يمن مونيتور: 11 عاماً على اجتياح “بوابة صنعاء الشمالية”

WhatsApp Image 2025 12 14 at 7.48.48 PM 768x512 1

صادف يوم الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول، الذكرى الحادية عشرة لاجتياح جماعة الحوثي المسلحة مديرية “أرحب” (شمالي العاصمة صنعاء)، التي شكلت آخر الحصون الجمهورية الصامدة عقب سقوط العاصمة خريف 2014.

وتأتي هذه الذكرى مثقلة بسجل دموي من الانتهاكات، حيث كشفت تقارير حقوقية عن مقتل وإصابة العشرات، وتفجير مئات المنازل، في حملة انتقامية ممنهجة استهدفت البنية الاجتماعية والقبلية للمنطقة.

تمثل مديرية أرحب “البوابة الشمالية” الاستراتيجية للعاصمة صنعاء، وقد شكلت بصمودها أواخر عام 2014 عقبة عسكرية كبرى أمام تمدد الحوثيين، مما جعلها هدفاً لعمليات انتقامية واسعة عقب سيطرة الجماعة عليها، تمثلت في سياسة “الأرض المحروقة” وتفجير الخصوم.

أرقام “النكبة”.. فاتورة باهظة

في رصد حقوقي يكشف حجم المأساة، أوردت إحصائيات منظمة “شهود لحقوق الإنسان” أرقاماً مفزعة للانتهاكات التي طالت المديرية منذ ديسمبر 2014. ووثقت المنظمة مقتل 70 مدنياً، بينهم امرأة، وإصابة أكثر من 150 آخرين بجروح مختلفة.

ولم تكتفِ جماعة الحوثي بالاستهداف الجسدي، بل عمدت إلى تدمير البنية التحتية الخاصة بالمواطنين، حيث تشير التقارير إلى تفجير وهدم ونهب نحو 555 منزلاً بشكل كلي أو جزئي. كما طالت حملات الاختطاف قرابة 1211 مواطناً من أبناء القبيلة معارضين لسياسات الحركة وسلطتها الانتقامية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، قُدّرت قيمة المنهوبات التي استولت عليها جماعة الحوثي من منازل وممتلكات مناهضي الانقلاب بنحو نصف مليار ريال يمني، شملت نهب 125 وسيلة نقل، وتدمير 11 محلاً تجارياً، في واحدة من أوسع عمليات النهب المنظم.

وتجاوزت انتهاكات الحوثيين الجانب العسكري إلى استهداف المؤسسات التعليمية والدينية؛ فقد أقدمت الجماعة على تفجير ثلاثة مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، وإحراق مكتبتين علميتين تُصنفان ضمن أكبر المكتبات في اليمن، بالإضافة إلى احتلال وتدمير 27 مؤسسة عامة ومقرات للأحزاب السياسية والمنظمات المدنية.

“الجنادبة”.. المجزرة الشاهدة

وتظل مجزرة قرية “الجنادبة” العنوان الأبرز لهذه الذكرى، حيث اقتحمت جماعة الحوثي القرية مستخدمة آليات عسكرية ثقيلة (نُهبت من معسكرات الحرس الجمهوري)، وقامت بتفجير ثلثي منازل القرية، وقتلت 12 مواطناً أمام عائلاتهم، في مشهد إرهاب مكتمل الأركان دفع بأكثر من 1300 أسرة للنزوح القسري نحو مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وبعد مرور 11 عاماً، لا تزال أرحب تدفع ثمن موقفها الجمهوري. وتفرض الجماعة الحوثية إتاوات مالية باهظة على المزارعين، وتحديداً مزارعي “القات”، وتضيق الخناق على الأسواق التجارية، بالتوازي مع حملات اعتقال مستمرة تهدف لكسر شوكة القبيلة.

الجندبي: جريمة غدر بعد “صلح”

وفي تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”، وصف وكيل أول محافظة صنعاء، عبدالخالق الجندبي، ما حدث في أرحب بأنه “جريمة مكتملة الأركان وجزء من مشروع انتقامي”.

وكشف الجندبي عن بُعد آخر للمأساة، مؤكداً أن “اجتياح أرحب لم يكن نتاج مواجهة عسكرية مباشرة حينها، بل جاء غدراً بعد توقيع صلح قبلي لتجنيب المنطقة الحرب، وهو ما يفضح الطبيعة الإجرامية للمليشيا القائمة على نقض العهود”.

وأضاف الوكيل: “أبناء أرحب أدركوا مبكراً خطر المشروع السلالي، فالتحق الآلاف منهم بجبهات الدفاع عن الجمهورية، وشكلوا مع قبائل مأرب وأحرار اليمن سداً منيعاً”.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن “هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم”.

ورغم بشاعة الجرائم والانتهاكات، لم تنجح جماعة الحوثي في كسر إرادة قبيلة أرحب، بل زادتها تلك المآسي عزة وشموخًا وإصرارا على مواجهة المشروع الإمامي، حيث قدّم أبناؤها التضحيات الجسيمة في سبيل الدفاع عن الجمهورية والثوابت الوطنية، مؤمنين بأن النصر قادم، وأن العدالة ستطال كل من تورط في تلك الجرائم.

تعتبر قبيلة “أرحب” من أكبر قبائل “بكيل” اليمنية، ولعبت دوراً محورياً في أحداث الثورة الشبابية عام 2011، مما جعلها في خصومة تاريخية مع تحالف (الحوثي/صالح) آنذاك. عقب سقوط صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، بقيت أرحب عصية على الحوثيين لعدة أشهر، وخاضت معارك عنيفة قبل أن تجتاحها جماعة الحوثي في 13 ديسمبر من العام نفسه، مستخدمة ترسانة الدولة المنهوبة.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا