارية ليصرفا على العائلة.

خطر السكن

يفيد أيمن العريقي، وهو باحث في مجال السلام، أن السكن في مناطق التماس يعرض المواطنين لمخاطر الاستهداف المباشر بالقذائف أو النيران العشوائية من قبل ميليشيا الحوثي الإرهابية، التي تستهدف بشكل متكرر هذه المناطق المأهولة بالسكان المدنيين.

إضافة إلى ذلك، فإن تلك المناطق تعج بالمخلفات الحربية والألغام التي زرعتها الميليشيا، مما يشكل خطرًا دائمًا على السكان، خاصة الأطفال.

قال العريقي: ” تفتقر تلك المناطق إلى الكهرباء، المياه النظيفة، والرعاية الصحية. كما أن الأطفال غالبًا ما يحرمون من التعليم نتيجة انعدام الأمن والبنية التحتية”.

العيش في مناطق التماس يسبب ضغطًا نفسيًا كبيرًا للسكان، خاصة للأطفال الذين يعانون من آثار نفسية عميقة مثل الخوف المزمن واضطرابات النوم. الكبار بدورهم يعانون من التوتر والقلق المستمرين، مما يؤثر على صحتهم الجسدية والعقلية، حسب العريقي.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا