بدلاً من الحديث المعتاد عن الحكم الرشيد ومكافحة الأسباب المُفضية إلى اندلاع التمردات، تحول فحوى خطاب الجيش الأمريكي إلى رسالة مفادها أن حلفائه الهشين في أفريقيا يجب أن تتم تهيئتهم للاستقلالية.
وفي مناورات الأسد الأفريقي، وهي أكبر مناورات تدريبية مشتركة في القارة، كان هذا التحول واضحًا؛ حيث قال الجنرال مايكل لانغلي في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس: “نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على نقل شركائنا إلى مستوى العمليات المستقلة”.
وقال لانغلي، أكبر مسؤول عسكري أمريكي في أفريقيا، يوم الجمعة الماضي، والذي كان اليوم الأخير من التدريبات: “هناك حاجة إلى تقاسم بعض الأعباء”.
على مدى أربعة أسابيع، شاركت قوات من أكثر من 40 دولة في تدريبات على مواجهة التهديدات الجوية، والبرية، والبحرية شملت محاكاة القتال قريب المدى، وتشغيل طائرات بدون طيار، وإطلاق صواريخ موجهة بالأقمار الصناعية في الصحراء.
عكست المناورات النسخ السابقة من “الأسد الأفريقي”، الذي دخل عامه الحادي والعشرين.
لكن اللغة التي تُركّز على أفكارٍ، كانت الولايات المتحدة تدّعي سابقًا أنها تُميّزها عن روسيا والصين، اختفت.
أولويات مختلفة لإدارة ترامب
كانت الرسائل المتعلقة بالتكامل بين الدفاع والدبلوماسية والتنمية، تُشكل جوهر خطاب واشنطن الأمني.
ولكن الآن حل محلها دعواتٌ لمساعدة الحلفاء على بناء قدراتهم لإدارة أمنهم، وهو ما وصفه لانغلي بأنه أولوية لوزارة الدفاع في عهد الرئيس دونالد ترامب.
قال لانغلي، في إشارة إلى الدعم الأمريكي للسودان: “لدينا أولوياتنا الآن – حماية الوطن. ونتطلع أيضًا إلى مساهمة دول أخرى في بعض مناطق عدم الاستقرار العالمي هذه”.
ويأتي هذا التحول في الوقت الذي يتخذ فيه الجيش الأميركي خطوات “لبناء قوة أقل حجمًا وأكثر فتكاً”، بما في ذلك خفض محتمل للمناصب القيادية العسكرية في أماكن مثل أفريقيا، حيث يواصل منافسو أميركا تعميق نفوذهم.
فعلى سبيل المثال، أطلقت الصين برنامجها التدريبي الموسع للجيوش الأفريقية.
كما يعمل المرتزقة الروس على تعزيز دورهم كشريك أمني مفضل في شمال، وغرب، ووسط أفريقيا.
تأكيد سابق على “نهج حكومي شامل”
في مقابلة أُجريت معه قبل عام، أكد لانغلي على ما وصفه مسؤولون عسكريون أمريكيون منذ فترة طويلة بـ”نهج حكومي شامل” لمواجهة التمرد.
وحتى في خضم النكسات، دافع لانغلي عن النهج الأمريكي، وقال إن القوة وحدها لا تكفي لتحقيق الاستقرار في الدول الضعيفة وحماية المصالح الأمريكية من خطر تمدد العنف.
قال لانغلي العام الماضي: “لطالما أكدتُ أن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) ليست مجرد منظمة عسكرية”.
ووصف الحوكمة الرشيدة بأنها “حلٌّ دائمٌ للعديد من التهديدات المتداخلة – سواءً أكانت التصحر، أو فشل المحاصيل بسبب التغير البيئي، أو التنظيمات المسلحة”.
ولكن النهج الحكومي الشامل لم يعد يحتل نفس المكانة المركزية في الخطاب الأمريكي، رغم أن لانغلي قال إن الجهود الشاملة نجحت في أماكن مثل ساحل العاج؛ حيث أدت التنمية إلى جانب الدفاع إلى الحد من الهجمات التي تشنها الجماعات الجهادية بالقرب من حدودها الشمالية المتقلبة.
لكن مثل هذه النجاحات لا تشكل نمطًا.
وقال لانغلي، الذي من المقرر أن يترك منصبه في وقت لاحق من العام الحالي: “لقد رأيت تقدمًا ورأيت تراجعًا”.
بوليتيكو
اترك تعليقاً