يمن مونيتور: 120 مختطفًا في سجون الحوثيين بإب.. قصص مأساوية لأسر انهكها الانتظار

d6b05dee449807f67f764e2b59d93f5b

تتفاقم الأزمة الإنسانية والحقوقية في محافظة إب، وسط اليمن، مع استمرار جماعة الحوثي في إخفاء أكثر من 120 مختطفًا قسراً، تم اعتقالهم في حملة واسعة شنتها الجماعة مطلع شهر يوليو/تموز الماضي. حيث تعيش عشرات الأسر على وقع معاناة يومية مركبة، تتقاطع فيها مرارة الغياب القسري مع القلق على مصير ذويهم، في ظل انعدام المعلومات الرسمية وتجاهل مطالبهم المتكررة.

المختطفون، الذين يشملون أكاديميين ومعلمين وكوادر علمية وتربوية، يقبعون في سجون الحوثيين دون معرفة أسرهم بمكان احتجازهم أو التهم الموجهة إليهم، ما يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني وحقوق الإنسان، والأعراف اليمنية. تتناثر قصص هذه الأسر، كل واحدة بتفاصيلها الخاصة التي تسرد فصلاً من الألم المشترك، محكومة بالتساؤلات المؤلمة: “أين هم؟ ولماذا اختطفوا؟ وإلى متى يستمر هذا الغياب؟”.

انتظار ينهك الأمهات ويقطع الأمل

من بين تلك القصص المؤثرة، حال والدة المختطف نشوان محمد عبده الحاج، التي تعيش منذ 21 يوليو/تموز الماضي “معلّقة بين انتظار لا ينتهي ووعود تتبخر”، كما يصف شقيقه ماجد. يطالب ماجد بالكشف عن مصير أخيه، معبراً عن وجع أبناء نشوان الذين يسألون يومياً عن عودة والدهم، متسائلاً عن القانون الذي يجيز تغييب الناس دون ذنب أو معرفة مكان.

يقول ماجد إن لشقيقه أبناء يسألون عن عودته كل يوم، وإن والدته أنهكها الانتظار، بينما لا تعرف الأسرة سبب احتجازه أو مكانه، ويضيف “كل ما نسمعه وعود لا تُنفّذ، فأي قانونٍ يجيز تغييب الناس بلا ذنب؟”.

أطفال على موعد مع الغياب والألم

وتتجسد المأساة في صور أخرى، حيث تحكي نسيبة، ابنة المختطف محمد عقلان، غصّة الغياب الذي أثقل “كاهل الأيام وأطال الليالي”.

وتستذكر صوت والدها بعد كل أذان للصلاة “يناديهم صلاة، صلاة “، وتتحسر وهي تقول “كل شيء في البيت يفتقدك يا أبي” نسيبة تحكي تفاصيل صبر الأسرة وهي تعيش فقدان الأب ولاتنسى أن تبعث برسالة اطمئنان علها تصل والدها” الصبر لا يعني أننا نسيناك، بل ننتظر فرج الله القريب”.

وتتضاعف هذه المأساة في حالة الطفلة ذات السبعة أعوام، ابنة المختطف التربوي أحمد شعلان، والتي تعاني من مرض السكري النوع الأول. الطفلة، التي كانت تنتظر والدها يومياً لحقنها بجرعة الأنسولين اللازمة، تعيش اليوم فراق الأب، الذي كان يبذل جهداً مضاعفاً لتأمين دوائها، لتجد الأسرة نفسها في مواجهة مزدوجة مع المرض والغياب القسري.

تربويون أفنوا أعمارهم في خدمة التعليم

وفي سياق مماثل، يكشف عبدالرحمن، نجل المختطف عبدالملك اسكندر، عن مفارقة مؤلمة. فوالده، الذي أفنى 35 عاماً في قطاع التعليم وظل يدرّس الطلاب بلا مقابل رغم انقطاع الرواتب، يُجازى بالاختطاف والإخفاء القسري منذ أربعة أشهر.

يتساءل عبدالرحمن باستنكار: “كيف يُجازى من وهب عمره للأجيال بالاختطاف؟”، مشيراً إلى أن الأسرة لا تعلم سبب الاعتقال ولا مكان الأب، ويُمنعون من حق السؤال أو الدفاع عنه.

وفي مثال آخر، تعيش أسرة المختطف عبدالعليم عبدالإله معاناة الفقد منذ اختطافه من منزله قبل أربعة أشهر. ابن أخيه، أيمن، يصف عمه بأنه كان “أباً وقنديلاً للعائلة”، متحدثاً “عن رجل أفنى عمره في التعليم وغرس القيم، ويثق أن الروح التي داخله ستظل تحلق خلف القضبان رغماً عن السجان “.

وعبّر أيمن “عن إيمان العائلة بـ “لحظة الفرج وعودة العم الذي تحوّل إلى رمزٍ للصبر والإيمان والثبات”، رغم المعاناة اليومية والانتظار عند كل غروب شمس.

تتمسك هذه الأسر بالأمل، رغم البيانات الحقوقية التي تؤكد أن أكثر من 120 شخصاً، جلهم من الكفاءات، ما زالوا خلف القضبان الحوثية دون أي سند قانوني، مما يلقي بظلال ثقيلة على المشهد الحقوقي والاجتماعي في محافظة إب.

تُعرف إب بأنها “اللواء الأخضر” وكثافتها السكانية تجعلها مركز ثقل اجتماعي وتربوي. حملات الاختطاف تستهدف تكسير أي نفوذ مجتمعي محتمل أو معارضة صامتة لحكم الحوثيين، خاصة من فئة الأكاديميين والمثقفين، لضمان السيطرة الأيديولوجية الكاملة على المؤسسات التعليمية والمجتمع.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا