كشفت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، السبت، عن تدهور أوضاع السودانيين، حيث تعاني 86% من الأُسر من صعوبات في شراء احتياجاتها، مما يدفعها إلى اتخاذ تكيفات سلبية.
ونشرت المنظمة نتائج تقييم متعدد القطاعات أجرته في أغسطس المنصرم خلال مقابلات ميدانية مع 24,403 أُسرة في 178 محلية تقع في جميع الولايات الـ18، فيما استعاضت بمخبرين في محلية كسلا التي تعذر الوصول الميداني إليها.
وقالت المنظمة، في تقرير يتضمن نتائج التقييم، إن “86% من الأُسر تعاني من صعوبات كبيرة في شراء الاحتياجات الأساسية بسبب انخفاض الدخل والتضخم وغياب النقد المتداول واضطراب الأسواق المحلية”.
وأشارت إلى أن الأوضاع تسببت في تراجع القدرة الشرائية للأُسر إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقدين.
وأفادت 74% من الأُسر، وفقًا للتقرير، بأن دخلها الشهري لا يغطي سوى أسبوع إلى أسبوعين من احتياجاتها الأساسية، فيما تعتمد 59% من الأُسر بشكل متزايد على الديون من التجار والأقارب، بينما اضطرت 28% من الأُسر إلى بيع ممتلكات منزلية أو أصول إنتاجية لتغطية نفقات الغذاء والدواء.
وأوضح التقرير أن أسعار السلع ارتفعت بمعدل 400% إلى 600% في معظم الولايات مقارنة بمطلع عام 1445هـ (2023م)، فيما تضاعفت أسعار السلع المستوردة مثل السكر والزيت والدواء بين 7 و10 أضعاف.
وتحدث التقرير عن عدم قدرة 72% من الأُسر على الوصول إلى الأسواق المحلية خلال أسبوع واحد على الأقل، من بينهم 59% ذكروا أن الأسواق لا تتوفر فيها جميع السلع الأساسية مثل الدقيق والزيت والسكر والأدوية.
وأبلغت 28% من الأُسر عن قيود مادية أو أمنية تمنعها من الوصول إلى الأسواق بشكل منتظم، خاصة في الفاشر ومليط وطويلة بولاية شمال دارفور، والخوي والنهود بولاية غرب كردفان.
وذكر التقرير أن الأسواق المحلية في مناطق النزوح تعمل بوتيرة محدودة جدًا مع ارتفاع أسعار السلع فيها بأكثر من 200% مقارنة بالأسواق في المدن.
وأفاد بأن 62% من الأُسر أبلغت عن توقف عمل البنوك في مناطقهم، فيما تعتمد 59% من الأُسر على التحويلات غير الرسمية عبر الوسطاء ووكلاء الاتصالات.
وقال التقرير إن 41% من الأُسر تعاني من احتياجات غذائية غير ملبّاة، فيما صُنّفت 24% من الأُسر في فئة الاستهلاك الضعيف أو المحدود.
وأفاد بأن بعض الأُسر في المناطق الريفية تضطر إلى بيع جزء من المساعدات التي تتلقاها للحصول على النقود أو الدواء.
وذكر أن مصادر الغذاء الرئيسية تتمثل في الأسواق بنسبة 73%، تليها المساعدات الإنسانية بنسبة 14%، والزراعة المنزلية أو الإنتاج الذاتي بنسبة 9%، فيما النسبة المتبقية 4% تتمثل في المقايضة أو الدعم الاجتماعي.
ولاحظت منظمة الهجرة انخفاض اعتماد الأُسر على الزراعة كمصدر غذاء مقارنة بما قبل اندلاع الحرب، حيث كانت أكثر من 40% من الأُسر الريفية تعتمد عليها في السابق.
وأكدت تراجع أنشطة كسب العيش التقليدية بسبب النزوح وفقدان الأراضي وغياب الأسواق، حيث أبلغت 45% من الأُسر بفقدان مصدر دخلها منذ بداية الحرب.
وقالت المنظمة إن هذا الوضع أجبر معظم الأُسر على استخدام تكيفات خطيرة للبقاء، حيث قللت 58% من الأُسر عدد الوجبات اليومية، واضطرت 54% من الأُسر إلى استهلاك طعام أقل جودة، كما شملت استراتيجيات التكيف الاقتراض وبيع الأصول وعمالة الأطفال والتسول و”تزويج القاصرات” لتقليل العبء المالي.
