أثارت شهادات من تمّ اعتقالهم في «أسطول الصمود» ضجة واسعة بعد أن كشف النشطاء الدوليون عن تفاصيل ما وصفوه بـ«المعاملة القاسية والمهينة» من قبل القوات “الإسرائيلية “عقب اعتراض الأسطول في طريقه إلى غزة، والذي كان يحمل مساعدات إنسانية بهدف كسر الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات.
تفاصيل الاعتقال
روى عدد من النشطاء والصحفيين الذين أُفرج عنهم مؤخرًا مشاهد صادمة من لحظة اقتحام السفن وعمليات التفتيش والاحتجاز التي تلتها.
وقال الناشط الكويتي محمد جمال إن «نحو 700 عنصر من القوات الخاصة “الإسرائيلية “شاركوا في عملية السيطرة على الأسطول»، مضيفًا أنهم «ظلوا تحت أشعة الشمس أكثر من 12 ساعة مكبّلين الأيدي، دون طعام أو إمكانية للراحة».
أما الناشطة التركية كانط أوغلو فأكدت أن «النساء خضعن لتفتيش عارٍ مهين، حتى أن الجنود فتشوا أفواهنا وبين أسناننا، كأننا مجرمات»، واصفة التجربة بأنها «مؤلمة ومهينة لكرامة الإنسان».
من جانبه، قال الناشط الفرنسي المغربي ياسين بنجلوين إن بعض المحتجزين «لم يُمنحوا الأدوية رغم احتياجهم إليها، ولم يحصلوا على الماء إلا بعد مرور أكثر من 30 ساعة».
في حين وصف الصحفي الإيطالي لورينزو أغوستينو المعاملة بأنها «فظّة ومهينة»، مؤكدًا أنهم «عوملوا كما لو كانوا إرهابيين، وتعرض بعضهم للركل والمنع من الماء والطعام ليومين كاملين».
ظروف الاحتجاز
أفادت منظمات حقوقية إسرائيلية مثل مركز عدالة بأن عددًا من النشطاء نُقلوا إلى سجن كتسيعوت في صحراء النقب، وهو مخصص عادة للأسرى الأمنيين، معتبرة أن احتجاز متضامنين مدنيين فيه «إجراء غير قانوني».
كما ذكرت المنظمة أن بعض المعتقلين «حُرموا من التواصل مع محامين أو ممثليهم الدبلوماسيين»، بينما تحدث آخرون عن «منعهم من دخول الحمامات أو الحصول على الماء الكافي».
موقف بن غفير وهجومه على المحتجزين
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، زار وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير موقع احتجاز نشطاء أسطول الصمود في ميناء أسدود، حيث أمر بإجبار المحتجزين على الجلوس على الأرض تحت حراسة أمنية مشددة. ووجّه إليهم تهماً حادة، قائلاً:
«هؤلاء هم إرهابيو الأسطول… يدعمون القتلة، ولم يأتوا للمساعدة بل لدعم الإرهاب».
كما انتقد بن غفير قرار رئيس الوزراء “الإسرائيلي “الذي قضى بترحيل بعض النشطاء إلى بلدانهم، واعتبره «قراراً خاطئاً»، مؤكداً أنه «كان يجب إبقاؤهم في السجون حتى يشعروا بما يشعر به من يدعمونهم من إرهابيين في غزة».
وقد ردّت قيادة أسطول الصمود على تصريحاته ببيان رسمي أكدت فيه أن «جميع الشحنات على متن السفن كانت مساعدات إنسانية موثقة بالصور والفيديو»، وأن «اتهامات بن غفير باطلة وتندرج ضمن محاولات التحريض السياسي لتبرير الانتهاكات»
ردود الفعل الدولية
دانَت منظمة مراسلون بلا حدود اعتقال أكثر من عشرين صحفيًا كانوا ضمن الأسطول، ووصفت ما حدث بأنه «انتهاك صارخ لحرية الصحافة وحق الوصول إلى المعلومات».
من جهتها، احتجّت وزارة الخارجية السويسرية على منع دبلوماسييها من زيارة مواطنين سويسريين محتجزين، فيما اتهمت تركيا إسرائيل بممارسة إجراءات تعسفية ضد 36 من مواطنيها الذين كانوا على متن القوارب.
أما “إسرائيل”، فبرّرت إجراءاتها بالقول إن الأسطول «خالف القانون الدولي»، مشيرة إلى أنها تعامل المحتجزين «بشكل إنساني» وتعمل على ترحيلهم بأسرع وقت ممكن.
التحليل القانوني
يرى الخبير القانوني حسن جبارين من مركز «عدالة» أن إسرائيل تواجه «خيارين صعبين»: إما الإفراج الفوري عن النشطاء أو إبقاؤهم قيد الاعتقال، وكلا الخيارين يحمل «تبعات قانونية دولية كبيرة».
وأضاف أن اعتراض سفن مدنية في المياه الدولية «يُعد خرقًا صريحًا للقانون البحري الدولي»، معتبرًا ما جرى «اختطافًا وليس اعتقالًا مشروعًا».
تعكس شهادات معتقلي أسطول الصمود واقعًا إنسانيًا مؤلمًا وتطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية حول تعامل الاحتلال مع النشطاء الدوليين. ومع تصاعد الإدانات الدولية، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى مساءلة تل أبيب على الانتهاكات المزعومة، ومدى استعداد المجتمع الدولي للتحرك لضمان احترام القوانين والمواثيق الإنسانية
اترك تعليقاً