وشددت على أن هذه المؤشرات تؤكد تآكل قدرة السكان على الصمود بشدة، حيث إن استمرار الأزمة سيؤدي إلى اعتماد كامل على المساعدات الإنسانية في معظم المناطق.
وأفاد التقرير بأن 27% من الأُسر التي لديها أطفال دون سن الخامسة تحدثت عن فقدان وزنهم ونحولهم، فيما أبلغت 41% من الأُسر عن عدم تلقي أطفالها مكملات غذائية أو فيتامينات منذ بداية الحرب.
وتجاوزت معدلات سوء التغذية عتبة الطوارئ المحددة بـ15% في 9 ولايات، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وقال التقرير إن 53% من الأُسر التي تضم نساء حوامل أو مرضعات أفدن بأنهن لا يتلقين أي دعم غذائي خاص، كما أن 32% منهن يتناولن وجبة واحدة فقط في اليوم.
وأشار إلى أن انخفاض التنوع الغذائي أدى إلى زيادة في فقر الدم وسوء التغذية المزمن، خاصة في مخيمات النزوح في سنار وشمال دارفور والنيل الأبيض.
انتشار الأمراض
وقال التقرير إن الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الإصحاح من أكثر التحديات التي تواجه السودانيين اليوم، حيث أدى دمار البنية التحتية والنزوح الجماعي وتعطل الإمدادات والخدمات العامة إلى تدهور حاد في إمكانية الحصول على المياه الآمنة ومرافق الصرف الصحي.
وبيّن أن 22% من الأسر لا تحصل على مياه من مصادر محسّنة وآمنة، فيما تستغرق 28% من الأسر أكثر من 30 دقيقة للوصول إلى مصدر المياه الرئيسي.
وتعتمد 41% من الأسر على الآبار اليدوية في الحصول على المياه، فيما تغطي شبكات المياه العامة 27% من الأسر، بينما تضطر 18% من الأسر إلى استخدام مياه الأنهُر والبرك والخزانات المكشوفة، فيما تعتمد البقية وهي 14% على الباعة الجوالين.
وذكر التقرير أن 58% من الأسر أبلغت بأنها لا تقوم بمعالجة مياه الشرب قبل استخدامها، كما أصبحت الأسر في كثير من المناطق تعتمد على الآبار السطحية المكشوفة أو مياه الأنهار الراكدة، مما أسهم في انتشار الأمراض مثل الكوليرا والإسهال.
وأوضح أن كثافة السكان وضغط الطلب على الآبار في مناطق النزوح مثل ود مدني بولاية الجزيرة، والفاشر بشمال دارفور، والدمازين في النيل الأزرق، أدّيا إلى تدهور نوعية المياه وازدياد الملوحة والتلوث البكتيري.
وأفاد التقرير بأن 18% من الأسر لا تمتلك أي نوع من المراحيض أو مرافق الإصحاح، حيث تلجأ إلى قضاء الحاجة في العراء، كما يزداد الوضع سوءًا في مواقع النزوح التي تضطر فيها أكثر من نصف الأسر إلى مشاركة مرحاض واحد مع خمس أسر أو أكثر.
وأبلغت 36% من الأسر، بحسب التقرير، عن عدم امتلاكها الصابون بشكل منتظم، بينما أدى ارتفاع الأسعار وانقطاع الأسواق المحلية إلى عدم حصول 41% من الأسر على مواد النظافة الشخصية.
وقالت منظمة الهجرة الدولية إن سوء خدمات المياه والإصحاح يرتبط بانتشار الأمراض المنقولة بالمياه، حيث أبلغت 72% من الأسر التي تعرض أفرادها لحالات إسهال خلال الشهر السابق لإجراء التقييم أنها تستخدم مصادر مياه غير محسّنة، فيما أفادت 63% من الأسر أنها لا تمتلك مرافق صرف صحي خاصة.
انعدام العلاج
قال التقرير إن 31% من الأسر لم تتمكن من الحصول على خدمات الرعاية الصحية عند الحاجة خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت جمع بيانات التقييم، بسبب غياب المرافق وارتفاع التكلفة ونقص الأدوية.
وذكر أن 37% من الأسر أفادت بأن أقرب مرفق صحي يبعد أكثر من ساعة سيرًا على الأقدام، فيما أشارت 28% من الأسر إلى أن المنشأة الصحية الأقرب إليها متوقفة عن العمل أو تعمل جزئيًا فقط، فيما أكدت 25% من الأسر عدم توفر الأدوية الأساسية في مناطقها.
وبيّن أن المستشفيات والمراكز الصحية في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق تقلّص عددها إلى أقل من 40% مقارنة بعدد المرافق العاملة قبل الحرب.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن 70% من المستشفيات توقفت عن العمل بسبب القتال المباشر ونقص الوقود والإمدادات الطبية.
وأوضح التقرير أن 48% من النساء الحوامل لم يتمكّنّ من زيارة أي مرفق صحي أثناء الحمل، كما أن واحدة من كل ثلاث ولادات خلال الأشهر الستة الماضية تمت خارج المرافق الصحية، غالبًا بمساعدة قابلات تقليديات أو أفراد الأسر.
وذكر أن 26% من الأسر التي تضم نساء في سن الإنجاب أبلغت عن عدم امتلاكها لوسائل منع الحمل، فيما أبلغت 31% من الأسر عن صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية النسائية.
وأفادت منظمة الهجرة بأن المقابلات النوعية مع المستجيبين الرئيسيين تشير إلى أن الاحتياجات النفسية والاجتماعية ازدادت بشكل حاد، خاصة بين النازحين والأطفال والنساء.
وقالت إن 62% من المستجيبين أفادوا بأنهم أو أحد أفراد أسرهم يعانون من مشاعر قلق أو اكتئاب أو أرق مستمر، فيما تقدّم أقل من 3% من المرافق الصحية الدعم النفسي والاستشارات، وغالبًا من خلال مبادرات مجتمعية صغيرة تُديرها منظمات محلية.
وتحدث التقرير عن عدم قدرة 66% من الأسر على تلبية احتياجات التعليم لأطفالها، فيما أفادت 72% من الأسر التي لديها أطفال في المدارس بأنهم يفتقرون إلى الكتب والدفاتر والزي المدرسي.
وأوضح أن 38% من المدارس العاملة تفتقر إلى مرافق مياه صالحة للشرب، و44% لا توجد فيها مرافق صرف صحي ملائمة، و52% لا تملك أماكن منفصلة للفتيات، مما يُعد عاملًا رئيسيًا في تسرب الطالبات من التعليم.
وأشار إلى أن الكوادر التعليمية المؤهلة تغادر المناطق النائية نحو المدن أو خارج البلاد بسبب انعدام الرواتب وضعف الأمان، حيث تُدار المدارس في بعض المناطق الريفية بواسطة متطوعين أو شيوخ محليين دون تدريب تربوي.
وشدد على أن أزمة التعليم الحالية تهدد جيلًا كاملًا من الأطفال بالحرمان من التعليم النظامي، كما أن غياب التدخلات العاجلة لإعادة تأهيل المدارس وتوفير الدعم للمعلمين سيؤدي إلى انهيار طويل الأمد للنظام التعليمي.
وكشف التقييم عن معاناة 45% من الأسر في تلبية احتياجات المأوى، حيث يعيش أكثر من نصف السكان المتأثرين بالنزاع في مساكن غير آمنة أو مكتظة أو مؤقتة، مما يجعل أوضاع المأوى في السودان من بين الأسوأ في المنطقة نتيجة لدمار المنازل واستمرار النزوح وضعف الاستجابة الإنسانية.
وأظهر التقييم أن 31% من الأسر تقيم في منازل دائمة أو شبه دائمة مشيدة من الطوب أو الأسمنت، و27% تسكن في مبانٍ مهجورة، و21% تقيم في خيام أو ملاجئ مؤقتة مصنوعة من المشمعات والقش والمواد المحلية، و14% في مبانٍ عامة، و7% في العراء والأماكن المفتوحة.
وكانت 70% من الأسر السودانية تقيم في مساكن دائمة قبل النزاع.
وأبلغ 38% من الأسر، بحسب التقرير، عن تعرض منازلهم لأضرار جسيمة أو تدمير كامل، و24% أشاروا إلى أن مساكنهم الحالية تعاني من تسرب مياه أو تشققات خطيرة.
وأوضح التقييم أن 43% من الأسر تعيش في مساكن يقطنها أكثر من خمسة أشخاص في غرفة واحدة، كما أن 11% من الأسر تشارك المأوى نفسه مع أسرة أو أكثر، ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض والتوترات الاجتماعية والعنف المنزلي.
وأفاد بأن أكثر من 60% من الأسر تفتقر إلى مواد غذائية أساسية مثل الأغطية وأدوات الطبخ والملابس ومستلزمات النظافة.
وذكر التقرير أن 13% من الأسر تواجه خطر الإخلاء خلال الأشهر الستة المقبلة بسبب عدم القدرة على دفع الإيجار أو تلقي أوامر بالإخلاء من السلطات المحلية.
وبيّن أن 62% من النازحين داخليًا يعيشون في مساكن مؤقتة أو غير آمنة، فيما يقيم 48% من العائدين في منازل متضررة أو غير قابلة للسكن.
وعاد مليون شخص إلى الخرطوم من جملة 2.6 مليون فرد رجعوا إلى ديارهم بعد استعادة الجيش لولايات عديدة اعتبارًا من نهاية العام السابق، بينما لا يزال 9.5 مليون شخص نازحًا داخليًا.
وقال التقرير إن الوضع الإنساني يترافق مع أزمة حماية واسعة النطاق تتخللها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتجنيد القسري والنزوح المتكرر وفقدان الوثائق القانونية.
وأفاد بأن 31% من الأسر تعاني من مشكلة حماية واحدة على الأقل، بينما أبلغ 12% عن تجارب مباشرة مع تهديدات أو اعتداءات خلال الأشهر الستة السابقة لجمع بيانات هذا التقييم.
وأوضح التقييم أن مخاوف السكان تشمل النهب والسرقة والقصف والاعتداء الجسدي والتحرش والخطف والاعتقال التعسفي والعنف الجنسي ومخاطر الألغام والمخلفات الحربية.
وبيّن أن 26% من النساء والفتيات أفدن بأنهن يشعرن بعدم الأمان أثناء التنقل إلى الأسواق والمرافق الصحية ونقاط توزيع المساعدات، كما أبلغت 34% من الأسر في ولايات دارفور وكردفان أن الخوف من العنف ونقاط التفتيش المسلحة يمنعهم من مغادرة مجتمعاتهم بشكل منتظم.
ولاحظ التقييم أن النساء ينتقلن في مناطق مثل الفاشر والجنينة بغرب كردفان وكادوقلي بجنوب كردفان في مجموعات صغيرة أو تحت مرافقة الذكور بسبب مخاوف متزايدة من العنف الجنسي والاختطاف.
ويُعد غياب الوثائق عائقًا رئيسيًا أمام الوصول إلى الخدمات البنكية والصحية والتعليمية والمساعدات الإنسانية.
وذكرت 57% من الأسر التي لديها أطفال، طبقًا للتقرير، عن تعرض أطفالها لشكل واحد من أشكال الخطر خلال الأشهر السابقة، كما أن واحدًا من كل خمسة أطفال منخرط في أعمال أو مسؤوليات تفوق قدرته العمرية.
وكشف عن إبلاغ 11% من الأسر بأن طفلًا واحدًا على الأقل انفصل من الأسرة أثناء النزوح أو القتال أو البحث عن المأوى، كما جرى تسجيل حالات عديدة لأطفال عالقين في مناطق القتال أو محتجزين في نقاط التفتيش في شمال دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
وبيّن أن 6% من المجتمعات التي شملها التقييم أبلغت عن وجود حالات تجنيد أو استخدام الأطفال من قبل جماعات مسلحة أو أطراف في النزاع.
وأفصح التقرير عن إبلاغ 72% من الأسر عن إظهار أطفالها علامات ضيق مثل الخوف والأرق والانعزال والتبول الليلي، كما أن معظم مناطق السودان تفتقر إلى آليات. رسمية لحماية الأطفال، حيث ذكرت أقل من 5% من المجتمعات وجود مراكز حماية أو خدمات دعم نفسي.
ويواجه ملايين الأطفال السودانيين أخطارًا متعددة تشمل العنف والانفصال عن الأسرة وسوء التغذية والتجنيد القسري والتسرب من التعليم والاستغلال الاقتصادي.
نقلا عن سودان تربيون.




اترك تعليقاً